اشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما الاربعاء بانتقال اندونيسيا من حكم "القبضة الحديدية" الى الديموقراطية وبذهنية التسامح السائدة في هذا البلد الذي نشأ فيه باعتبارها نموذجا للاسلام والغرب. وقال اوباما ان تحول اندونيسيا انعكس في حياته الشخصية في السنوات الاربعين منذ ان غادر اكبر دولة مسلمة في العالم، كشاب عادي واصبح بعد ذلك رئيسا للولايات المتحدة. وقال اوباما "اندونيسيا تشكل جزءا من حياتي" مستعيدا ذكريات طفولته بعدما تزوجت والدته من رجل اندونيسي وانتقلت معه الى جاكرتا حيث نشأ باراك اوباما. ورحب اوباما برفض اندونيسيا في الاونة الاخيرة لحقبة حكم سوهارتو السلطوي وانتهاجها الديموقراطية قائلا انها اصبحت الان قوة اساسية في آسيا. والقى الرئيس الاميركي خطابه خلال زيارة الى اندونيسيا تاجلت مرتين وتم اختصارها بضعة ساعات لتجنب سحابة من الرماد البركاني المنبعث من بركان ميرابي التي ادت الى اضطراب حركة الطيران. وقدم اكثر من ستة الاف شخص خصوصا من الطلاب الى قاعة الجامعة الوطنية للاستماع الى خطاب الرئيس خلال زيارته التي استغرقت 24 ساعة. وقال اوباما وسط تصفيق الحاضرين "اذا سالتموني، او سألتم احد رفاقي في المدرسة الذين عرفوني انذاك، لا اعتقد ان احدا منا كان ليعتقد بانني ساعود يوما ما الى جاكرتا بصفتي رئيسا للولايات المتحدة". واضاف "وقلة كانوا ليتوقعوا احداث اندونيسيا اللافتة في العقود الاربعة الماضية". وخطاب اوباما في اندونيسيا، المحطة الثانية في جولته الاسيوية التي تشمل اربع دول وتهدف الى ترسيخ علاقات استراتيجية مع الولاياتالمتحدة وتشجيع التصدير الى اسواق آسيا الناشئة، عكس ايضا خطابه الذي القاه في القاهرة ووجهه الى العالم الاسلامي في العام 2009. وكان اوباما وبعيد انتخابه، تعهد ب"انطلاقة جديدة" مع العالم الاسلامي بعد سنوات من انعدام الثقة بسبب حربي الولاياتالمتحدة في العراق وافغانستان. وقال اوباما "كما قلت انذاك وساكرره الان، لا يمكن لاي خطاب ان يبدد سنوات من انعدام الثقة" لكنه تعهد بالعمل جاهدا للوصول الى نقطة مشتركة تسود فيها الثقة. واعتبر اندونيسيا نموذجا للتسامح بين عدة ثقافات قائلا "حتى وان كانت الارض التي عشت فيها شبابي قد تغيرت بعدة طرق، فان الامور التي تعلمت ان احبها في اندونيسيا، ذهنية التسامح الواردة في دستوركم والتي تشهد عليها المساجد والكنائس والمعابد، والمترسخة في شعبكم، لا تزال مستمرة". واضاف "الوحدة في التعددية، هذا هو اساس النموذج الذي تقدمه اندونيسيا للعالم ولهذا السبب ستقوم اندونيسيا بدور مهم في القرن الحادي والعشرين". لكن اوباما تعهد بمواصلة الحرب ضد خلايا القاعدة على طول الحدود الافغانية-الباكستانية وفي دول مثل اليمن والصومال. وقال "كلنا يجب ان نهزم القاعدة والتابعين لها، الذين لا يتبعون اي دين وبالتاكيد ليس ديانة عظيمة وعالمية مثل الاسلام". واضاف "لكن الذين يريدون البناء يجب الا يتراجعوا امام الارهابيين الذين يسعون الى الدمار، وهذه ليست مهمة اميركا لوحدها". والقى اوباما خطابه بعد زيارته مسجد الاستقلال، وهو الاكبر في جنوب شرق آسيا. ورافق امام المسجد الحاج مصطفى علي يعقوب اوباما وزوجته في جولته في المسجد في وسط جاكرتا. وكان اوباما توصل خلال محادثاته الثلاثاء مع الرئيس سوسيلو بامبانغ يوديونو الى "شراكة شاملة" لتعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات مثل الامن والتجارة والتغيرات المناخية. وغادر اوباما اندونيسيا قبل ساعتين من الموعد المقرر بسبب الرماد المنبعث من بركان ميرابي متوجها الى كوريا الجنوبية لحضور قمة مجموعة العشرين التي تبدأ الخميس.