واشنطن (رويترز) - قد تواجه السلطات الامريكية عقبات قانونية لا يمكن تخطيها اذا حاولت توجيه اتهامات جنائية لمؤسس موقع ويكيليكس المراوغ جوليان أسانج حتى اذا جاء بقدميه الى أراضي الولاياتالمتحدة. وتحقق وزارة العدل الامريكية في مجموعة هائلة من التسريبات لمئات الالاف من الوثائق الامريكية السرية التي أمد بها الموقع الالكتروني المتخصص في نشر المعلومات السرية وسائل اعلام اخبارية ونشرها على موقعه على الانترنت. لكن ثلاثة من خبراء قانون التجسس قالوا ان محاكمة أسانج بمثل هذه التهم سيحتاج أدلة تثبت أن المدعى عليه كان على اتصال بممثلي قوى خارجية وانه كان ينوي امدادها بأسرار. ولم تظهر أدلة من هذا النوع على السطح او حتى ترددت مزاعم بشأنها في حالة ويكيليكس أو أسانج قرصان الكمبيوتر المتسلل السابق الاسترالي المولد الذي أصبح من المشاهير على المستوى الدولي. وقال مارك زيد وهو محام متخصص في قضايا المخابرات انه سيكون "من الصعب جدا على الحكومة الامريكية محاكمة (أسانج) في الولاياتالمتحدة على ما يفعله." وغادر أسانج الذي يرتحل من مكان الى اخر ويحيط نفسه بالغموض السويد الشهر الماضي بعد أن قالت السلطات هناك انها تريد استجوابه بشأن مزاعم متصلة بالاغتصاب واعتداءات جنسية أخرى. وأصدرت الشرطة الدولية (الانتربول) "اشعارا أحمر" يوم الثلاثاء طلبا للمساعدة في القاء القبض على أسانج في ما يتصل بالتحقيق الذي يجري في السويد. وكان أسانج قد قال ان المزاعم لا أساس لها وانتقد ما وصفه بالسيرك القانوني في السويد. وبدا لوهلة انه قد يجد مأوى في امريكا الجنوبية. وقال نائب وزير خارجية الاكوادور ان الحكومة تحاول دعوته ليعيش ويحاضر هناك لكن الرئيس رافائيل كوريا سارع الى الغاء الدعوة قائلا ان موقع ويكيليكس "ارتكب خطأ بانتهاك قوانين الولاياتالمتحدة وتسريب هذه النوعية من المعلومات." وقالت صحيفة بريطانية يوم الجمعة ان أسانج موجود في بريطانيا وان الشرطة تعلم بمكان وجوده لكنها لم تتحرك حتى الان بناء على أمر القاء القبض عليه الذي أصدرته الشرطة الدولية. وقال متحدث باسم ويكيليكس ان أسانج تلقى تهديدات بالقتل وانه يجب أن يظل بعيدا عن الانظار. وهناك أجزاء في القانون الامريكي تسهل محاكمة الاشخاص على الكشف عن معلومات المخابرات الامريكية السرية أو هويات الضباط أو المعلومات السرية المتصلة بالاسلحة النووية والتجسس الالكتروني دون اذن. لكن لا توجد أدلة على أن أسانج او موقع ويكيليكس سربا مواد قد تخضع لهذه القوانين. ومنذ بدأ ويكيليكس تسريب وثائق وزارة الخارجية الامريكية يوم الاحد نددت ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما بالمسؤولين عن التسريبات ووعدت باتخاذ اجراءات لوقف هذه الانشطة. ويوم الاثنين قال وزير العدل الامريكي ايريك هولدر ان وزارة العدل تجري "تحقيقا نشطا ومستمرا وجنائيا فيما يتعلق بهذه المسألة" وأكد أن تعهدات الادارة باتخاذ اجراءات ليست "مجرد جعجعة." وقال هولدر "اذا عثرنا على اي شخص متورط في خرق القانون الامريكي وعرض الاصول والافراد... للخطر فانه سيتم تحميله المسؤولية. ستتم محاسبته." وأحجم عن الكشف عن المستهدفين في التحقيق. وقال مارك ستيفنز وهو محام في لندن يمثل أسانج انه على علم بتصريحات هولدر وأضاف "من الصعوبة بمكان أن أرد الى أن أرى زعما محددا." واحتجزت السلطات العسكرية الامريكية برادلي مانينج (23 عاما) وهو محلل معلومات مخابرات سابق بالجيش الامريكي في قاعدة بحرية قرب واشنطن في ما يتصل بالتحقيق بشأن كشف أسرار أمريكية لموقع ويكيليكس الالكتروني. وفي وقت سابق هذا العام تم توجيه الاتهام لمانينج بتحميل اكثر من 150 الف وثيقة من وثائق الخارجية الامريكية وتسريب بعض البرقيات حين كان ملحقا للعمل بفرع المخابرات باحدى الوحدات العسكرية في العراق. وأحجم مسؤولون أمريكيون عن التصريح بما اذا كانت البرقيات المتهم مانينج بتسريبها هي نفسها التي نشرها موقع ويكيليكس مؤخرا. ويقول خبراء في القانون ان هناك أساسا قويا لاقامة دعوى جنائية ضد مانينج بسبب المزاعم بأنه كشف عن مواد سرية دون اذن أثناء عمله لحساب الحكومة الامريكية. لكن أسانج لم تكن له علاقة بالحكومة الامريكية ولم يكن عليه اي التزام تجاهها. وبموجب القانون بما في ذلك التعديل الاول للدستور الامريكي الخاص بحرية الصحافة فقد لا يكون هناك فارق يذكر بين محاولة محاكمة أسانج او غيره من القائمين على موقع ويكيليكس ومحاكمة المنابر الاعلامية الاعرق. وتاريخيا تجنبت السلطات الامريكية محاكمة الصحفيين او الهيئات الاعلامية. وقال مسؤول في ادارة أوباما ان محامي الحكومة المضطلعين بتحقيق وزارة العدل يحاولون أن يكونوا "مبدعين" في بحثهم للخيارات القانونية. لكن المسؤول اعترف ايضا بأن المحامين يدركون تماما التحديات القانونية المحتملة التي قد تحبط اي محاولة لمحاكمة شخص مثل أسانج. وقال كيت بوند العضو الجمهوري البارز بلجنة المخابرات في مجلس الشيوخ لرويترز "يحتاج الكونجرس الى أن يسمع من (وزارة العدل) بشأن الاتهامات التي تنوي الحكومة توجيهها ضد مؤسس ويكيليكس." وأضاف "اذا لم يكن لدى وزارة العدل أداة قانونية لتفعل هذا فانها يجب أن تكون صريحة مع الكونجرس والشعب الامريكي." وقال جوزيف ديجينوفا وهو محام سابق في واشنطن تولى قضايا تجسس هامة من قبل ان السلطات الاتحادية ستواجه عقبات قانونية "صعبة الى حد بعيد" اذا حاولت محاكمة أسانج. لكنه أضاف أن على المسؤولين مثل هولدر أن يوجهوا تهديدات بالمحاكمة حتى لو لم يكن لديهم سند قانوني "ليبعثوا باشارة" الى من يعتزمون تسريب معلومات.