بضعة أيام ينتظرها الأكراد قبل استفتاء تقرير مصيرهم وتحقيق حلم الاستقلال الذي انتظروه لسنوات طويلة ومليئة بالمحاولات الفاشلة؛ فالدولة العراقية لم تسمح بانفصال قطعة من أراضيها لتصبح دولة مستقلة، وفي ظل تشبث الطرفين برأيهما أصبح الإقليم محفوفًا بمخاطر الحرب الأهلية والانقسام. في 7 يونيو 2017، عقد رئيس الإقليم مسعود بارزاني –المنتهية ولايته- اجتماعًا مع الأحزاب الكردية، ليتم إقرار موعد الاستفتاء النهائي في الخامس والعشرين من سبتمبر المقبل، والذي سبق تأجيله مسبقًا إذ كان من المفترض عقده في عام 2014 الماضي، وذلك في خضم الجدل والنزاع بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية للعراق. ويرى عباس البياتي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان العراقي، أن هناك معارضة شديدة لاستفتاء الأكراد من كافة مكونات وشرائح الشعب العراقي، ومن معظم الدول، وقال "من مصلحة الأكراد التراجع عن الاستفتاء وإلا سيذهبون إلى المجهول". وقال البياتي، في تصريحات لمصراوي، إن قرار المحكمة الاتحادية العليا بإيقاف الاستفتاء يعطي ورقة بيد الحكومة يستطيع أن يستخدمها في مفاوضاته مع الكرد، مؤكدًا أنه ليس هناك غطاء قانوني للاستفتاء وبالتالي لا سبيل أمامهم سوى الحوار والتوافق مع بغداد أفضل من أن يسلكوا سبيلا يؤدي بهم إلى الاصطدام مع السلطات الثلاث. وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، أمس الأربعاء، أمرًا بإيقاف الاستفتاء المرتقب حول استقلال إقليم كردستان بعد أن تقدم عدد من النواب والسياسيين العراقيين بطلبات لدى المحكمة الاتحادية لبت عدم دستورية قرار الانفصال. وتوقع البياتي أن يتراجع الأكراد عن الاستفتاء في اللحظة الأخيرة، وأنهم يبحثون الآن عن بديل، مشيرًا إلى التصريحات المتكررة لمسعود بارزاني باستعداده لتأجيل الاستفتاء في حال وجدت بدائل حقيقية وتحت ضمانات دولية. وأبدى بارزاني، في تجمع حاشد بمدينة السليمانية لدعم الاستفتاء، استعداد الإقليم للدخول في مفاوضات جدية مع الحكومة الاتحادية، بعد الاستفتاء، لحل جميع المشكلات خلال عام أو عامين، وصولاً إلى الاستقلال بشكل أخوي. وكرر بارزاني إمكانية تأجيل الاستفتاء بالشروط التي تراها القيادة الكرية قائلا: "إن أبواب الحوار ستبقى مفتوحة مع بغداد إذا توفر البديل المناسب وبضمانات دولية". وحول إمكانية تمسك الأكراد بالاستفتاء، قال البرلماني العراقي أن هذا القرار سيكون له تداعيات وضغوطات إقليمية ودولية، كما سيكون هناك احتكاكات وتوترات في المناطق المتنازع عليها. وأوضح البياتي أن المناطق المتنازع عليها ليست مناطق كردية فقط فهي مناطق بها عرب وتركمان وأيزيديين وغيرهم، وهو ما يعني أنه لا يحق للأكراد أن يلحقوا تلك المناطق بالإقليم دون إرادتهم وإرادة السلطة الاتحادية. ورجح البياتي حدوث "سيناريوهات مظلمة" إذا ما تراجع الأكراد عن قرارهم، لكنه أكد تمسك بغداد بانتهاج الطرق السلمية لإلغاء الاستفتاء، وأن السلطة الاتحادية ستقوم بحماية المدنيين في المناطق المتنازع عليها. فيما ترى نورهان الشيخ خبيرة العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن الأكراد لا يمكن أن يتراجعوا عن الاستفتاء أو حتى تأجيله بعد الحشد الكبير الذي شهده الإقليم، مشيره إلى أن تأجيل الاستفتاء يعني ضرب شرعية كل القيادات الكردية أمام الشعب الكردي. وتشير "الشيخ" إلى أن الأهمية لا تكمن في الاستفتاء ذاته، وإنما في مرحلة ما بعد الاستفتاء، قائلة "هناك بعض القيادات الكردية صرحت بأنهم يتحدثون عن استفتاء وليس عن استقلال، وهو ما سيحدث في الغالب". وتوقعت خبيرة العلاقات الدولية أن يجري الاستفتاء في موعده والذي حتما ستكون نتيجته "نعم" باكتساح، ليدخل بعدها الإقليم في مرحلة التفاوض مع حكومة بغداد. وتوضح الشيخ -في تصريحات لمصراوي- أن إقليم كردستان سيحتفظ بكل ما كان له من حقوق، بجانب أن يحصل على حقوق اقتصادية أوسع وبالأخص في مسألة استغلال النفط وتصديره ليكون له نسبة أكبر من تصدير النفط. وفي يناير الماضي، وبعدما أوقفت الحكومة المركزية في بغداد التمويل لإقليم كردستان، قام الإقليم بمحاولة تصدير النفط خلال خط الأنابيب الشمالي عبر تركيا في شهر مارس الماضي، لكن الحكومة العراقية ضغطت على الحكومات الدولية لمنع تصدير وبيع النفط. "الشيخ" أكدت أن البارزاني عندما يتحدث عن "بدائل حقيقية" عن الاستفتاء فهو يتحدث عن تلك الأمور وعن امتيازات أكبر يحصل عليها إقليم كردستان.