كييف (رويترز) - طالبت المعارضة الأوكرانية يوم الثلاثاء الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش الذي يواجه احتجاجات حاشدة باجراء تغييرات دستورية تقلص بشكل كبير من صلاحياته. ولم يستقر يانوكوفيتش بعد على اختيار رئيس جديد للوزراء لتهدئة الأزمة رغم شائعات بأنه قد يفكر في اختيار اندري كولييف وهو حليف متشدد يرأس حاليا إدارته الرئاسية. وفي حين تدخل البنك المركزي الأوكراني مرة اخرى لوقف الطلب الشديد على الدولار الذي يضعف العملة الأوكرانية الهريفنيا انتقدت أوكرانيا بشدة ألمانيا بسبب تصريحات وزير خارجيتها التي هدد فيها بفرض عقوبات على كييف ما لم يتم التوصل قريبا إلى حل سياسي لانهاء الأزمة. وقتل ما لا يقل عن ستة أشخاص خلال الاسبوعين الاخيرين في أعمال عنف تتصل بالأزمة السياسية وهو أمر لم يسبق له مثيل في كييف التي اصبح مركزها عبارة عن منطقة احتجاج محصنة بشدة بالمتاريس. وأثارت الاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن ومجموعات من المحتجين المتشددين قلقا عالميا من انزلاق أوكرانيا الى حرب أهلية. وتفصل أوكرانيا بين روسيا والاتحاد الاوروبي ويبلغ عدد سكانها 46 مليون نسمة. ولم تشهد كييف اي اعمال عنف منذ عدة أيام لكن الحكومات الغربية حذرت يانوكوفيتش من خطر اندلاعها مجددا ما لم يتوصل إلى تسوية مع المعارضة. وأدى تراجع يانوكوفيتش عن التوقيع على اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي من اجل توثيق الروابط الاقتصادية مع روسيا إلى تفجر الاحتجاجات في نوفمبر تشرين الثاني الماضي. ورغم حصول يانوكوفيتش في المقابل على وعد من موسكو بتقديم حزمة مساعدات بقيمة 15 مليار دولار لانعاش اقتصاد بلاده فقد أغضبت هذه الخطوة ملايين الأوكرانيين الذين يحلمون بمستقبل أوروبي لبلادهم. ويواجه يانوكوفيتش خيارات صعبة بشأن تحالفاته في المستقبل بعد ان باتت بلاده محور صراع بين روسيا والغرب. وتدعم الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي المحتجين على الرغم من ان هذا الدعم يقتصر على التصريحات دون أفعال أو مساعدات مالية. وجاء الدعم الاقتصادي السخي من جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا مشروطا بأن يشكل يانوكوفيتش حكومة ترضى عنها موسكو. وردا على تصريحات وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير التي لوح فيها بفرض عقوبات استدعت وزارة الخارجية الأوكرانية سفير برلين لدى كييف وقالت في بيان في وقت لاحق انها "شددت على ضرورة التقييم الموضوعي لتطور العملية السياسية الداخلية للوضع في بلادنا وضرورة تجنب التصريحات الاستفزازية." ونقل حليف سياسي ليانوكوفيتش عنه قوله إن الرئيس الأوكراني لن يستخدم القوة لاخلاء الشوارع حيث يعتصم مئات الاشخاص في ميدان الاستقلال أو في ابنية تابعة لمجالس البلدية. وطالبت المعارضة المدعومة من الغرب يوم الثلاثاء بعودة دستور 2004 وهو ما يعني فقدان يانوكوفيتش لبعض صلاحياته الأساسية التي اكتسبها منذ انتخابه عام 2010. وتشمل هذه الصلاحيات تعيين رئيس الوزراء والحكومة بأكملها بالاضافة إلى حكام الأقاليم. وتريد المعارضة ايضا ان يتسع نطاق عفو غير مشروط عن المحتجين الذين اعتقلوا في الاضطرابات ليشمل جميع الأشخاص الذين تحتجزهم الشرطة. وقال فيتالي كليتشكو أحد زعماء المعارضة البارزين "إحدى وسائل الخروج (من الأزمة) هي اعادة توزيع الصلاحيات التي تملكها السلطة. وبعد ذلك سنكون واثقين من حدوث تغييرات في البلاد." وقال الزعيم القومي اليميني اوليه تياهينبوك "يجب اجراء تغييرات سريعة والعودة إلى دستور 2004 من اجل تقليص صلاحيات الرئيس." ويقول محللون إن العودة لدستور 2004 - وهو أمر لن تسمح به على الأرجح الاغلبية الموالية ليانوكوفيتش في البرلمان - سيعني اجراء انتخابات رئاسية مبكرة وهو مطلب أساسي اخر للمعارضة. ولم يستقر يانوكوفيتش على اختيار من يحل مكان ميكولا ازاروف في منصب رئيس الوزراء. وكان ازاروف وهو متشدد ومولود في روسيا تنحى عن منصبه في 28 يناير كانون الثاني الماضي. لكن مواقع اخبارية على الانترنت نشرت تصريحا لشخصية معارضة يعبر فيها عن اعتقاده بأن يانوكوفيتش سيختار اندريه كولييف المدير الحالي لادارته الرئاسية لتولي المنصب. لكن معظم المحتجين يعتبرون ان كولييف وهو نائب اول سابق لرئيس الوزراء ورئيس سابق لمجلس الدفاع والامن القومي هو المسؤول عن حملة الشرطة ضدهم في نهاية نوفمبر تشرين الثاني وان اختياره قد يزيد المخاطر. ومن المقرر ان تعقد مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون محادثات يوم الاربعاء مع يانوكوفيتش وزعماء المعارضة. وهون مسؤولون اخرون بالاتحاد الاوروبي من تصريحات اشتون التي قالت فيها إن اوروبا والولاياتالمتحدة يعملان على تقديم مساعدات مالية لأوكرانيا لاجراء اصلاحات. لكن وزارة الخارجية الأمريكية قالت إن واشنطن والاتحاد الاوروبي يجريان محادثات تمهيدية بشأن مساعدات مالية لأوكراينا اذا شكلت حكومة خبراء جديدة. ومن المقرر وصول مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية إلى كييف هذا الاسبوع. من ريتشارد بالمفورث