ثمانية منتخبات نسائية عربية لكرة القدم تتنافس في بطولة "عربية 2010"، التي أنطلقت في البحرين يوم الاثنين الماضي (18 أكتوبر/ تشرين أول 2010) برعاية مشتركة بين المؤسسة البحرينية العامة للشباب والرياضة والخارجية الألمانية ومؤسسة دويتشه فيله الإعلامية. وتتفاوت تجربة المنتخبات المشاركة في مجال في كرة القدم النسائية، فمنتخب مصر هو الأقدم (15 سنة) وقطر هي الأحدث بين الجميع، إذ لم تتم تسمية منتخب لكرة القدم النسائية إلا قبل شهرين فقط. وبين الأقدم والأحدث تأتي كلا من الأردن وسوريا والبحرين ولبنان وفلسطين والعراق. وقسمت هذه الفرق إلى مجموعتين يتأهل الأول والثاني إلى الدور النصف نهائي ومن ثم المباراة النهائية، التي سيتم دعوة المنتخب الفائز فيها من قبل الاتحاد الألماني لكرة القدم إلى إقامة معسكر له في ألمانيا قبيل انطلاق بطولة العالم لكرة القدم النسائية هناك العام المقبل. المحظور أصبح مألوفاً وليس من الإجحاف في شيء لو قلنا بأن المشهد لنساء عربيات يلعبن كرة القدم وتنقل مبارياتهن على شاشات التلفاز لم يعد مشهداً غريباً في العالم العربي، فحضور افتتاح البطولة كان معقولاً، والصحف البحرينية سلطت على البطولة أضواء إيجابية. ولم نسمع أو نقرأ ما كان يتردد قبل خمس سنوات عندما خطت البحرين خطوتها الأولى في تشكيل منتخب نسائي لكرة القدم، حيث وصل البعض آنذاك إلى تكفير النساء اللاتي يمارسن رياضة كرة القدم بشكل رسمي. لكن لسان حال هؤلاء الآن كأنه يردد المثل البحريني القائل "عندما تتعود العين، لا يملك العقل إلا القبول". وفي أثناء تغطيتنا للمباراة الافتتاحية، تأكد لي صدق موقع المثل البحريني، فقد لفت نظري رجل يشاهد الافتتاح واضعاً يداه على خديه، مما أثار في فضولاً دعاني إلى سؤاله عن إن كان قد أساءه ما يرى من فتيات العرب. فكان جوابه: "أضع يدي على خدي محتاراً من نفسي، فإنني أشاهد منظراً استفزني بعنف قبل خمسة أعوام. لكنني أعجب اليوم كيف أنني أشاهده ولا أشعر بأي استفزاز أو غضب، بل أشعر بفضول أن أرى فتياتنا يؤدون أداءً جيداً ويحققون البطولة"، وهكذا كان شعوره أصدق تعبير بأن المحاذير والمحظورات في المجتمعات ليست لها صفة الأبدية، بل تخضع أحياناً لمعيار تعود العين وقبول العقل. طموح إلى الاحتراف قائدة المنتخب البحريني ياسمين فؤاد (20 عاماً) حلمت منذ ربيعها الثالث عشر بأن تكون لاعبة كرة قدم تنشر صورها في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، والآن باتت تطمح بأن تكون محترفة في أوروبا. ياسمين أكدت أن عائلتها كانت تقف مؤازرة لها منذ ليالي الحلم حتى تحقيقه، وأنه رغم "الصيحات الساخرة من محيطها في البداية" حسب تعبيرها، إلا أن المجموعة التي تلعب معها والإدارة المسؤولة عنها كانت في حجم التحدي وسندا لها لتخطي تلك الصيحات. ياسمين شاءت أن ترسل رسالة خلال المقابلة معها لكل فتيات العرب، بأنه مهما كانت "الأحلام مصطدمة مع محاذير ومحظورات فرضتها القيم المجتمعية، إلا أن إرادة تحقيقها دائماً ما تكون أعلى كعباً"، وهي تنصح بأن "تمضي الفتيات في تحقيق أحلامهن، وإن النجاح وحده كفيل بتذليل جل المحظورات والمحاذير". الفكرة ألمانية والتطبيق بحريني البطولة كانت في الأساس فكرة ألمانية تحت شعار "الطريق إلى ألمانيا 2011" حيث تقام كما ذكرنا سابقاً بطولة العالم لكرة القدم النسائية. وفي هذا الإطار قال السفير الألماني في البحرين الدكتور هوبرت لانغ في مؤتمر صحفي قبيل انطلاق البطولة بأن البطولة كانت ثمرة جهود امتدت على عامين بذلتها السفارة بالتعاون مع المؤسسة العامة للشباب والرياضية، وأن هذه البطولة هي "جزء من مشروع أكبر ترعاه الخارجية الألمانية منذ أكثر من عشر سنوات في البحرين وغيرها من الدول العربية وهو يهدف إلى التقارب الثقافي الأوروبي العربي". الخارجية الألمانية وكتشجيع منها للاعبات العربيات نسقت وبعثت سفيرة خاصة إلى البطولة وهي ستيفي جونز، اللاعبة الألمانية السابقة ورئيسة اللجنة المنظمة للبطولة العالمية لكرة القدم النسائية. جونز تحدثت بأن إقامة بطولة كرة قدم نسائية في دولة عربية تشارك فيها منتخبات عربية أمر يعد بمثابة حجر أساس نحو عالمية كرة القدم النسائية، وأنها ستسعى من خلال موقعها في الاتحاد النسائي لكرة القدم بأن تجعل من "عربية 2010" بطولة دورية تقام كل عام. رياضة نسائية محاطة بإطار ثقافي نسائي ولإعطاء البطولة إطاراً ثقافياً قامت الخارجية الألمانية وبالتنسيق مع مؤسسة دويتشه فيله الإعلامية بافتتاح البطولة بموسيقى أوركسترا الجاز النسائية الألمانية، والتي ستقيم أيضاً حفلاً شرفياً للمنتخبات المشاركة وأعضاء اللجنة المنظمة للبطولة. وفي هذا السياق قال المسؤول عن الورشة الموسويقية في مؤسسة دويتشه فيله، د. غيرو شليس، إنه يشعر بالرضا للتعاون في المجال الموسيقي مع الجانب البحريني وعبر عن سعادته للأصداء الايجابية للحفل الموسيقي في الصحافة البحرينية. وأكد شليس على أن مشاريع التعاون في مجال الموسيقى يمكنها أن تكون وسيلة مهمة لمد الجسور بين الثقافات المختلفة. كما شاركت أكاديمية دويتشه فيله أيضاً في البرنامج المرافق لإقامة البطولة من خلال إقامة ورشة عمل للصحفيين في مجال الرياضة. أحمد هزيم
