القاهرة - من المتوقع أن تمدد مصر قرارا اتخذته قبل عامين بتجميد عقد صفقات جديدة لتصدير الغاز لمواجهة ارتفاع الطلب المحلي في خطوة من شأنها احباط بعض الشركات الكبرى التي تسعى لتطوير احتياطيات لزبائن في الخارج. وأدت رغبة أوروبا في تنويع مصادر امداداتها لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي الى تركيز الاهتمام على منتجين اخرين مثل مصر التي تريد توصيل خط الغاز العربي بخط أنابيب نابوكو الذي سيمتد عبر تركيا الى أوروبا. ويقول محللون ان طموح مصر منذ فترة طويلة لدعم ميزانها التجاري ومواردها المالية بأن تصبح مصدرا رئيسيا للغاز يصعب تحقيقه في الوقت الحالي بسبب خلافات مع شركات الطاقة حول شروط تجارية مما أعاق عمليات التطوير. وسوف توجه معظم كميات الانتاج الاضافية للوفاء بالطلب الداخلي المتزايد على الغاز الطبيعي الذي أصبح وقودا مفضلا مع تشغيل محطات جديدة لتوليد الكهرباء لتحقيق هدف الحكومة بزيادة طاقة توليد الكهرباء بنحو ثلاثة أمثال بحلول عام 2027. وجمدت الحكومة عقد أي صفقات جديدة لتصدير الغاز في 2008 لحماية امدادات الغاز للسوق المحلية. ومن المقرر أن تراجع الحكومة القرار في نهاية العام الجاري. وفي ضوء توقعات بنمو الطلب المحلي ثمانية في المئة على الاقل سنويا فان كميات الانتاج الاضافية التي كانت تخصص للتصدير قد توجه في نهاية الامر للاستخدام في المنازل والمصانع ومحطات الكهرباء في مصر. وقال فيمي اوسو المحلل لدى وود ماكينزي اذا استمر الخلل بين العرض والطلب محليا فانه يمكن بسهولة توقع تمديد الحظر. وليس من المرجح أن تتحسن التوقعات القاتمة للصادرات بعد أزمات الكهرباء التي شهدتها مصر هذا الصيف. فقد أثار انقطاع التيار الكهربائي في شتى أنحاء البلاد غضبا عاما وأضاف ضغوطا جديدة على الحكومة لاعطاء أولوية للاحتياجات المحلية. وقال صامويل ستشوك كبير محللي الطاقة لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا لدى اي.اتش. اس انرجي هناك احتمال بنسبة ضعيفة للتصدير في مرحلة لاحقة لكن في ظل هذا النقص ستكون هناك ضغوط متجددة من الشعب المصري والقطاع الصناعي لتمديد الحظر. ومادام هذا الوضع مستمرا فانه يضيف الى احجام الشركات عن الاستثمار في التنقيب والانتاج. وتراجعت أيضا ربحية الغاز عالميا بسبب الاحتياطيات الضخمة من الغاز الصخري والتخمة في المعروض بعدما أدى الركود لتراجع الطلب الصناعي. وبزغت مصر كمنتج واعد للغاز الطبيعي في العقد السابق اذ قامت سريعا بتطوير احتياطيات للغاز معظمها من حقول بحرية في البحر المتوسط. وصدرت مصر أولى شحناتها من الغاز الطبيعي المسال في أوائل عام 2005 وعززت مبيعاتها الى الخارج بخط أنابيب. وتفيد نشرة احصاءات بي.بي البريطانية عن الطاقة العالمية في 2010 أن الاحتياطيات المصرية المؤكدة ارتفعت الى 2.19 تريليون متر مكعب في نهاية 2009 من 1.22 تريليون متر مكعب قبل ذلك بعشر سنوات ومن 0.35 تريليون متر مكعب فقط عام 1989. وتنامت الامال في حدوث تغير كبير في الصادرات في يوليو تموز حينما وقعت مصر صفقة قيمتها تسعة مليارات دولار مع بي.بي وار.دبليو.اي ديا لتطوير حقلين قرب مدينة الاسكندرية الساحلية بشروط تجعل الحفر في المياه العميقة في البحر المتوسط أكثر اغراء من الناحية التجارية. وتشير تقديرات بي.بي الى أن احتياطيات الغاز بالحقلين تبلغ حوالي خمسة تريليونات قدم مكعبة. وقال محللون ان الشركات تذمرت من شروط في الماضي قائلة انها لا تقدم حوافز كافية لضمان عائدات على عمليات تطوير الحقول البحرية مرتفعة التكلفة. وتسعى الشركات أيضا لاستغلال الاحتياطيات لامداد الاسواق الاوروبية المتعطشة للغاز. ولكنهم يقولون ان من المنتظر أن تؤدي صفقة بي.بي وار.دبليو.اي ديا الى تسريع العمل في استخراج الغاز من المياه العميقة في البحر المتوسط وهي عملية تباطأت في الاعوام الخمسة السابقة. وتمثل الصفقة سابقة اذ تتيح للشركات تحديد الاطراف التي تبيع اليها مما قد يتيح لها تخصيص مزيد من الانتاج للتصدير وفي الماضي كانت مصر تحصل على حصة ثابتة من انتاج الحقول. ويرتفع الطلب على الكهرباء في مصر بمعدل 11.5 في المئة سنويا وسلط تكرار انقطاع التيار الكهربائي في شتى أنحاء البلاد الاضواء على الصادرات. وسلط منتقدون الضوء في وسائل اعلامية على فشل وزارتي البترول والكهرباء في التنسيق بينهما لتأمين الامدادت اللازمة لتوليد الكهرباء. وقال ستشوك كلما زاد الضغط محليا من أجل مزيد من الغاز لزيادة توليد الكهرباء أصبح من الصعب على الحكومة السماح بالتصدير.