كييف (رويترز) - قدم رئيس الوزراء الأوكراني ميكولا أزاروف استقالته يوم الثلاثاء فيما تراجع نواب موالون للرئيس فيكتور يانوكوفيتش وألغوا قوانين تحظر التظاهر أقرها البرلمان قبل 12 يوما لتهدئة احتجاجات عنيفة. ودفعت أول تنازلات ملموسة من قبل يانوكوفيتش منذ اندلاع الأزمة قبل شهرين آلاف المحتجين المحتشدين في ميدان الاستقلال بالعاصمة كييف حيث مركز الاحتجاجات المناهضة للرئيس إلى ترديد هتافات مدوية. لكن زعماء المعارضة قالوا إنهم سيستمرون في تسخير قوة الشارع لانتزاع مزيد من المكاسب من يانوكوفيتش. وقال السياسي المعارض فيتالي كليتشكو ملاكم وزن الثقيل السابق للصحفيين "علينا ألا نغير الحكومة فقط وإنما قواعد اللعبة كذلك." وأضاف قائلا "واثقون من أن النضال سيستمر." وقدم أزاروف (66 عاما) استقالته بينما اجتمع البرلمان في جلسة طارئة من أجل التوصل إلى اتفاق يرضي المعارضة وينهي مظاهرات الاحتجاج في العاصمة كييف وفي مدن أخرى قتل فيها ستة أشخاص. وسارع يانوكوفيتش إلى قبول استقالة أزاروف وحكومته. وقال متحدث باسم مكتب أزاروف إن النائب الأول لرئيس الوزراء سيرجي أربوزوف وهو محافظ سابق للبنك المركزي سيقوم بأعمال رئيس الوزراء بينما يدير الوزراء الآخرون وزراتهم إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة. وقال أزاروف وهو مساعد موال ليانوكوفيتش منذ أن انتخب رئيسا في فبراير شباط 2010 إنه يقدم استقالته "بغية توفير آليات اضافية لايجاد تسوية اجتماعية سياسية ومن أجل التوصل لتسوية سلمية للصراع." لكنه في الحقيقة تعرض لإهانة علنية من يانوكوفيتش الذي عرض في مطلع هذا الأسبوع أن يعطي منصبه لوزير الاقتصاد السابق أرسني ياتسينيوك وهو أحد زعماء المعارضة في محاولة لكبح الاحتجاجات المتزايدة ضد حكمه. وكانت المعارضة تطالب باستمرار باستقالة حكومة أزاروف منذ بدء الأزمة. لكن زعماء المعارضة رفضوا عرض يانوكوفيتش بتولي مناصب رفيعة في الحكومة واعتبروه فخا للإضرار بصورتهم أمام أنصارهم في الشوارع. ورفض ياتسينيوك وهو أحد ثلاثة من زعماء للمعارضة عرض تعيينه رئيسا للوزراء ليل يوم الاثنين. وأيد ازاروف الذي يدير شؤون اقتصاد البلاد المثقل بالديون وسط ظروف عصيبة وركود اقتصادي قرار الانسحاب من اتفاقات ارتباط وتجارة حرة مع الاتحاد الاوروبي في نوفمبر تشرين الثاني وهي الخطوة التي أشعلت الاحتجاجات الحاشدة في الشارع. ودافع أزاروف في البرلمان عن الحاجة إلى توطيد العلاقات الاقتصادية مع روسيا في نقاش عاصف مع المعارضة. وبدأ البرلمان جلسة طارئة يوم الثلاثاء بينما كان وزراء من الموالين ليانوكوفيتش يقولون إنهم سيضغطون لإعلان حالة الطوارئ إذا لم يكبح زعماء المعارضة المحتجين وينهون احتلال المباني الحكومية في أنحاء البلاد. لكن الموالين ليانوكوفيتش صوتوا لصالح إلغاء تشريع يحظر المظاهرات أقروه في 16 يناير كانون الثاني في استجابة لضغوط من الرئيس ومساعديه ليتخذوا موقفا مناقضا. وسعى زعماء المعارضة لمواصلة الضغوط على يانوكوفيتش إذ طالبه ياتسينيوك بأن يوقع بسرعة على إلغاء القوانين كي يصبح الإلغاء ساريا. وقال كليتشكو إن نواب المعارضة في البرلمان سيضغطون الآن من أجل إصدار عفو عن النشطاء الذين احتجزتهم الشرطة أثناء الاضطرابات والعودة إلى دستور عام 2004 الذي يقلص إلى حد كبير الصلاحيات الحالية للرئيس. قال إيفان (45 عاما) من إقليم لفيف وهو أحد حراس المتاريس المؤدية إلى ميدان الاستقلال "هذه القرارات التي اتخذها البرلمان جيدة لكنها لا تمثل الا تقدما ضئيلا. لن نغادر قبل تغيير النظام والدستور." وقال سيرجي من إقليم فينتسيا بوسط أوكرانيا "نقاتل منذ شهرين ولا نريد التوقف الآن في منتصف الطريق. انتهى وقت الحديث. كل شيء جاد الآن." ودفع الحديث عن فرض حالة الطواريء في أوكرانيا التي يبلغ عدد سكانها 48 مليونا مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون إلى تقديم موعد زيارتها إلى كييف ومن المقرر أن تصلها يوم الثلاثاء. ودعا نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن يانوكوفيتش يوم الاثنين أن يحث حكومته على عدم إعلان حالة الطواريء والعمل مع المعارضة على إنهاء الاضطرابات سلميا. وقال البيت الأبيض إن بايدن "أكد أن الولاياتالمتحدة تدين استخدام العنف من أي طرف وحذرت من أن إعلان حالة الطواريء أو فرض أي إجراءات أمنية صارمة ستشعل الوضع وتغلق الباب أمام التوصل إلى تسوية سلمية." ورغم أن الحركة الاحتجاجية بدأت بسبب انقلاب سياسة يانوكوفيتش نحو أوروبا الا انها تحولت منذ ذلك الحين الى مظاهرات حاشدة تتخللها اشتباكات مع الشرطة ضد ما يعتقد المحتجون انه سوء حكم وفساد في قيادة يانوكوفيتش. ويعتصم عدة مئات في ميدان الاستقلال بكييف والشارع المتاخم له فيما يشتبك المحتجون الأكثر تشددا مع الشرطة عند استاد دينامو لكرة القدم على مسافة بعيدة. من ريتشارد بالمفورث وبافل بوليتيوك