باتت مدينة درعا جنوب سوريا "شبه معزولة" عن دمشق بعد سيطرة مقاتلي المعارضة على بلدة واقعة على طريق يربط بينهما، في حين اعتبر النظام السوري تكرار سقوط قذائف الهاون على العاصمة تصعيدا "الى اقصى الحدود" في النزاع. وتأتي هذه الاحداث غداة تأكيد باريس تريثها في تسليح المعارضين لحين الحصول على ضمانات بعدم وصول الاسلحة الى مقاتلين اسلاميين متطرفين، بينما اكدت واشنطن استمرار رئيس الائتلاف السوري المستقيل احمد معاذ الخطيب في مهامه حتى انتهاء ولايته. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان مقاتلي المعارضة سيطروا "على بلدة داعل بعد تدمير حواجز القوات النظامية الثلاثة عند مداخل البلدة وفي محيطها". واوضح ان "البلدة الواقعة على طريق دمشق درعا اصبحت بذلك خارجة عن سيطرة النظام في شكل كامل". وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان "مدينة درعا باتت شبه معزولة عن دمشق" نظرا الى قطع طرق عدة بينهما، منها الطريق السريع القديم والاوتوستراد الدولي وطريق نوى درعا. واشار الى ان "ما جرى في داعل هو مرحلة من مراحل الاطباق على مدينة درعا وعزلها بالكامل عن محيطها وعن مدينة دمشق". وتأتي السيطرة على البلدة غداة قول عضو مجلس الشعب السوري عن درعا وليد الزعبي ان مقاتلي المعارضة باتوا يسيطرون على اجزاء واسعة من المحافظة، بعدما "اخليت بعض المواقع العسكرية (...) وحل محل هذه المواقع ارهابيون من (جبهة) النصرة". وحقق مقاتلو المعارضة مؤخرا تقدما واسعا في مناطق جنوب البلاد، شمل السيطرة على شريط حدودي بطول 25 كيلومترا يمتد من الحدود الاردنية حتى الجزء السوري من الجولان. وفي الشمال الذي يسيطر المقاتلو على اجزاء واسعة منه، تدور اشتباكات عنيفة تزامنا مع غارات جوية في محيط الفرقة 17 في ضواحي مدينة الرقة "في محاولة جديدة لاقتحام المقر الذي يعد احد اهم معاقل القوات النظامية المتبقية في المحافظة"، بحسب المرصد. ويسيطر مقاتلو المعارضة على اجزاء واسعة من محافظة الرقة، لا سيما مدينة الرقة التي باتت منذ السادس من آذار/مارس الجاري اول مركز محافظة خارج سيطرة النظام. وتأتي هذه الاحداث غداة مقتل 150 شخصا بحسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويقول انه يعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في مختلف انحاء سوريا. ومن الضحايا 15 طالبا قضوا جراء سقوط قذائف هاون على كلية الهندسة المعمارية التابعة لجامعة دمشق، والواقعة على مقربة من ساحة الامويين. وتعليقا على الهجوم، قال وزير الاعلام السوري عمران الزعبي ان "قيام الارهابيين باستهداف الاحياء السكنية والمدارس والجامعات والمستشفيات بقذائف الهاون هو تنفيذ لامر خارجي بتصعيد ارهابي الى اقصى الحدود"، بحسب مقابلة مع التلفزيون الرسمي. واعتبر ان هدف التصعيد "الايحاء بان الارهابيين (...) قاب قوسين او ادنى من تحقيق اهداف عدوانهم"، مشددا على وجود "قرار حاسم ونهائي (...) بالدفاع عن البلاد حتى اللحظة الاخيرة". وامتنعت واشنطن مساء الخميس عن اتهام اي من طرفي النزاع بالمسؤولية عن سقوط القذائف. وقالت على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند "ليست لدينا اي معلومات تتيح لنا التأكد من هوية الجهة المسؤولة". وتكرر منذ مطلع الاسبوع سقوط قذائف مماثلة على احياء عدة في العاصمة لا سيما في الوسط، تزامنا مع ارتفاع وتيرة اعمال العنف على اطراف دمشق. ورأى الزعبي ان "الامر" بالتصعيد تزامن مع "اعطاء الجامعة العربية مقعد سوريا الى +ائتلاف الدوحة+"، في اشارة الى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة. وكانت القمة التي عقدت الاثنين في الدوحة، اكدت حق الدول العربية في تسليح المعارضة، ومنحت المعارضة مقعد دمشق الذي شغله رئيس الائتلاف احمد معاذ الخطيب. كما افتتح الخطيب الاربعاء "سفارة الائتلاف الوطني السوري" الاولى، ومقرها فيلا فخمة في الحي الدبلوماسي في العاصمة القطرية. ولقيت الخطوة انتقاد طهران الحليفة للنظام السوري. وقال نائب وزير الخارجية حسين امير عبداللهيان اليوم ان "خطوة قطر المسرحية منح سفارة سوريا لمجموعة لا تتمتع باصوات الشعب متسرعة وغير معقولة"، وان "الشعب السوري لن يسمح لاخرين بتقرير مصير البلاد". واتت القمة وافتتاح السفارة بعد ايام من تقديم الخطيب استقالته، في خطوة ناجمة عن ضغوط دولية واعتراض على انتخاب رئيس لحكومة المعارضة. وليل الخميس، قالت نولاند عن الخطيب "نفهم انه يقول الآن انه سيتحمل مسؤولياته. لقد عين رئيسا لستة اشهر"، في اشارة الى مدة ولايته التي تنتهي في ايار/مايو. وفي واشنطن، اعلنت وزارة العدل الاميركية ان جنديا سابقا في الجيش الاميركي اعتقل بتهمة التآمر بعدما قاتل في سوريا في صفوف "جبهة النصرة" الاسلامية، والتي ادرجتها واشنطن على لائحة المنظمات الارهابية. وتثير المجموعات الاسلامية المقاتلة في سوريا مخاوف الدول الغربية الداعمة للمعارضة. واتى الاعلان الاميركي في يوم قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال مقابلة مع قناة "فرانس 2" انه "لا يمكن ان يحصل تصدير للاسلحة بعد انتهاء الحظر (الاوروبي) في ايار/مايو، اذا لم تكن هناك قناعة تامة بان هذه الاسلحة سيستخدمها معارضون شرعيون وليس لهم اي صلة باي تنظيم ارهابي". اضاف "في الوقت الراهن، هذه القناعة التامة ليست متوفرة لدينا. لن نقوم بهذا الامر طالما اننا غير واثقين تماما من ان المعارضة لديها السيطرة التامة على الوضع". وكانت باريس ولندن اعلنتا في 14 آذار/مارس عزمهما على تسليح المعارضة السورية حتى من دون موافقة الاتحاد الاوروبي، وهو موقف ما زال موضع تباين بين الدول الاعضاء.