تعيش سوريا هذه الأيام احتجاجات تثير قلق السوريين على مستقبل بلدهم. وتأتي هذه الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات سياسية شاملة رغم وعود بالمزيد من خطوات الإصلاح السياسي، وإجراءات لزيادة أجور العاملين لدى الدولة وتحسين مستوى المعيشة لأصحاب الدخل المحدود. وهناك عدد من المشاريع غير الحكومية التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تطوير كفاءات الشباب وتعزيز خبراتهم على صعيد المشاركة في الأنشطة السياسية والاجتماعية ومواجهة أعباء حياتهم اليومية ومن بينها مشروع "برلمان الشباب السوري" الذي أطلقته الجمعية السورية لرواد الأعمال "سيا" بتمويل بريطاني ودولي وخاص تحت شعار "أسمِع صوتك". زهير م. أحد الشباب الذين ترشحوا للمشاركة في هذا المشروع الذي سيشمل مختلف المحافظات السورية. زهير المتفائل بطبيعته، والمهتم بقضايا الإصلاح السياسي والاقتصادي في بلده يأمل من المشروع تعلم خبرات بريطانية وأوروبية في كيفية تعاطي الشباب مع هذه القضايا وكيفية حلها، غير أنه في نفس الوقت يخشى من أن تتحول أنشطته إلى مجرد جلسات نظرية واجتماعات لا تؤدي إلى النتيجة المطلوبة. كما يخشى من تدخل الروتين والبيرقراطية في برامجه الطموحة وتفريغها من مضمونها. خشية من الفشل يعتبر مشروع "برلمان الشباب السوري" الأول من نوعه في سوريا ويهدف حسب تصريح عبد السلام هيكل، رئيس الجمعية الذي أطلقته إلى تعريف الشباب بالأصول البرلمانية بحيث يتمكنوا من التعبير عن أفكارهم بطريقة صحيحة وعرضها بشكل أفضل، مؤكداً أن البرلمان ليس برلماناً رسمياً، لكن سيحضر كل جلسة من جلساته ممثلين عن الجهات والإدارات الرسمية المختصة، إذ سيتم التنسيق بخصوص ذلك بين هذه الجهات وبين المؤسسات الداعمة والممولة للمشروع. ورغم إن مشروع البرلمان في بداية أنشطته، إلا أن البعض من الشباب ينظر إليه كمجرد بريستيج لا أكثر. "طرح الأفكار فقط لا يكفي لحل مشاكل الشباب، فدائماً يتم الحديث عن طاقاتهم وكيفية استغلالها لكن بالنهاية تبقى تلك الأحاديث مجرد آراء لا تجد من يطبقها على أرض الواقع" على حد تعبير صهيب ع، خريج معهد تجاري ويضيف: "حتى الآن لم أحصل على فرصة عمل رغم الإعلان عن توفير فرص للجامعيين وخريجي المعاهد، ويوجد الكثيرين من أقراني يعانون ما أعانيه ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل سيساعد هذا البرلمان على حل مشاكل الشباب كالبطالة وعدم توفر السكن، والتي عجزت الحكومات السورية حتى الآن على وضع حد لاتساع نطاقها"؟. أين الشفافية؟ ولا يختلف مبدأ عمل برلمان الشباب حسب عبد السلام هيكل عن مبادئ عمل البرلمانات العريقة، إذ يتناول الشباب قضاياهم من خلال إعداد قيادات شبابية قادرة على ممارسة دورها بكفاءة في عملية التنمية والبناء، وفي هذا الإطار سيتم التركيز على تحديات تواجههم كالتعليم والعمل والتدريب وكيفية المشاركة الفعالة في مختلف أوجه الحياة العامة وتعميق مفاهيم الانتماء لديهم وفتح قنوات الحوار بينهم وبين صانعي القرار. غير أن الممارسات على أرض الواقع تثير الشكوك في إمكانية تحقيق هذه الأهداف الطموحة حسب رأي بعض الشباب الذين تم استطلاع آرائهم، "منذ أسبوع أحاول التقدم لعضوية البرلمان عن طريق موقع المشروع بعدما شاركت في برنامج لتحسين مستوى تعليم الشباب، غير أنني لم أتمكن بحجة أن هناك مشاكل تقنية، الأمر الذي يثير الشكوك حول الشفافية في قبول المشاركين"، كما يقول عامر خ.، الطالب في قسم الجيولوجيا ويضيف: "هذا يعني أن أسماء المشاركين في المشروع حتى الآن تم وضعها بشكل مسبق، أي أنه لا يوجد شفافية في الموضوع ليبقى هذا المشروع كغيره من مؤسسات الدولة حيث يحجز كل مسؤول فيها أمكنة شاغرة يمنحها لمقربين منه". هذا وقد حاولت دويتشه فيله الحصول على رأي عبد السلام هيكل، رئيس الجمعية السورية لرواد الأعمال، التي أطلقت المشروع فيما يقال عن غياب الشفافية، غير أنه لم يعطي جوابا واضحا بهذا الخصوص حتى الآن. "أن تصل متأخراً أفضل من أن لا تصل" وفي الطرف المقابل هناك من يرى في هذه الخطوة تطوراً ملموساً في مواقف الجهات الرسمية التي وافقت على المشروع. "رغم أن هناك تأخير كبير في إدراك الجهات المعنية لأهمية مشاريع كهذه تهم الشباب وتساعد على إشراكهم في صنع القرار، لكن " أن تصل متأخراً أفضل من ألا تصل"، فقد يساهم هذا البرلمان في إثبات قدرة الشباب السوري على التغيير نحو الأفضل، وقد يساهم في إنجاز مهام يسعى الشباب السوري لتحقيقها"، على حد تعبير سامر كحيلة، الطالب في كلية الحقوق. وترى زميلته عفراء معروف، الطالبة في كلية الفيزياء، أن هذه الخطوة ربما تكون بداية للكثير من المشاريع التي تعنى بالشباب " نحن لأول مرة نمثل من قبل برلمان شبابي مختص بمشاكلنا والتحديات التي تواجهنا في التعليم والتربية وسوق العمل وهذا بحد ذاته خطوة لجعل الشباب قادر على التعبير عن نفسه كما يرى هو وليس كما يراه البعض من المترهلين في مراكز صنع القرار في الوزارات ". هذا وسيبلغ عدد الأعضاء المشاركين في مشروع البرلمان المذكور 60 عضواً مناصفةً بين الذكور والإناث، ومدة الدورة البرلمانية سنة واحدة حيث يتم اختيار الأعضاء فيها مع مراعاة التوزيع السكاني لكل المحافظات. ويوجد مقعدين للشباب الفلسطيني ومقعدين لذوي الاحتياجات الخاصة، ويحق لأي شخص الترشح للبرلمان شرط أن يكون عمره بين 18 و 29 عاماً. وفي هذا السياق صرح مدير المشروع ملحم منصور بأن المشروع من دعم وتمويل السفارة البريطانية وصندوق الأممالمتحدة الخاص بالسكان وعدد من الشركات الخاصة. وسيتم العمل تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية التي ستقدم أيضا دعما فنيا وتقنيا للمشروع حسب ملحم. وينبغي على المرشحين أن يكونوا من الناشطين بالشأن الاجتماعي ومن المتطوعين لخدمة قضاياه على حد تعبير ملحم. عفراء محمد- دمشق