باريس (رويترز) - حقق اية الله علي خامنئي الزعيم الاعلى في ايران نجاحا سياسيا فيما يبدو عندما تمكن من جمع رجال دين بارزين في مدينة قم المقدسة حوله في استعراض لوحدة الصف بعد شهور من النزاعات الداخلية. وأبرزت وسائل الاعلام الايرانية يوم الخميس صورا لخامنئي وهو يبتسم اثناء جلوسه مع عدد من كبار المرجعيات الشيعية وبينهم بعض الذين انتقدوه منذ اعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في انتخابات مثيرة للجدل العام الماضي. وعززت الصور التي جرى انتقاؤها بعناية دعوة خامنئي للايرانيين بالتوحد ضد أعداء أجانب يتهمهم بمحاولة زعزعة استقرار البلاد من خلال فرض عقوبات اقتصادية عليها وحرمانها من حقها في الحصول على تكنولوجيا نووية متقدمة. وقال أمام حشد في خطابه الاول في قم يوم الثلاثاء "أعداؤنا يريدون ان يشعر الناس (الايرانيين) بخيبة امل تجاه النظام..يرسمون افقا مظلما وقاتما للمستقبل." وأضاف "الوحدة الوطنية مهمة جدا ويجب تعزيزها مع كل يوم يمر علينا .. واوجه كلامي في هذا الصدد الى كل من المسؤولين والمواطنين. يجب ان نأخذ هذا الامر بجدية." وكان من بين رجال الدين الذين عرضت وسائل الاعلام صورا لهم وهم يحتسون الشاي مع خامنئي اية الله ناصر مكارم شيرازي وهو من المنتقدين لاحمدي نجاد وخمسة اخرين تم ترقيتهم لمرتبة مرجع تقليد (مرجع ديني) مما يعني ان الشيعة قد يختارون ايا منهم لمنصب الزعيم الاعلى. ووضع ظهورهم حدا لشائعات بأن الشخصيات الدينية الكبيرة ستقاطع الزيارة السنوية لخامنئي لمدينة قم التي تعد مركزا علميا رئيسيا للشيعة احتجاجا على الحملة ضد الاصلاحيين والاجراءات لترهيب رجال الدين المعارضين. ونقلت صحيفة طهران امروز عن مكارم شيرازي قوله "كل الجماعات والشخصيات المختلفة بدون استثناء حضرت للترحيب بالزعيم (الاعلى) وساد بين الجميع شعور بالوحدة." جاء هذا الاستعراض للوحدة بين رجال الدين في اعقاب زيارة قام بها الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد للبنان الاسبوع الماضي والتي اكدت على وجود دعم اوسع لايران بين عرب ومسلمين اخرين ينظرون باعجاب لتحدي ايران للولايات المتحدة واسرائيل. وقال دبلوماسي غربي كبير في طهران "زيارة (خامنئي) توضح ان الزعيم (الاعلى) يمتلك القدرة على توحيد الفصائل..وهي رسالة للذين كانوا يأملون في أن يؤدي النزاع الداخلي الى انهيار النظام." لكن رغم أن رجال دين محافظين -كانوا قد عبروا عن قلقهم تجاه الاقتصاد- اجتمعوا مع خامنئي فان عددا اكبر من الشخصيات الاكثر ليبرالية التي دعمت مرشح المعارضة مير حسين موسوي العام الماضي مازالت تنأى بنفسها عن مقابلة الزعيم الاعلى في قم. وسوف تكشف الايام القادمة ما اذا كانت روح المصالحة ستستمر بعد زيارة خامنئي التي تستمر تسعة ايام لمدينة قم ام لا. وتقول مصادر دينية ان هناك شعورا عاما بالقلق في قم تجاه ما اعتبر انها حملة يقوم بها خامنئي من اجل ان يكون نجله الثاني مجتبى خامنئي خليفة محتملا له. ولم يقدم الزعيم الاعلى الايراني غصن الزيتون علنا لمنتقدي الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي والتي قالت المعارضة انها زورت او للمعترضين على قمع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التي واكبها عمليات اعتقال كبيرة او المحاكمات الصورية او ما تردد عن تعذيب واعدام عدة ناشطين. وقال لانصاره الذين قاطعوا خطابه بترديد هتافات تقول "الموت لامريكا" و "الموت لاسرائيل" ان "فتنة العام الماضي حصنت البلاد ضد افات سياسية واجتماعية كانت ستؤدي الى اثار سلبية وزادت من وعي الشعب." وذكر موقع سهم نيوز (Sahamnews) وهو موقع للمعارضة على الانترنت ان عائلات سجناء سياسيين بعثوا برسالة مفتوحة الى المرجعيات الدينية في قم طالبوهم فيها بتحدي خامنئي بسبب المعاملة التي يلقاها المنتقدون للحكومة. وجاء في الرسالة "اسألوه كيف يمكن ان يكون عدد كبير من الفنانين والمفكرين وغيرهم من سياسيين واساتذة جامعات وطلاب واشخاص عاديين في الشارع وبازارات في جميع انحاء البلاد مثيرين للفتنة وعملاء لدول اجنبية." واضافت الرسالة "اسألوا لماذا يتم تفسير اي احتجاج عادي ومدني يقوم به المواطنون بانه تعبير عن العداء." وكان رئيس السلطة القضائية في ايران صادق لاريجاني من بين الذين ظهروا في لقطات مع خامنئي. وكان حضور لاريجاني يهدف على ما يبدو الى دحض تقرير لموقع للمعارضة على الانترنت الاسبوع الماضي بانه هدد بالاستقالة بسبب معاملة السجناء السياسيين. ونفى مكتبه ان يكون قد كتب اي رسالة من هذا النوع للزعيم الاعلى الايراني. وأظهرت مجموعة صور على موقع الزعيم الاعلى على الانترنت (www.khamenei.ir) خامنئي وهو جالس مع مجموعات من رجال الدين في غرفة بسيطة الاثاث وبها صورة لاية الله روح الله الخميني المرشد الاعلى الراحل للثورة الاسلامية وان لم يكن بها صورة لخامنئي نفسه. وكان علي لاريجاني رئيس البرلمان وشقيق صادق لاريجاني الشخص الوحيد غير المعمم الذي ظهر في الصور مما اعطى له مكانة بارزة. ويدور خلاف بين لاريجاني واحمدي نجاد حول صلاحيات البرلمان والحكومة. ونقلت صحيفة شرق عنه قوله يوم الثلاثاء ان المحافظة على وجود وجهات نظر سياسية بديلة أمر مهم للوحدة الوطنية. وقال لاريجاني الذي انتخب من مدينة قم في الانتخابات البرلمانية عام 2008 ان الامن سيكون هشا وكذلك الوحدة اذا تحققا من خلال تهميش الاراء السياسية الاخرى.