وزارة العمل في 7 أيام.. "حوار اجتماعي" بشأن مشروع القانون الجديد (إنفوجراف)    نائب رئيس جامعة الأزهر: العلم الذي دعا إليه الإسلام لم يقف عند العلوم الشرعية أو العربية    سعر الريال السعودي اليوم السبت 19-10-2024 مقابل الجنيه المصري بالبنوك    ثبات قوي في أسعار اليورو أمام الجنيه المصري في 19 أكتوبر 2024: تحليل شامل للحالة الراهنة    نائب وزير الإسكان يترأس ورشة العمل الخاصة بإطلاق الاستراتيجية القومية لمياه الشرب    غدا.. وزير البترول يفتتح فعاليات مؤتمر حوض البحر الأبيض بالإسكندرية    عاجل: ارتفاع أسعار الدولار أمام الجنيه المصري اليوم    مساعد وزير البيئة تتفقد منظومة عمل مكافحة السحابة السوداء بالدقهلية والشرقية    مدبولي: الجانب الأكبر من زيارة محافظة المنيا سيخصص لمشروعات "حياة كريمة"    إذاعة جيش الاحتلال: المنظومة الأمنية تعتبر وصول مسيرة لمنزل نتنياهو «فشلا خطيرا»    برلماني: كلمة الرئيس السيسي بتجمع البريكس تعزيز لرؤية مصر في التعاون الدولي    «صحة غزة»: الجيش الإسرائيلي يحاصر مستشفى الإندونيسي ويقصفه في شمال القطاع    كولر يخصص فقرة لركلات الترجيح في تدريبات الأهلي    «سيدات يد الأهلي» يلتقي مع أوتوهو الكونغولي على المركز الثالث لبطولة إفريقيا    مواعيد مباريات اليوم السبت 19-10-2024 في جميع المسابقات والقنوات الناقلة    عاجل.. قرار «مدوي» جديد من فيفا مع منتخب مصر وحسام حسن بعد نهاية أجندة أكتوبر    السوبر المصري|عمر كمال: نسعى لإسعاد جماهير الأهلي ودوافعنا كبيرة للتتويج باللقب    تشكيل يوفنتوس المتوقع اليوم أمام لاتسيو في الدوري الإيطالي    مصرع شخص صدمته سيارة نقل يقودها طفل بالصف    ضبط 24 تاجر مخدرات في 5 محافظات بحوزتهم مضبوطات بقيمة 30 مليون جنيه    ضبط 26 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط كهربائي متهم بالتلاعب في العدادات مُسبقة الدفع بالدقهلية    السجن سنة لعاطل هتك عرض فتاة بالسلام    مرشد سياحي: الدولة تروج لتعامد الشمس في معبد أبو سمبل بشكل مثالي    سمير العصفورى: المسرح بخير l حوار    محافظ أسيوط: مبادرة الكشف المبكر عن الالتهاب الكبدي الوبائي تستهدف فحص 110 آلاف من طلاب المدارس    رئيس الوزراء يتفقد مستشفى سمالوط المركزي في بداية جولته بالمنيا    «أمن المنافذ»: ضبط 2813 مخالفة مرورية وتنفيذ 291 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    الاحتلال يزعم اغتيال نائب قائد منطقة بنت جبيل في حزب الله    التضامن: خطوط الوزارة الساخنة تستقبل 225 ألف اتصال خلال سبتمبر    ارتدوا الملابس الخريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    5 لاعبين أمام المحاكم.. ضرب إمام عاشور وسحر مؤمن زكريا الأبرز    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    بالصور- إقبال على حملة "انطلق" لقياس الذكاء وتقييم مهارات الأطفال بجنوب سيناء    جامعة الأقصر تنظم ندوة تثقيفية عن انتصارات أكتوبر    مركز سقارة ينظم دورة للعاملين بالمحليات عن دورة "الخريطة الاستثمارية لمصر "غدا    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    4 آلاف من أطباء الزمالة المصرية سجلوا لحضور النسخة الثانية من المؤتمر العالمي «PHDC'24»    «8 زلازال في 20 يومًا».. عباس شراقي يكشف أسباب الزلزال المتكررة في إثيوبيا وخطورتها    الجيش الإسرائيلي: سقوط عدد من الصواريخ في طبريا دون تسجيل إصابات    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    فرنسا تحث على دعوة أوكرانيا للانضمام إلى حلف "الناتو" فورا    لا داعي للأدوية.. وصفات طبيعية كالسحر تخلصك من الإمساك في 30 دقيقة    تجمع «بريكس» يدعم إنشاء تحالف للطاقة النووية    منتج عمر أفندى يكشف حقيقة وجود جزء ثان من المسلسل    مدحت العدل: هناك فرق بين الموهوب والموهوم.. وهذه مواصفات النجم    المخرجة شيرين عادل: مسلسل تيتا زوزو مكتوب بمصداقية ويناقش مشكلات حقيقية    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    اللواء نصر موسى يحكي تفاصيل ساعة الصفر في حرب أكتوبر    وزير الخارجية اللبناني: استمرار إسرائيل في سياسة المجارز سيؤدي إلى مزيد من التطرف    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    كيف تطور عمر مرموش مع آينتراخت فرانكفورت؟.. المدير الرياضي للنادي الألماني يوضح    رابطة الأندية تستعد للإعلان عن رئيس لجنة المسابقات الجديد    حضور كبير في حفل تامر عاشور بمهرجان الموسيقى العربية.. كامل العدد    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''حنا'' العائد من ليبيا.. للغربة وجه واحد
نشر في مصراوي يوم 30 - 01 - 2015

عصفت الأيام بكل ما لديه من صبر فضربت به عرض الحائط، تضارب أيام العمل وعدم استقرارها حطمت كل ذرات الأمل في أن يحظى بحياة أفضل حتى لاحت فكرة الهروب من كل ذلك واضحة جلية، لم يكن الرحيل خيارٌ سهل في بادئ الأمر، لحظات تفكير اعتصرت عقل ''حنا النقاش'' قبل أن يتخذ قراره بترك 32 عام وراءه ويلملم ما تبقى من نفسه المحطمة ويشد الرحال على بلد آخر، لعله يجد هناك ما فشلت محاولاته في الحصول عليه في مصر.
''سرت'' المتطرفة
كانت ليبيا هي الوجهة التي قرر ''حنا'' أن تكون بدايته الجديدة، بالطبع لم تكن هي البلد الأفضل ولكنها كانت المتاحة منذ عامين تقريبا، أيام طويلة قضاها بين أهالي مدينة ''سرت'' لم يرى فيها ما ينم عن سلوك عنصري أو متطرف، حتى وقع حادث مقتل الدكتور مجدي صبحي وزوجته بنفس المدينة، فبدأت المخاوف تتسرب إلى قلب ''حنا'' وكل مسيحي يعمل هناك ''سرت من المناطق الآمنة جدًا، كانوا عارفين إني مسيحي، لكن الفكر المتطرف ده دخل ازاي أنا مش عارف''، ألقاها الشاب الثلاثيني باستنكار، مشيرًا إلى تنظيم أنصار الشريعة الذي كان وراء حادث مقتل الدكتور وحوادث الخطف التي تلت ذلك.
باتت الحياة في ''سرت'' صعبة ومقلقة، الترقب يحيط بالمسيحيين وتخوفاتهم تتجسد أمام أعينهم لزملاء لهم في مدن أخرى ''الوضع مبقاش آمن ومن هنا بدأت المخاوف وكان الحل إننا نسيب البلد''، انهارت أحلام الشاب الثلاثيني التي ترك ''حاله ومحتاله'' في مصر وظن بأنه من الممكن أن يجد ما نشده من عمل وحياة كريمة في بلد آخر، سبعة منهم قرروا العودة إلى مصر هم من اتخذوا المبادرة وقرروا المجازفة ''قالولنا احنا هنمشي وكان الكلام إننا نسافر وراهم على طول، وبعد ما مشيوا بساعتين تقريبا جالنا اتصال من حد فيهم وقال إنهم اتخطفوا واللي خطفوهم ملثمين''.
كلاهما مُر
التردد كان سيد الموقف، هل الرحيل والمخاطرة بالتعرض للخطف هو الحل الأسلم، أم من الأفضل المكوث داخل ''السكن'' والاكتفاء بالتواري عن الأنظار، لم تكن مساحة الوقت الممنوحة لحنا ومن معه كافية لاتخاذ القرار السليم، سيارات دفع رباعي طوقت السكن الذي يُقيم به حنا والتي اتخذت في هيئتها الشكل العربي ''البيوت هناك نظام عربي، عبارة عن أحواش وكل حوش فيه سكن أو اتنين، وكل بيت فيه حوشين وبيحيطهم سور'' وصفها حنا بمحاولاته لتقريب الشكل إلى الذهن، وقع الأقدام والطرق على الأبواب كان كافيا ليتيقن أن دورهم قد حان، ''كانوا 14 واحد ملثمين وكان معاهم سلاح تقيل خبطوا على الناس اللي فى السكن اللي جنبنا وسألوهم انتوا مسيحيين ولا مسلمين''.
لم يكن يتوقع المسيحيين أن الاحتفاظ بنسخة صغيرة من الصليب على رسغ اليد كقيمة روحانية سيتسبب لهم في يوم بمقتل أحدهم، يقول ''حنا'': ''كانوا بيطلبوا منهم يكشفوا أيدينا علشان يشوفوا في صليب ولا لأ، وكنت شايفهم بيربطوهم من إيديهم بحزام بلاستيك ورا ضهرهم''.
بأنفاس مكتومة هرول ''حنا'' إلى الهاتف ليستعين بمالك السكن ولكن الرد جاء بعدم قدرته على التدخل في الأمر خاصة وأن الغرباء كانوا مسلحين، المشهد كان مُهيبًا؛ راقبه ''حنا'' من خلف أحد الشبابيك الموجود بالسكن ''كنا مرعوبين، منظر السلاح والوقت متأخر.. فزع''، مرت دقائق طويلة قبل انصراف المسلحين ومعهم 13 شخص كانوا حصيلة هذه الليلة 2 يناير.
في طريق العودة
صباح اليوم التالي حضر مالك السكن، والذي أكد أن وجود ''حنا'' وزملاؤه في سرت بل وليبيا كلها أصبح صعب، وحثهم على ترك البلد في أسرع وقت ''خرجنا من السكن وقضينا يوم كامل في الجبل، وبعدها كلمت حد مصري معرفه وقالي تعالوا اقعدوا عندي لحد ما ادبرلكم عربية تمشيكم بره البلد''، كانت السيارة التي ستقل ''حنا'' وزملاؤه جاهزة وبعد تواصلهم مع أشخاص في نفس الظروف وصل عددهم إلى 16 شخص جاهزين للعودة إلى مصر.
الصعوبات التي واجهت المجموعة منذ أن قرروا العودة لم تنته عند هذا الحد، يقول حنا ''بعد ما ركبنا العربيتين طلب السائق في نص الطريق فلوس زيادة على كل فرد، واحنا مكنش معانا فلوس كتير، أصل السواق ده هو اللي كان وصل السبعه الأولانيين وابتزهم برضه قبل ما يبلغ عنهم ويتخطفوا''، مبرر ''حنا للاستعانة بالسائق الذي أوشى بأصدقائه كان لأنه الوحيد الذي يعلم خبايا الطرق وهو القادر على إخراجهم منها.
بعد مفاوضات استطاع حنا أن يخفض قيمة الفرد من 100 دينار إلى 60 دينار وكان الاتفاق أن يصل بهم إلى الجمرك المصري، قطع الفارون من الجحيم في ليبيا مسافة طويلة حتى أصبحوا على بعد 80 كيلو من الجمرك المصري وهنا كانت مفاجأة أخرى ''وصلنا لمنطقة اسمها مساعد والسواق قال إن العربية عطلت، وكلم عربيتين تانيين علشان ياخدونا بس قالنا كل واحد هيدفع 20 دينار زيادة وطبعا احنا رفضنا''، رفض المجموعة لدفع المزيد لم يكن فقط لمجرد العند ولكن لأنهم تركوا ورائهم كل ما جمعوه من نقود وملابس ومقتنيات وفروا ب ''هدوم النوم'' كما أكد ''حنا''.
صعدت المجموعة مرة أخرى إلى السيارات التي تم استبدالها دون أن يدفعوا دينار آخر ''كنا مطمنين لأن المنطقة تابعة للجيش المصري ومكانوش هيعرفوا يعملوا حاجة''، قطعوا المسافة المتبقية حتى وصلوا إلى الجمرك المصري حينها فقط شعروا بأنهم استردوا أرواحهم التي ظلت خارج أجسادهم طوال يومين حفتهم فيها المخاطر من كل جانب.
الترقب مستمر
التجربة التي اختبرها ''حنا'' تركت آثار لن تمحوها الأيام بسهولة ''لغاية دلوقتي أعصابي مش مستقرة، مش قادر أنسى الموقف، أول مرة اعيش حاجة زي دي''، ولكنه عاد مرة أخرى تاركًا خلفه آمال ترك مثلها قبل أن يرحل إلى ليبيا ''أنا راجل صنايعي يوم شغل وعشرة لأ، محدش بيرفص النعمه لو كنت لقيت شغل هنا مكنتش فكرت في السفر والمنيا أصلا من المحافظات المعدومة، نفسي محدش تاني يسألني ايه اللي خلاك تسيب البلد''.
حتى الآن مازال ثلاثة أفراد من عائلة حنا عالقين بليبيا بعد خطفهم من قبل الجماعات المسلحة، ''ابن اخويا واتنين ولاد عمي مخطوفين هناك، منعرفش عنهم حاجة لغاية دلوقتي''، تصريحات السفير بدر عبد العاطي وزير الخارجية بعدم وجود معلومات مؤكدة عن المختطفين، وعدم وجود وسائل لها لتأمين الأرواح في ليبيا، زادت من القلق الذي يعيشه حنا وعائلته، فعلى الرغم من ترددهم على الوزارة لاستطلاع الجديد إلا أنهم لم يجدوا ردا شافيا حتى الآن ''احنا صعايدة وعندنا اللي بيموت بيتنسي بعد 3 أيام، لكن دول احنا منعرفش عنهم حاجة، وقوع البلاء ولا انتظاره''.
من وجهة نظر حنا الدولة لم تتخذ أي خطوة ايجابية في سبيل عودة الأقباط المختطفين ''مصر مش عاجزة انها تجيب الناس دي'' بعفوية نطقها، واستشهد بقصة اختطاف الطيار الأردني من قبل جماعة داعش فعاد خلال 24 ساعة ''دي دولة عارفه قيمة الفرد فيها مش بتقول لأولادها احنا حذرنا ايه اللي وداكم هناك''، رغم استياءه إلا أن حنا مازال معلقا آماله على خروج الرئيس عبد الفتاح السيسي ليطمئن أهالي المختطفين بأي معلومات جديدة عن ذويهم المختطفين هناك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.