كاتب صحفي: انعقاد «أسبوع القاهرة للمياه» يعكس اهتمام الدولة    رئيس مجلس الشيوخ يرفع الجلسة للغد    انتصارات أكتوبر 73 وثلاثية أفريقيا    أمن الجيزة يكشف لغز العثور على جثة بكرداسة    المشدد 7 سنوات لعاطلين بتهمة الاتجار في المخدرات بكفر الشيخ    حملة رقابية موسعة لضبط الأسواق واستقرار أسعار السلع بالإسماعيلية    محافظ البحيرة: «جنبواي» و«أبو حمص» لتسيير المرور بالطريق الزراعى    6 سيارات مستعملة أقل من 150 ألف جنيه.. أبرزها نيسان صني    رئيس الوزراء : الاحتلال يمنع وصول المياه والطاقة والغذاء إلى قطاع غزة    سلامة الغذاء: تنفيذ 20 مأمورية رقابية على المصانع بالتعاون مع هيئة التنمية الصناعية بمختلف المحافظات    تقرير "القومى لحقوق الإنسان" : الحقوق المدنية والسياسية بمصر شهدت تطورا ملحوظا مع تغيرات تنفيذية وتشريعية داعمة    فى خطاب يلخص تاريخها الطبي.. تعرف علي تفاصيل الحالة الصحية ل كامالا هاريس المرشحة الديمقراطية بانتخابات الرئاسة الأمريكية    روسيا تسيطر على بلدة جديدة في شرق أوكرانيا    الزمالك يتعادل مع إيسترن كومباني ودياً بهدف لكل فريق    شرقاويتان تحصدان ذهبية وفضية بطولة العالم للكاراتية بإيطاليا    برشلونة يترقب موقف يامال مع إسبانيا في دوري الأمم    شبانة: قندوسي قد يستمر فى الأهلي ووكيله يلمح إلى ذلك    تطور في ملف صفقة الأهلي الجديدة وموعد الإعلان (تفاصيل)    «القناة» تنظم الملتقى العلمي السادس ومؤتمر البحوث التطبيقية    المرحلة الأولى 20 منفذًا.. تعاون بين "التموين" و"حياة كريمة" لتوفير المواد الغذائية للمواطنين    هيئة الأرصاد : انخفاض بدرجات الحرارة 4 درجات من الثلاثاء المقبل    «الداخلية» تواصل تفعيل إجراءاتها للتسهيل والتيسير على الراغبين فى الحصول على الخدمات والمستندات الشرطية    مهندس ينهي حياة زوجته داخل ميكروباص.. تفاصيل صادمة    جدول حفلات مهرجان الموسيقى العربية الأحد.. روائع وردة وبليغ وصوليست تشيللو    وزير التعليم العالى يُغادر إلى باريس للمُشاركة في اجتماع المجلس التنفيذي لليونسكو    القاهرة الإخبارية: الإفراج عن 12 أسيرا فلسطينيا فى جنوب قطاع غزة    بدء التشغيل التجريبي الأربعاء القادم .. المتحف الكبير يضم أول مسلة معلقة تزن 110 أطنان (فيديو)    وليد فواز: البطولة المطلقة قرار جمهور وصناعة بأكملها | خاص    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض دار المعارف للكتاب -صور    قافلة طبية تكشف على 598 مواطنا بقرية الشروق في الإسماعيلية    طبيب مصري أجرى 120 عملية في غزة: لدي أي تفسير لنجاح العمليات    الحداد يوضح الفرق بين العدوى التنفسية والحساسية    خلال مؤتمر مصر الدولي للصحة.. «جهار» تشارك بجلسة «الاعتماد كمحفز لتحول الرعاية الصحية»    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير (147) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    سكرتير المجلس الوزاري الأفريقي للمياه: أسبوع القاهرة يستهدف مشاركة المعرفة    الاحتلال عن بعد    مكتبة الإسكندرية تفتتح سفارة المعرفة رقم 27    بعد شائعة وفاته.. جان رامز: "كده تموتوا طفل وهو لسه عايش واللي كتب البوست هيتحاسب"    داعية إسلامي: الاعتقاد في الصالحين يجعلك من الأولياء    وكيل تعليم بني سويف يطمئن على انتظام الدراسة بمدرستي الكوم الأحمر الإعدادية بنين    سقوط 4 تشكيلات عصابية تخصصوا فى سرقة الهواتف والأسلاك والمواتير بالقاهرة (صور)    تخريج دفعة جديدة من معهد الرعاية والتربية بأسقفية المنيا    وزير الخارجية: مصر ستظل داعمة للتنمية بدول حوض النيل الشقيقة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 30 مواطنا على الأقل من الضفة خلال اليومين الماضيين    تقرير هجوم إيران الصاروخي على إسرائيل ألحق أضرارا كبيرة ب10 مواقع من بينها قواعد عسكرية    أهم المسابقات العلمية المشاركة في «أسبوع القاهرة السابع للمياه»    بالجداول.. البرامج التعليمية لطلاب «الرابع والخامس والسادس الابتدائي»    وزير الاتصالات يزور مركز تميز عالمي في التكنولوجيا الرقمية    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف مخيم البريج: 5 شهداء وعدد من المصابين    أسباب انتشار تطبيقات المراهنات في المجتمع    "أتمنى أن يكون معنا في معسكر نوفمبر".. الركراكي يتحدث عن إصابة بونو    ظهور بوكيتينو الأول.. أمريكا تعود للانتصارات بالفوز على بنما وديا    تشريح جثامين زوجين وأبنائهم الثلاثة المتوفين في حادث تسرب غاز بالعاشر من رمضان    العرابي: دول إفريقيا تثق في جهود مصر من أجل تعزيز السلم والأمن    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الأحد 13-10-2024 في محافظة البحيرة    "القرار كان منصف".. وكيل القندوسي يكشف كواليس جديدة في تحقيقات النادي الأهلي مع اللاعب    عالم أزهري: إعصار ميلتون هو جند من جنود الله ضرب أمريكا    القرآن الكريم| نماذج من البلاغة في كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مصراوي" في قرية الجماجم البشرية بأسيوط... وأهالي: "عضم التربة لازم يتصان"
نشر في مصراوي يوم 07 - 09 - 2017

"مش احنا اللي نرمي عضم التربة في الزبالة يا أستاذ"، كلمات استقبل بها عجوز سبعيني مراسل "مصراوي" فور الحديث المتداول بمحافظة أسيوط عن العثور على "عظام وجماجم" بشرية في قرية "مير"، التابعة لمركز القوصية.
وعلى بُعد نحو 80 كيلو مترًا من مدينة أسيوط، وصولاً لقرية مير الجديدة بالظهير الصحراوي الغربي، وبعد قطع نحو ساعتين ونصف، كان "الدليل" الذي أبدى استعداده فور استقباله اتصالاً هاتفيًا من مراسل "مصراوي" في تمام الساعة 12 ظهرًا، ينتظره على مدخل القرية "بيت القصيد".
وبدأت الرحلة بخروج كل من "المراسل والدليل" من الأرض التي تزينت باللون النباتي الأخضر، إلى طرق صحراوية فرعية، مرورًا بمقابر، ثم وصولاً إلى طريق أسيوط – القوصية – القاهرة الصحراوي الغربي..
"هو ده المكان اللي لقيوا فيه العظام والجماجم".. قالها الدليل، وإذا بالطريق المهم الذي يمثل البوابة الغربية لمحافظة أسيوط، تحول إلى "مقلب" عشوائي للقمامة، والتي تكاد تزاحم السيارات في حرم الطريق، وعلى امتداد نحو كيلو متر تنبعث الروائح الكريهة وأعداد الذباب التي فاقت الوصف، وأنواع عديدة من القمامة، والتي تعد عند بعض التجار مصدرًا للربح، غير أنهم تركوها تزداد بين الفينة والأخرى.
وبين تفقدنا لأكوام القمامة، علّنا نجد أي أثر لتلك العظام والجماجم - التي جرى دفنها بمعرفة النيابة - اقترب منا شابان مترجلان يبدو أنهما من أهل القرية، وبعد التعارف من خلال دليلي الشاب الشهير بالقرية، سألهما مراسل "مصراوي": "شوفتوا حاجة من اللي كانت هنا من العظام والجماجم؟".
أجاب الأول "سيد" وهو شاب عشريني العُمر: "سمعت عنها.. وهذه أول مرة يعثر فيها على مثل تلك العظام" ورجح الشاب أنها استُخرجت بشكل عشوائي من مقبرة خارج نطاق المنطقة تمامًا.. قائلاً: "نحن هنا لدينا ما يكفينا من المقابر، وأنت ترى مدى اتساع الصحراء، فكل عائلة تملك ما يسد احتياجاتها من المقابر لموتاهم".. وتابع ووجهه يكسوه الغضب: "لا الدين ولا الأخلاق تقول كده".
أما الشاب الثاني ويدعى "صالح" والذي يبدو في العقد الثالث من عمره، فقال: "هذا الطريق هو أول طريق القوصية - القاهرة، وأي سيارة قادمة لا تجد طريقًا غيره لتسلكه"، ورجح بشكل كبير أن تكون تلك العظام والجماجم، حاول أحد الأشخاص ممن يستولون على الأراضي الصحراوية، بوضع اليد مثلاً، التخلص منها بعيدًا عن مكان إقامته، وبعد أن تحرك على الطريق الصحراوي الغربي ووصوله إلى تلك المنطقة، قرر إلقاءها.
وأشار الشاب إلى أن الدخان المنبعث من تلك القمامة ليلاً يحجب الرؤية تقريبًا، ورأى أنه لا مجال لهذا الشخص إلا أن يلقي الجوالات في تلك المنطقة، لأن بعدها سيجد منطقة مأهولة بالسكان.
وتابع: "لو كان هذا "المجهول" من أهل المنطقة لألقى بجوالاته في الصحراء الممتدة على جانبي الطريق، إلا أن "الغريب أعمى ولو كان بصير"، مؤكدًا وجهة نظره كون الطريق ليلاً لا يمكن أن تجد له أي ملامح؛ لأن الظلام الدامس يحيط بالمكان والدخان الكثيف الذي تزاد حدته مع أضواء السيارات الكاشفة.
عدسة "مصراوي" ذهبيت إلى أقرب منزل سكني بالمنطقة، وعلى بعد نحو كيلو مترا، أرشدنا "الدليل" للانعطاف بالسيارة يسارًا، حيث منزل وسط أراض مستصلحة للزراعة لأسرة مكونة من 7 أفراد.
وفور استقبال بالغ الحفاوة يدل على بساطة أهل المنزل ومبادئهم، تجاذبنا أطراف الحديث، وتبين من خلاله أنهم فوجئوا بالشرطة وهي تمشط المكان ذهابًا وإيابًا والدخول في عمق الأراضي الصحراوية بحثًا عن حفر أو تنقيب عن الآثار، غير أنهم لم يجدوا شيئًا، فيما تبين بعد ذلك أنهم يحققون في العثور على جوالات تحوي عظامًا بشرية.
وبجملته التي قربت كل المسافات بيننا في الحديث والتي باغتني بها قال محمد البسطاوي، وهو عجوز سبعيني: "مش إحنا اللي نرمي عضم التربة في الزبالة يا أستاذ" واستكمل قائلا: "اتربينا إنه عضم التربة لازم يتصان، وحتى لو حد عايز يوسع على نفسه ويبني مقابر جديدة، بياخد العضم بكل احترام ويحفر له حفرة ويحطه ويردم عليه.. ومحدش يبني ولا يمشي من فوقه، دينا وتربيتنا علمونا كده".
ومن الروايات التي قصها خلال جلسة امتدت ساعة ونصف معه وأسرته، أنه في عام 2005 جاءت لجان لتنفيذ "مجسات" أرضية لمعرفة مدى صلاحية التربة للزراعة أم لا، وفوجئوا أثناء الحفر بعمق نحو متر ونصف، بوجود مئات الجثث التي أرجعوها حينها للرومان، نظرًا لطول قاماتهم وكبر حجم جماجمهم، وجرى تسوية وردم تلك المنطقة بالكامل احترامًا لتلك الجثث، ومنذ ذلك اليوم لم يسمعوا عن أي شخص وجد عظامًا أو ما شابه.
وتكثف مباحث أسيوط من جهودها للكشف عن مصدر "عظام وجماجم" بشرية في 16 جوال عثر عليها أهالي عن طريق الصدفة يوم 23 أغسطس الماضي، بقرية مير التابعة لمركز القوصية، لا سيما بعد العثور على جوالين آخرين في ذات المكان اليوم الأربعاء.
وكان اللواء جمال مصطفي شكر، مدير أمن أسيوط، تلقى إخطارًا من شرطة النجدة، يفيد العثور على "جوالات" بها عظام بشرية مجهولة، بعدها أخطرت النيابة العامة التي أمرت بدفنها في مقابر الصدقة التابعة للوحدة المحلية بمركز القوصية.
وأوضح مصدر أمني بمديرية أمن أسيوط، أن التحريات التي أجراها ضباط المباحث، أكدت تنظيف أحد المواطنين إحدى المقابر الخاصة، وتجميع القمامة والمخلفات وبعض الرفات والعظام لجثث قديمة في المقبرة وإلقائها خارج التربة بالقرب من الطريق العام بجوار مقلب قمامة، يضم مخلفات المنازل، انتظارًا لقيام عمالة مجلس المدينة بتجميعها وإزالتها.
وأهاب المصدر بالمواطنين عدم الركض وراء الشائعات التي من شأنها أن تبدد السلم العام وتؤثر سلبًا على حياة المواطنين بإثارة الرعب والفزع في نفوسهم.
وقالت هويدا الشافعي، رئيس مركز ومدينة القوصية، ل"مصراوي"، إنه فور العثور على تلك العظام والجماجم، جرى دفنها بعد استئذان النيابة العامة، وللآن لم يتم التوصل إلى مصدر تلك العظام، في الوقت الذي تواصل الجهات الأمنية التحقيق.
وأشارت إلى أنه جرى العثور على جوالين آخرين، اليوم الأربعاء، تحويان عظامًا بشرية وفي انتظار قرار النيابة العامة لدفنهما.
من جهته، قال راشد أبو العيون، عضو مجلس النواب عن مركز القوصية: إن هناك عدة روايات بين أهالي القرية عن الحادث، بعضها يقول إن الجثث تخص عائلة واحدة كان بينهم نزاع، فاستخرج البعض الجثث من المقبرة وألقوها على الطريق، ثم قام الآخرون بالرد عليهم انتقامًا منهم.
أما الرواية الثانية، والتي توافق قول الشاب الثاني، فتفيد باستصلاح أرض صحراوية، وأنه أثناء استخدام معدات الحفر ظهرت مجموعة من الجثث من الأرض، وألقوها في المكان الذي وُجدت فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.