انتقد الاتحاد العام للغرف التجارية زيادة الحكومة للرسوم الجمركية على بعض السلع المستوردة في الفترة الأخيرة من خلال قرارات يتم اتخاذها بناءاً على أرقام وبيانات وصفها بغير الصحيحة. وقال أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد خلال بيان شديد اللهجة اليوم الاثنين، إنه بالرغم من تأخر تعافي الاقتصاد بسبب ندرة الاستثمارات وانخفاض السياحة وتأخر اتفاقية صندوق النقد، والذى سيستمر لحين استقرار الوضع السياسي والأمني، إلا أن هناك أصوات مصممة على ترك بصماتها المدمرة التي ستؤدي لرفع الأسعار وخفض الصادرات وزيادة البطالة وتحويل مصر لجزيرة منعزلة طاردة للاستثمار غير قادرة على خلق فرص عمل لأبنائها، وتابع "للأسف سيدفع الشعب المصري بكافة طوائفه ثمن تخبط الحكومة المؤقتة، لسنوات عديدة قادمة". وأضاف "الوكيل" أنه بدلاً من احترام الحكومة المؤقتة لالتزامات مصر الدولية، وإزالة معوقات التجارة والصناعة والاستثمار، وإرسال رسالة للعالم بأن مصر الثورة هي المستقبل، تنادى أصوات بأن تستمر مصر في مسلسل الانغلاق الطارد للاستثمارات، بسياسات عفا عليها الزمن، تعود بنا إلى عقود ماضية، سمحت لدول أخرى بأن تكون مركز التجارة والخدمات بالشرق الأوسط، بالرغم من مميزات مصر الواضحة، وستؤدي لأن تصبح تونس والمغرب مركز الاستثمارات الصناعية بدلاً من مصر. وأشار إلى أنه بالرغم من موقع مصر الجغرافي، وفارق حجم السوق والقاعدة الصناعية والموارد البشرية، نجحت تلك الدول، مثل مختلف دول العالم التي اتجهت نحو سياسات تعتمد على زيادة العرض الكلي، وليس على إدارة الطلب. وتابع : " اليوم تخرج لنا الحكومة وأصوات تنادي بمقترح لزيادة الرسوم الجمركية والغير الجمركية على بعض السلع تامة الصنع مما سيؤدى لموجة جديدة من زيادة الأسعار للمنتجات المستوردة، وستليها زيادة المنتجات المحلية، كما حدث في الشهر الماضي في الحديد والسكر، وللأسف سيتحمل فاتورة القرار 90 مليون مستهلك مصري، وسيلقى اللوم على التجار الجشعين". ولفت إلى أن الحكومة وهذه الأصوات الأخرى تستند في قرارها ومقترحاتها إلى أرقام مغلوطة ومبالغ فيها، حيث تنادي بزيادة الرسوم الجمركية والغير الجمركية على ما أسمته السلع الاستفزازية، وهي بذلك تضرب ما بقى من الصناعة والسياحة في مقتل - على حد وصفه -. وقال "الوكيل" خلال بيانه "تارة يقال أن مصر تستورد ما قيمته 600 مليون دولار جمبرى، بينما الواقع هو 90 مليون دولار فقط متضمنة كافة المنتجات البحرية بخلاف الأسماك، يستخدم 81% منها قطاع السياحة، وبالمثل، يقال 500 مليون دولار تفاح، بينما الواقع هو 134 مليون دولار فقط، 76% منها للصناعات الغذائية التصديرية، وبالمثل 233 مليون دولار لأكل القطط والكلاب، بينما الواقع هو 4.3 مليون دولار فقط غالبيته لا غنى عنه لشركات الحراسة ووزارة الداخلية لحماية المنشآت السياحية". وأضاف أن الأثر السلبى لن يكون فقط على قطاعات الصناعة والسياحة وإمكانية المعاملة بالمثل في الأسواق التصديرية، ولكن سيتجاوز ذلك إلى الحد من الموارد السيادية المتمثلة في الجمارك وضرائب المبيعات، وأن تلك المنتجات ستدخل مصر في جميع الأحوال من خلال التهريب وتجارة الشنطة التي فشلت مصر في الحد منها سابقاً في ظل تواجد أمني قوي.
ونبه رئيس اتحاد الغرف التجارية، إلى أنه بدلاً من قيام الحكومة بدورها في دعم الصناعة، والذى كان يدار بنجاح، من خلال توفير آليات لدعم تلك الصناعات، سواء من خلال مركز تحديث الصناعة الذي تم وأده، أو برامج التدريب التي تم تجميدها، أو صندوق دعم الصادرات الذى تم خفض موازنته وتأخر سداد التزاماته - بحسب البيان -، تنادى تلك الأصوات بنقل دور دعم الصناعة إلى المستهلك المصري الذى يعاني أصلاً من ارتفاع تكلفة المعيشة، وانخفاض دخله. ولفت إلى أن عجز ميزان المدفوعات ليس مسئولية المستهلك المصري، الذي من حقه أن يحصل على أجود سلعة بأرخص سعر، وأنه من حقه طبقاً للمادة الثانية من قانون حماية المستهلك رفع دعوى قضائية على الحكومة "لتقيدها لحقوقه"، و"اقتضاء تعويض عادل عن الأضرار التي تلحق به أو بأمواله". وواصل "الوكيل" بيانه قائلاً "تناست تلك الأصوات أن السلع تامة الصنع لا تشكل نسبة كبيرة من الواردات، حيث أن السلع الاستهلاكية المعمرة لا تتجاوز 4.71% من جملة الواردات، وجزء كبير منها من دول الاتفاقيات التي لن يطبق عليها أي زيادة بالجمارك أساساً، كما أن غالبيتها لا يتم تصنيعها محلياً أصلاً، والفائدة التي ستعود على الاقتصاد أقل بكثير من الضرر طويل الأجل الذي سيتسبب فيه مثل هذه القرارات الحمائية". وقال إنه يجب عدم التحدث عن الاستيراد كرقم مطلق ولكن يجب تحليله التحليل العلمي الذي يتفق مع النظرة الشاملة وهى بالدولار كما يلى: سلع استثمارية (معدات وآلات) 7.88 مليار، 14.8% من إجمالي الواردات، ومواد خام للصناعة 6.65 مليار بنسبة 12.5%، السلع الوسيطة للصناعة 21 مليار بنسبة 39.6%، ووقود 5.55 مليار بنسبة 10.5%، وسلع استهلاكية غير معمرة بقيمة 9 مليار بنسبة 16,9%، وسلع استهلاكية معمرة 2.85 مليار بنسبة 5.4% من إجمالي الواردات. وأضاف أن غالبية السلع الاستهلاكية الغير معمرة، وهي تقدر بقيمة 9 مليارات دولار، لا غنى عنها ولا تنتج محلياً، مثل الأدوية (657 مليون دولار)، والأمصال واللقاحات (908 مليون دولار)، والعديد من المواد الغذائية مثل القمح (1743 مليون دولار)، والذرة (993 مليون)، واللحوم (633 مليون)، والألبان (402 مليون)، وزيت الطعام (437 مليون)، والأسماك (329 مليون)، والشاي (175 مليون)، والفول (151 مليون)، وغيرها.
وأشار إلى أن المقترح بزيادة الرسوم الجمركية يأتي في سلسلة النداء بقرارات انغلاقية التي تفيد قلة قليلة على حساب الشعب المصري مثل قرار وزير الصناعة والتجارة الخارجية رقم 626 في 17 نوفمبر 2011، والقرار رقم 660 بتاريخ 24 نوفمبر 2011، بتطبيق الفحص المسبق على الواردات من الملابس ومستلزمات انتاجها، وهي قيود غير جمركية تؤدي لارتفاع تكلفة الواردات، بل ومستلزمات الإنتاج وبالتالي الإنتاج المحلي، دون مبرر، وسيدفع تكلفتها المستهلك المصري.
وأوضح أن تلك الأصوات لم تراعِ الضغوط التي بدأ المنتجون الأجانب في وضعها على حكوماتهم فى أسواق مصر التصديرية للقيام بالمعاملة بالمثل، والتي نجحت مصر في وقفها في مجال الملابس الجاهزة التي كانت ستدمر الصادرات المصرية وصناعاتها المحلية، والتي تصدر أضعافا مضاعفة مما تستورده، ولكن لم تنجح في وقفها بالنسبة لصادرات البطاطس إلى اليونان، حيث تم غلق الأبواب أمامها انتقاماً من وقف استيراد القطن اليوناني، واضطرت الحكومة للوعد بالرجوع في قرارها بعد خسائر ضخمة تكبدها المصدرون المصريون.