الدوحة - رأى محللون وخبراء اقتصاديون أن الاستثمارات في البنى التحتية التي ستقوم بها قطر بعد فوزها بشرف استضافة مونديال 2022 ستقود على الأرجح حركة النمو الاقتصادي في هذا البلد الغني جداً بالغاز. وتتمتع قطر أصلاً بأعلى معدلات نمو في منطقة الخليج، بفضل الاستثمارات الضخمة في مشاريع الغاز، التي تهدف إلى رفع القدرة الإنتاجية وتعزيز الصادرات الغازية. ويتوقع المحللون أن تتجه معظم الاستثمارات إلى سلسلة المشاريع التي يتعين على قطر إنجازها لاستضافة مونديال 2022، خصوصاً أن قطر حققت هدفها بالوصول إلى قدرة إنتاجية بحدود 77 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً. وقال كبير الاقتصاديين في مصرف ستاندارد تشارترد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فيليبي دوبا بانتانتشي، إن محركات نمو إجمالي الناتج المحلي ستتغير. وأضاف إن نمو إجمالي الناتج المحلي القوي في السنوات الأخيرة كان يعود إلى تطوير إنتاج الغاز الطبيعي المسال، لكن تكدس قيمة الأصول الناتجة عن أعمال البنى التحتية ستحل مكانه في نمو الناتج حتى مونديال 2022. وذكر مصرف ستاندارد تشارترد أن اقتصاد قطر سينمو بنسبة 8 بالمئة في 2010، وبنسبة 5 بالمئة في 2011. وسيكون على قطر، أصغر بلد على الإطلاق يحظى بشرف استضافة المونديال، إنشاء بنية تحتية كاملة. وتقوم السلطات بشق طرقات جديدة وهدم مبانٍ قديمة لإفساح المجال أمام المشاريع الجديدة. وتشمل المشاريع المنتظرة شبكة مترو وقطارات ب25 مليار دولار. وستكون مراحل من هذا المشروع جاهزة عند استضافة المونديال، إذ إن النقل العام شبه غائب في قطر حالياً. كما يتم إنشاء مطار جديد في الدوحة بعشرة مليارات دولار، وسيتم افتتاح المرحلة الأولى منه في 2012. ومن المشاريع الأخرى ميناء في المياه العميقة بتكلفة سبعة مليارات دولار، وجسر يربط بين البحرين وقطر بأربعة مليارات دولار. كما تنوي قطر إنفاق عشرين مليار دولار في إنشاء طرق جديدة وتطوير الطرق الموجودة حالياً. أما المشاريع المرتبطة مباشرة بالمونديال فهي خصوصاً إنشاء تسعة ملاعب جديدة، وتجديد ثلاثة ملاعب موجودة، بتكلفة تصل إلى أربعة مليارات دولار. ومن المفترض أن يتم تبريد هذه الملاعب باستخدام تقنيات متطورة تعمل على الطاقة الشمسية. كما وعد المسؤولون القطريون بأن يتم إنشاء تسعين ألف غرفة فندقية جديدة قبل العام 2022. وقال «بنك الكويت الوطني» في تقرير إن استضافة المونديال ستفرض مهلاً زمنية ضيقة، وتتسبب بمزيد من الإنفاق، كما ستجلب خبرات ومحفزات جديدة. إلا أنه ليس من المتوقع أن يبدأ العمل قريباً في قسم كبير من هذه المشاريع، لأن المونديال لن ينظم في قطر إلا بعد 12 عاماً، حسب ما أفاد دوبا بانتانتشي. وقال الخبير الاقتصادي في هذا السياق إن «الحدث سيحصل بعد 12 عاماً، وغالبية المشاريع لن تنطلق في المستقبل القريب، لذا لا أعتقد أن التأثير على نمو إجمالي الناتج الداخلي سيكون وشيكاً». وأشار إلى أن «قسماً كبيراً من هذه المشاريع الكبرى كان مخطط له أصلاً، والفرق الآن هو أنه سيتم تسريع هذه المشاريع على الأرجح». وانتعشت بورصة الدوحة بعد فوز قطر باستضافة المونديال، لاسيما أسهم الشركات العقارية. إلا أن السوق تراجعت بعد ذلك بسبب المخاوف من الإفراط في التفاؤل حول الأرباح المتوقعة بسبب المونديال. وأكدت وكالة ستاندارد آند بورز للتصنيف الائتماني أن عامل المونديال مازال بعيداً ليتم أخذه في الاعتبار في عملية التصنيف. وقالت الوكالة لا نتوقع أي تغيير في التصنيف حالياً، إذ إن 2022 ماتزال بعيدة في المستقبل، مقارنة بأفق النظرة المستقبلة المستقرة الذي نعتمده. إلا أن «ستاندارد آند بورز» أعربت عن الاعتقاد بأن المونديال سيكون له تأثير كبير على النمو الاقتصاد القطري الواعد أصلاً خلال السنوات المقبلة مع استعداد البلاد لاستضافة هذا الحدث الرياضي الكبير. وقدرت الوكالة إنفاق قطر على البنية التحتية الإضافية ب64 مليار دولار، ما يمثل 47 بالمئة من حجم إجمالي الناتج المحلي الحالي. وليس من المتوقع أن تواجه قطر صعوبة في دفع تكاليف مشاريع التطوير لاستقبال هواة كرة القدم من سائر أنحاء العالم. وقال دوبي بانتانتشي في هذا السياق إن «عائدات المحروقات ستستمر في تأمين مصدر التمويل الرئيس للمشاريع»، مذكراً بأن قطر سبق أن أعلنت بأنها لن تطرق أبواب أسواق المال العالمية للاستدانة. وأكد الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس الوزراء القطري، في وقت سابق من الشهر الجاري، أن بلاده لا تحتاج إلى إصدار سندات مشيراً إلى أن 80 بالمئة من مشاريع البنى التحتية كانت في انتظار التنفيذ قبل الفوز باستضافة المونديال. وكذلك توقعت ستاندارد آند بورز بألا ترتفع مستويات المديونية السيادية القطرية بشكل كبير. ومن جهة أخرى، من المتوقع أن تجتذب قطر أعداداً كبيرة من المقاولين والعمال، مع العلم بأن البلاد وصل عدد سكانها إلى نحو 1.67 مليون. وقال دوبا بانتانتشي سنشهد ارتفاعاً في حركة قدوم الوافدين إلى قطر، والشركات الإقليمية بدأت عملية إعادة تموضع.