بيروت (رويترز) - ارسل متشددو القاعدة في جبال اليمن طرودا ملغومة الى الولاياتالمتحدة .. فهل تصدر واشنطن اوامر بشن المزيد من الهجمات بدون طيار ام ترسل قوات مشاة البحرية.. ليت الامر بهذه البساطة. ليس لدى الولاياتالمتحدة خيارات سهلة لمواجهة التهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة في جزيرة العرب المتمركز في اليمن وربما يأتي اليوم الذي تتبلور فيه خبراته المتنامية لتتماشى مع طموحاته المعلنة وهي الاضرار بالغرب والاسرة الحاكمة في الملكة العربية السعودية جارة اليمن. وينشط تنظيم القاعدة في الدولة المسلمة الفقيرة وتمسك بزمام امورها حكومة ضعيفة تواجه أعمال عنف انفصالية في الجنوب وتمردا من ان لاخر في الشمال ادى لنزوح 350 الفا من ديارهم. وزادت مؤامرة الطردين المفخخين من المخاوف الامنية الغربية التي تتركز على اليمن بعدما اعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عن تفجير انتحارى استهدف مسؤولا امنيا سعوديا بارزا نجا من الموت باعجوبة في اغسطس اب 2009 ومحاولة غير ناجحة لتفجير طائرة ركاب متجهة للولايات المتحدة في ديسمبر كانون الاول الماضي. وقال جريج جونسن الباحث في شؤون اليمن بجامعة برينستون " للاسف بعد مرور نحو عام على هجوم عيد الميلاد لا زالت السياسة الامريكية تجاه اليمن مفقودة في الصحراء." ورفع الرئيس الامريكي باراك اوباما المبالغ المقدمة لليمن العام الحالي وبلغت قيمة المساعدات العسكرية وحدها 150 مليون دولار. وتجمع طائرات امريكية بدون طيار معلومات عن المتشددين وتطلق صواريخ تستهدفهم من ان لاخر رغم احجام واشنطن وصنعاء عن الاعتراف بذلك. وفشلت عمليات امنية امريكية يمنية مشتركة في العام الماضي في قتل او اعتقال كبار قادة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وينطوي استخدام القوة على مخاطرة بحدوث رد فعل عنيف من جانب يمنيين يكنون بالفعل عداء شديدا للغزو الامريكي للعراق وافغانستان وتأييد واشنطن لاسرائيل. وقال جونسن "الولاياتالمتحدة في وضع بالغ الصعوبة في اليمن. "يدرك اوباما الاثار الكارثية للقيام بغزو وفي ذات الوقت سبق ان اسفر توجه اشبه بتدخل جراحي يستهدف فقط شخصيات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عن نتائج عكسية وادى الى تجنيد المنظمة الارهابية المزيد من الافراد." واستشهد جونسون بالغارة التي شنت في ديسمبر كانون الاول وسقط ضحيتها عدد من النساء والاطفال وغارة خاطئة في مايو ايار ادت لمقتل خمسة من بينهم نائب محافظ كان يقوم بالوساطة بين الحكومة اليمنية والمتشددين. واعترفت القوى الغربية -التي يفزعها انزلاق اليمن ليصبح دولة فاشلة وامكانية ان يقود ذلك لزعزعة الاستقرار في منطقة الخليج الغنية بالنفط - باحتياج البلاد لما هو أكثر من المساعدات العسكرية. ويتزايد تعداد سكان اليمن البالغ 23 مليون نسمة سريعا حتى مع تضاؤل عائدات النفط ونقص موارد المياه. وقالت جيني هيل من مركز ابحاث تشاتام هاوس في لندن "الحكومات الغربية ملتزمة رسميا بتوجه شامل لدعم الاصلاح السياسي والاقتصادي لمعالجة المشاكل الكامنة في اليمن" مشيرة لمساهمة مانحين في برنامج جديد لصندوق النقد الدولي قدم لصنعاء العام الجاري. وأضافت "الا ان هناك ميلا لهيمنة اهداف مكافحة الارهاب وبصفة خاصة عقب المخاوف الامنية الخطيرة." وتعهد وزراء خارجية غربيون ومن دول الخليج العربية بدعم الاصلاحات والتنمية الاقتصادية في اليمن في مؤتمر عقد في لندن في يناير كانون الثاني جرت الدعوة اليه عقب المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة متجهة للولايات المتحدة في 25 ديسمبر. وثمة حدود لما يمكن ان تحققه المساعدات الخارجية. وتعقد التهديدات الامنية في اليمن حياة الدبلوماسيين الاجانب والعاملين في وكالات معونة. وتسبب سوء الادارة في تسلم وانفاق صنعاء نسبة يسيرة فقط من تعهدات المانحين في عام 2006 والتي بلغت 4.7 مليار دولار. وقالت بولين بيكر رئيسة صندوق السلام وهي جماعة تهدف لمنع الصراعات مقرها واشنطن "ربما يكون نوع من الرد العسكري ضروريا ولكنها ليست استرايجية طويلة الاجل. "تجد القاعدة وغيرها من المتطرفين ارضا خصبة في دول تعجز عن توفير الامن والخدمات الاجتماعية لمواطنيها." وقالت بيكر "ينبغي تحسين نوعية الحكم وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية ووجود مؤسسات رسمية اقوى تبين ان ثمة بديلا للتطرف" مضيفة ان اليمن قد يصبح عاجزا تماما "وينتهي به الحال الى صومال اخر". ويعاني نحو ثلث القوى العاملة في اليمن من البطالة ويعيش أكثر من 40 في المئة من شعبه باقل من دولارين في اليوم. وحتى ان لبى اليمن مزيدا من احتياجات مواطنيه فان ذلك لن يقضي بالضرورة على الامتداد العالمي لنفوذ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وقالت هيل "التطرف يستشري بين افراد (في الغرب) لم يسبق لهم زيارة صنعاء ولكنهم بالرغم من ذلك متأثرون بمواد باللغة الانجليزية يقوم بنشرها على الانترنت اشخاص من اليمن مثل انور العولقي" وهو رجل دين ولد في الولاياتالمتحدة يدعو المسلمين في الغرب لشن هجمات. ومضت قائلة "السياسات الغربية لمكافحة الارهاب لا يمكن ان تحقق نجاحا مقنعا من خلال استراتيجيات احتواء تقتصر على اليمن." وفي ظل عدم وجود بديل على الولاياتالمتحدة وحلفائها ان تتعامل مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في نضالها لمحاربة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مهما كانت التحفظات على الرئيس اليمني وهمه الاساسي بقاء حكمه القائم منذ 32 عاما. وقال جونسن "تدفع الولاياتالمتحدة ثمن سنوات الاهمال والسياسات قصيرة الاجل تجاه اليمن. "ما من اجابات جيدة في الوقت الحالي لانها (أمريكا) لم توفر الوقت او تبذل جهدا لتجدها (الاجابات)."