اجدابيا (ليبيا) (رويترز) - سيطرت القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي يوم الاحد على بلدة البريقة النفطية الاستراتيجية وأجبرت قوات المعارضة المسلحة على التقهقر شرقا تحت وطأة القصف العنيف لتتزايد الضغوط على القوى الدولية التي ما زالت تدرس فكرة فرض حظر جوي على ليبيا. ونجح الهجوم المضاد الذي شنته القوات الحكومية في استعادة بلدة راس لانوف النفطية من أيدي المعارضة المسلحة. وتقع راس لانوف على بعد 100 كيلومتر الى الغرب على الطريق الساحلي. وتعني خسارة المعارضة المسلحة للبريقة ومصفاتها النفطية حرمانها من مصدر اخر للوقود اضافة الى خسارتها للمزيد من الارض. وقالت الحكومة في رسالة على شاشة التلفزيون الرسمي انها واثقة من النصر وهددت "بدفن" المعارضة المسلحة التي قالت انها مرتبطة بتنظيم القاعدة وبأجهزة مخابرات اجنبية. وقال منسق للشؤون الانسانية أوفدته الاممالمتحدة الى طرابلس في تصريح انه يريد زيارة مناطق على جانبي خط المواجهة كي يقيم تأثير العنف على المدنيين. وعلى الصعيد الدبلوماسي قالت فرنسا انها ستكثف جهودها لاقناع القوى الدولية بفرض حظر جوي على ليبيا حيث يبدو ان قوات القذافي قد استعادت زمام المبادرة في صراعها مع قوات المعارضة التي تسعى لانهاء حكم الزعيم الليبي الممتد منذ 41 عاما. ومن ناحية اخرى قالت ليبيا انها ترحب بلجنة من الاتحاد الافريقي ستحاول المساعدة في حل الازمة لكنها استنكرت دعوة الجامعة العربية الى فرض حظر جوي. وقال مصدر بالجيش الليبي على شاشة التلفزيون الرسمي يوم الاحد ان القوات الحكومية طهرت البريقة من "العصابات المسلحة". وتدنت معنويات مقاتلي المعارضة المسلحة بعد هزيمتهم. وقال نبيل التاجوري وهو مقاتل دمر رشاشه الثقيل في القتال "لم تعد هناك انتفاضة... كنا أول أمس في راس لانوف ثم البريقة وبعد غد سيكونون هم في بنغازي." وتقع البريقة على مسافة 220 كيلومترا الى الجنوب من بنغازي معقل المعارضة المسلحة ولا يفصلها عن أكبر مدن الشرق سوى بلدة اجدابيا. ومن اجدابيا هناك طرق تقود الى بنغازي وطبرق بالقرب من الحدود المصرية. وتمنح الطبيعة الصحراوية المنبسطة القوات الحكومية ميزة هائلة مع سيادتها الجوية ووطأة دباباتها وغلبتها على حماس قوات المعارضة وأسلحتها الخفيفة. وتمنح المدن والبلدات وحدها الغطاء اللازم للمقاتلين المعارضين وتعطيهم افضلية جزئية. ونقل التلفزيون عن الحكومة أنها واثقة من تحقيق النصر مهما كان الثمن وان اعمال الانقسام ستدفن مع من ارتكبوها من المرتبطين بالمخابرات الاجنبية وتنظيم القاعدة الارهابي. وقال رشيد خالقوف منسق الاممالمتحدة للشؤون الانسانية في ليبيا لرويترز بعد وصوله الى العاصمة الليبية طرابلس ان بعثته تأمل في السماح للامم المتحدة بالوصول الى كل مناطق الصراع. وقال "الموقف يتغير من يوم لاخر... مبعث القلق الرئيسي هو التعرف على ما يدور وهو ما لا نعرفه... هناك تقارير متنوعة بشأن التأثير الانساني للاحداث الاخيرة. السكان المدنيون يعانون كثيرا." وربما سبقت القوات الحكومية في زحفها الجدال الدبلوماسي الدائر عالميا بشأن امكان فرض منطقة حظر طيران وطريقة فرضها. وقالت واشنطن ان دعوة جامعة الدول العربية للامم المتحدة الى فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا "خطوة مهمة" لكنها ظلت على حذرها بشأن التدخل العسكري. وقال الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى يوم السبت ان الجامعة "تطلب من مجلس الامن فرض منطقة حظر جوي حماية لليبيين والقاطنين من رعايا الدول العربية والبلاد الاخرى." ورحبت فرنسا بدعوة الجامعة العربية لفرض حظر جوي على ليبيا وهو ما قالت انه يظهر استعداد المجتمع الدولي لحماية السكان المدنيين في ليبيا. وقالت وزارة الخارجية في بيان يوم الاحد ان فرنسا تعتزم تكثيف جهودها في الساعات القادمة بالتشاور مع الاتحاد الاوروبي والجامعة العربية ومجلس الامن الدولي والمجلس الوطني الليبي المعارض. ويحقق هذا الطلب واحدا من ثلاثة شروط وضعها حلف شمال الاطلسي يوم الجمعة لفرض حظر جوي على ليبيا وهو التأييد العربي القوي. والشرطان الباقيان هما الدليل على الحاجة الى المساعدة وصدور قرار من مجلس الامن الدولي بهذا الشأن. وحتى لو اجتمع مجلس الامن لمناقشة مسألة فرض حظر طيران فمن غير المؤكد ان يصدر قرارا يفرض الحظر بعد ان عارضت روسيا والصين الفكرة علنا. وتصاعد الصراع في ليبيا من انتفاضة شعبية تشبه الاحتجاجات التي أطاحت برئيسي كل من مصر وتونس وهزت الاستقرار في دول اخرى في المنطقة ليصبح أقرب الان الى الحرب الاهلية. وتوقفت الاحتجاجات في طرابلس. وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش "القذافي وقواته الامنية يقمعون بوحشية أي معارضة في طرابلس بما في ذلك الاحتجاجات السلمية بالقوة المميتة والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري." وبعد أن سحقت المعارضة في الزاوية التي تقع الى الغرب من طرابلس توجهت القوات الخاصة والدبابات الى مصراتة ثالث اكبر المدن الليبية وجيب المعارضة الوحيد البعيد عن الشرق. وقالت قوات المعارضة ان التمرد في صفوف القوات الحكومية عطل تقدمها لليوم الثاني يوم الاحد. وقال محمد وهو من مقاتلي المعارضة المسلحة بالهاتف لرويترز يوم الاحد "منذ الصباح الباكر يتقاتلون (قوات الامن) فيما بينهم. نسمع صوت القتال." وأضاف "هذا الانقسام بينهم جاءنا من عند الله. حين ظننا أنها النهاية. الان نحن ننتظر لنرى ما سيحدث." ولم يتسن التحقق من صحة انباء التمرد لان السلطات الليبية تمنع دخول الصحفيين الى المدينة في حين قال مسؤول حكومي ان هذه الانباء غير صحيحة ومجرد شائعات. وقال موسى ابراهيم المتحدث باسم الحكومة في تصريحات من طرابلس ان الجيش يحاصر وسط مصراتة وان قواته في المدينة. وأضاف ان شيوخ القبائل يتحدثون مع المسلحين لاقناعهم بالاستسلام. وأضاف أن هناك مجموعة من مقاتلي تنظيم القاعدة يصرون على البقاء. وتابع أن السيناريو سيكون على غرار ما حدث في الزاوية اذ ان بعض الناس سيستسلمون والبعض سيختفون وستتعامل الحكومة مع من يتبقون بطريقة مناسبة. واستغرقت القوات الحكومية المدعومة بالدبابات والطائرات اسبوعا من الهجمات المتكررة للقضاء على الانتفاضة في الزاوية وهي بلدة أصغر كثيرا على بعد 50 كيلومترا الى الغرب من طرابلس. وفي حين لا يعرف العدد الاجمالي للقتلى في الزاوية فان مناطق كثيرة من البلدة تعرضت للدمار حيث تظهر على الابنية المحيطة بالميدان الرئيسي اثار قذائف الدبابات والصواريخ. وسوت قوات القذافي بالارض مقابر دفن فيها مقاتلون من المعارضة. وبعد توقف القتال في الزاوية يوم الجمعة سئل جندي هناك عن مصير المعارضين فأشار ضاحكا الى رقبته اشارة تفيد بأنهم ذبحوا.