أثارت الأحداث السياسية الراهنة التخوف بشأن عودة شبح تخفيض التصنيف الائتماني، وتداعياته السلبية على الاقتصاد المصري الذي يعاني أصلاً من أزمة خانقة تتفاقم يوماً بعد يوم. وشهدت الفترة الماضية وضع وكالة موديز للتصنيف الائتماني 5 بنوك مصرية تحت المراجعة مع احتمالية تخفيض تصنيفها بعد أسبوع من إعلانها احتمالية تخفيض التصنيف الائتماني للدولة، كما خفّضت وكالة "ستاندرد آند بورز" العالمية تصنيفها الائتماني لمصر إلى "بي سالب" الشهر الماضي بعد تداعيات أحداث الإعلان الدستوري الذي أعلنه رئيس الجمهورية في أواخر نوفمبر الماضي. ومن جانبه، توقع أحمد آدم، الخبير المصرفي، تخفيض جديد للتصنيف الائتماني لمصر حتى مع هدوء الأوضاع المشتعلة حالياً بسبب عدم وجود رؤية واضحة للحكومة الحالية للتعامل مع أزمة الدين الداخلي وعجز الموازنة الذي يتسع مع الوقت واستمرار الأحداث الراهنة.
ولفت في تصريحات هاتفية لمصراوي، إلى أن الاضطرابات الحالية لا تدع هناك فرصة لحل المشكلة الاقتصادية الحالية، لأنه كلما هدأت الأوضاع سرعان ما تشتعل مرة أخرى. ونبه "آدم" إلى أن حدوث أي تخفيض جديد للتصنيف الائتماني لن يؤثر بدوره على اتفاقية الحكومة مع صندوق النقد الدولي بخصوص القرض المقدر بحوالي 4.8 مليار دولار، ولكن الأحداث الحالية نفسها قد تؤجل استئناف المفاوضات حوله إلى وقت آخر.
وتشمل قائمة البنوك الخمسة المصرية التي وضعتها وكالة "موديز" تحت المراجعة البنك الأهلي المصري، ومصر، والقاهرة، والتجاري الدولي، والإسكندرية. ويعتقد "آدم" في سياق حديثه لمصراوي، أنهي سيتم تخفيض التصنيف الائتماني لهذه البنوك بسبب ارتباطها بالاستثمار في أدوات الدين المحلي من أذون خزانة وسندات، وفي ظل غموض قدرة الحكومة على الوفاء بسداد هذا الدين في حال استمرار الأوضاع الاقتصادية الحالية.
وفي نفس السياق، أشار الدكتور فخري الفقي، وزير مالية حكومة حزب الوفد الموازية، إلى أن استمرار الأوضاع بهذا الشكل سيؤثر بالسلب على التصنيف الائتماني لمصر وقد يتم تخفيضه من "بي سالب" إلى "سي سي سي" وهو التصنيف عالي المخاطر.
وحذر "الفقي" في تصريحات لمصراوي، من خطورة تخفيض التصنيف الائتماني، وهو الأمر الذي سيجعل أي مستورد لن يستطيع إتمام أية عملية إلا بعد دفع ثمن الصفقة مسبقاً ونقداً، بما سيؤثر على السلع الغذائية التي تستورد مصر من احتياجاتها منها حوالي 50%، كما تستورد 70% من مستلزمات الصناعة، وهو ما سيرفع الأسعار بشكل كبير بسبب اختفاء هذه السلع المستوردة. ولفت أيضاً إلى أن أسعار التأمين السيادي سترتفع بتخفيض التصنيف الائتماني، كما ستزيد أسعار الفائدة التي تقترض بها الدولة وهو ما يؤدي إلى تأثر الحالة الاقتصادية بشكل خطير.
وتوقع أنه في حالة حدوث تخفيض في التصنيف الائتماني أن يتشدد صندوق النقد الدولي في شروطه لإقراض مصر، والذي قد يطلب خلالها تدابير هيكلية مؤلمة بدلاً من الشروط الحالية من تخفيض لعجز الموازنة، وزيادة الإيرادات الحكومية، وترشيد الدعم. وقال "الفقي" إنه من الواضح أن الحكومة الحالية وحزب الحرية والعدالة ورئاسة الجمهورية لا تضع الإصلاح الاقتصادي على رأس أولوياتها، وأنها مهتمة فقط في الفترة الحالية بالاستحواذ على كل مقدرات الدولة، والتمكن السياسي وإقصاء الأطراف الأخرى، وتطبيق الشريعة الإسلامية أكثر من أي شيء آخر.
وتابع: " كنت أحسب أن الحكومة الحالية ليس لديها القدرة على حل الأزمة الاقتصادية الحالية، ولكني اكتشفت أنها لا تملك الرغبة أيضاً لفعل ذلك في الوقت الحالي