تحتفل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة ''اليونسكو'' غدا الثلاثاء باليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية 2013 تحت شعار '' افعل شيئا واحداً من أجل التنوع والشمول''. ويهدف هذا اليوم إلي تزويد العالم بفرصة من أجل تعميق مفهوم قيم التنوع الثقافي ويعلم الشعوب كيف تعيش سوياً بشكل أفضل. وتستمر اليونسكو بالترويج لزيادة الوعي حول طبيعة العلاقة الماسة والضرورية بين الثقافةوالتنمية وأهمية الدور الذي يجب أن تلعبه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في هذه العلاقة. وفي عام 2011، دشنت يونسكو وتحالف الأممالمتحدة للحضارات الحملة الشعبية ''افعل شيئا لأجل التنوع والشمول''، احتفالا باليوم الدولي السنوي للتنوع. وتهدف حملة عام 2013، من خلال تشجيع الأفراد والمنظمات من كل أنحاء العالم على القيام بأعمال حاسمة لدعم التنوع من خلال رفع الوعي على مستوى العالم بشأن أهمية الحوار بين الثقافات، وأهمية التنوع والشمول ؛ وبناء مجتمع عالمي من أفراد ملتزمين بدعم التنوع في كل إيماءة من إيماءات الحياة اليومية الفعلية ؛ والحد من الاستقطاب ومكافحة القولبة والتنميط، بغرض تحسين التفاهم والتعاون بين الأفراد المنتمين إلى ثقافات مختلفة. وأشارت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو في رسالتها بهذه المناسبة إلي أنه لم يبق علي الموعد النهائي لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية في عام 2015 سوي أقل من ألف يوم ، وقالت ''علينا أن نبذل كل ما فى وسعنا لتسريع وتيرة التقدم علي هذا الطريق ''.
وعلي الرغم من أن الثقافة والتنوع الثقافي لا يشكلان جزءاً من الأهداف الإنمائية المعترف بها دولياً إلا أنهما يمثلان عاملين أساسيين في حث الخطي صوب هذه الأهداف والإسراع في تلبيتها. وفي هذا العصر الجديد المقيد بحدوده،يمثل الإبداع البشري والابتكار طاقة هائلة ومتجددةقادرة علي صنع آفاق جديدة وتوسيع حدود الرؤية والفعل الإنساني. وهنا تتكشف الأهمية البالغة للتنوع الثقافي بوصفه منبعاً للإبداع والحيوية والإستدامة، لذلك يجب علينا أن نعترف بهذه القدرةالتي ينطوي عليها هذا التنوع ونعمل علي دعمها وتشاطرها بالاستناد إلي حقوق الإنسان والقيم العالمية.
وأشارت إلي أن هذا هو مغزي إعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي لعام 2011 الذي تجلت اليوم أهميته وضرورته أكثر من أي وقت مضي، لاسيما وأن الحكومات تعيد النظر في استراتيجيات النمو المستدام وتبحث عن مصادر جديدة للحيوية والنشاط. ونحن نتقدم نحو عام 2015 ونعمل علي وضع خطة جديدة للتنمية العالمية ، ويجب علينا أن نستفيد استفادة قصوي من الثقافة والتنوع الثقافي. الثقافة محرك للتنمية
وذكرت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكوأن موقف اليونسكو واضح ، فهي تعتبر الثقافة محركاً للتنمية مدفوعة بنمو قطاع الثقافة والصناعات الإبداعية والمنافع الناشئة عن صون التراث الثقافي المادي وغير المادي . والثقافة أيضا من العوامل التي تنهض بالتنمية المستدامة وتعززها ،أي في السياق الذي يمكن لسياسات التنمية أن تتقدم فيه إلي الإمام بكفاءة وقدرة علي التأثير من خلال الملكية المحلية. الحوار بين الثقافات وفي هذا السياق يمثل الحوار بين الثقافات مسألة أساسية لتحقيق الاستفادة القصوي من التنوع الثقافي وتعميق جذور التنمية وتقاسم فوائدها، وسنة 2013 سنة مهمة لتسليط الضوء علي هذه القضية ورفع لوائها. وشددت بوكوفا علي أن هناك قرارين بشأن الثقافة والتنمية اعتمدتهما الجمعية العامة للأمم المتحدة في عامي 2010 و2011 يجب أن نتخذهما أساساً نبني عليه لدفع عجلة النقاش إلي الإمام في المحافل الدولية ومنها ، مؤتمر هانغشو الدولي في الصين الذي ينعقد هذا الشهر، والمناقشة الموضوعية بشأن الثقافة من أجل التنمية الستدامة التي دعا إلي عقدها رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في يونيو، والاستعراض الوزاري السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بشأن العلوم والتكنولوجيا والابتكار . ومن هذه الأسس ، إمكانات الثقافة من أجل تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الذي سيجري في يوليو،بمناسبة إطلاق الإصدار الثالث من تقرير الاقتصاد الإبداعي، الذي تشترك اليونسكو وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي في تأليفه في شهر يوليو. وأكدت بوكوفا أنه يجب علينا في زمن التغيير والتحويلات هذا أن نقوم بتوسيع نطاق النقاش بشأن التنمية من أجل الاستفادة من القوة التحويلية للثقافة وتسخير كافة إمكانياتها.
التنوع الثقافى يسهم فى معالجة الفقروالاعتراف بالتنوع الثقافي ودعمه أمر من شأنه الإسهام في معالجة أبعاد الفقر علي المستويالاقتصادي وعلي صعيد حقوق الإنسان في آن واحد وتوفير حلول مبتكرة وشاملة لقضايا معقدة إبتداء من الصحة والبيئة وحتي تعزيز المساواة بين الجنسين والتعليم للجميع . وشددت بوكوفا علي أن بمقدور الثقافة بكل أنواعها أن تعزز الشعور بالهوية والتماسك المجتمعي في وقت الشك وانعدام اليقين،فضلاً عن أنها تشكل مصدراً أساسياً للإبداع والابتكار. وعلي ذلك لا يمكن لأي تنمية أن تكون مستدامة بدونها. أن العالم الذي نعيش فيه يتشكل من أمم وشعوب مختلفة، فهي أعراق وأجناس ولغات متعددة متنوعة، غير أن ثمة قيم ومثل عليا تتوحد حولها هذه الأمم والشعوب وتشكل بالنسبة لها إرثا مشتركا ينبغي حمايته والدفاع عنه. لقد أصبحت جهود البلدان اليوم تتجه نحو خلق تنمية مستدامة تضمن لجميع الشعوب حياة آمنة في جو من الإخوة والانسجام، وذلك من خلال استغلال وتوجيه التنوع الثقافي لصالح جهود التنمية ومحاربة الفقر والأوبئة التي تجتاح مناطق عديدة من العالم ، إن التنوع داخل المجتمع الواحد يمكن أن يستغل كحافز للتنمية والاستقرار إذا ما كرست الجهود الحكومية وغير الحكومية لذلك، وهو ما يمكن أن يحدث عن طريق خلق برامج وأنشطة مهتمة بهذا المجال. لقد قطعت موريتانيا أشواطا هامة في هذا المجال، حيث تساهم مختلف مكونات الشعب في تكريس التنوع الثقافي لصالح تنمية وتطوير البلاد ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، وذلك من خلال العمل على محاربة الأمية والتصدي للبؤس والمجاعة وكل ما يعيق التقدم. وبفضل الجهود الدولية التي تبذلها منظمات متخصصة (اليونسكو،والأيسسكو) أصبح بمقدور الشعوب الاستفادة من الاختلاف الثقافي والإسهام بعملهما في المحافظة عليه للأجيال القادمة. فجميع الثقافات ثقافات خلاقة ودينامكية، مع أن كل واحدة منها تبقى فريدة من نوعها، وهشة وغير قابلة للاستبدال . ذلك أن أية حضارة قد تهمل خلال جيل واحد قد تتعرض للضياع إلى الأبد. وبالتالي فمن الحاسم أن نخلق جوا يتيح لجميع الثقافات أن تتفتح بكل حرية. إن التنوع الثقافي العالمي ينبغي أن يشكل دافعا نحو تعزيز الاحترام والاعتراف للآخر بما لديه من خصوصيات وتقاليد ومميزات،إذ لم يعد ممكنا ولا مقبولا التطرف والتزمت وإقصاء الآخر في عالم القرية الكونية الواحدة، عالم يتجه للتقارب والتوحد وإرساء قواعد ثابتة للتلاقي والتبادل على أسس متينة من الاحترام المتبادل. الحوار بين الحضارات ودوره فى إقرار الأمن والسلم إن الإرادة المشتركة التي تحدونا جميعاً في الإسهام من خلال تضافر جهودنا في سبيل صناعة المستقبل المزدهر للإنسانية ، وتشبثنا بالقيم الإنسانية وتعلقنا بمبادئ القانون الدولي التي تستلهم روح الحضارات والثقافات الإنسانية المتعاقبة عبر العصور، تحتم علينا بذل جهود مضاعفة لتشجيع فكرة الحوار بين الحضارات والثقافات والإسهام في دعم جهود المجتمع الدولي المبذولة على أكثر من صعيد ، من أجل إقرار الأمن والسلم في العالم ، وإشاعة روح التسامح والتعايش بين الشعوب والأمم ، من خلال تعزيز الحوار الموضوعي النزيه بين الحضارات والثقافات. إن تحقيق فعالية أكبر وجدوى أعمق للحوار بين الحضارات والثقافات يقتضي التوسّع في إقامة منتديات عالمية تتوزَّع على أكثر من منطقة وإقليم ، تقوم على مبادرات من المؤسسات والمنظمات ذات الاهتمام المشترك ، ومن الجامعات والمحافل الثقافية والأكاديمية، على أن تُكرَّس جهودها لإشاعة قيم الحوار والتعايش ، بما يمهد السبل نحو التقارب والتفاهم ، تعزيزاً للروابط الإنسانية التي تجمع بين الشعوب والأمم. ومن الضروري الحرص على أن يقوم الحوار بين الحضارات والثقافات على قاعدة الاحترام المتبادل بين المنتسبين لهذه الثقافات والمنتمين لهذه الحضارات جميعاً، ويحمي مبادئ الحق والعدل والإنصاف، ويكون دافعاً مساعداً لمساعي المجتمع الدولي من أجل تعميق التسامح واستتباب الأمن والسلام والتعايش الثقافي والحضاري الشامل بين البشر. إن التحدي الأبرز الذي يواجهنا اليوم هو إخراج هذا المصطلح من الزاوية السياسية الضيقة، وتقديمه في إطاره الصحيح،ذلك إن الكثيرين حول العالم وخاصة في العالم العربي والإسلامي أصبحوا ينظرون إلى العولمة على أساس أنها أداة للهيمنة والغطرسة وسيطرة القوي على الضعيف وابتلاع السريع للبطيء، غير أن ظاهرة العولمة من منظور الشمولية الكونية - باتت تطال المجتمعات الوطنية والقومية في مقوماتها الثقافية الأساسية ( الفكر واللغة والآداب والفنون والتاريخ والعادات والتقاليد وحتى أنماط العيش والسلوك). وليس الانكماش والانطواء على الذات هو الوقاية من ''هذا الوحش'' المتوهم ، بل إنه بإمكاننا أن نتعامل مع العولمة على أنها تطور هائل في التقنيات ووسائل المعرفة وأن هذا التطور ليس موجه ضدنا بالضرورة وإنما هو لصالحنا إن نحن استخدمناه الاستخدام السليم الذي يمكننا من الحفاظ على هويتنا الثقافية في ظل تعاطي إيجابي مع العالم والمستجدات الدولية في هذا المجال. ويعتبر التنوع الثقافي مصدرا مهما في مجال هوية الإنسان وحقوقهالأساسية. واختلاف الثقافات الذي يحيط بنا اليوم هو نتاج لآلاف الأعوام من تفاعل الإنسان مع الطبيعة والعلاقات بين شعوب ذوي أعراف ومعتقدات وأنماط عيش مختلفة. فعلينا أن نجد طريقة ننقل بها للأجيال المستقبلية هذا الإرث الذي لا تقدر قيمته بثمن.
كما أن توظيفه توظيفا سليما من خلال التواصل والحوار وتجذير روح المحبة والتآخي بين أبناء المجتمع الواحد بمختلف أعراقه وثقافاته ، يعتبر صمام أمان وضامنا أساسيا لحوار حقيقي يشكل سندا قويا للتعايش والتواصل الحضاري. وفى إطار الاحتفالات التى تقيمها اليونسكو بمناسبة اليوم الدولى للتنوع الثقافى والحوار والتنمية ، نظم نادي اليونسكو الثقافي الموريتاني حلقات حوارية شملت العديد من المؤسسات المدرسية حول طرق ووسائل وآليات للتوعية بأهمية تجذير مفهوم التنوع الثقافي والعمل على إزالة العراقيل التي تقف حاجزا دون تحقيق الاندماج المطلوب بينكل مكونات وأعراق المجتمع الواحد.