جددت القوات النظامية السورية الجمعة قصفها لمناطق يسيطر عليها المقاتلون المعارضون ولاسيما في حمص حيث استخدمت وللمرة الأولى منذ اندلاع النزاع الطيران الحربي في قصف هذه المدينة الواقعة في وسط البلاد. وجاء ذلك في حين عزز الجيش التركي وجوده على الحدود مع سوريا والتي استعادت هدوءها. وتأتي هذه التطورات غداة إدانة مجلس الأمن الدولي القصف السوري لقرية تركية حدودية ونتج عنه سقوط خمسة قتلى مدنيين أتراك، ورد عليه البرلمان التركي بتفويض الحكومة بشن عمليات عسكرية داخل سوريا، في حين نفى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وجود نية لدى بلاده بشن حرب على جارتها الجنوبية. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجمعة 5 أكتوبر، عن تعرض حي الخالدية بحمص "لقصف هو الأعنف منذ خمسة اشهر حيث شاركت طائرة حربية لأول مرة باستهداف الحي"، تزامنا مع قصف بالمدفعية وقذائف الهاون وتعزيزات في محيطه. كما أوردت "الهيئة العامة للثورة السورية" أن الحي يتعرض لقصف عنيف "بقذائف الهاون والمدفعية ومن قبل الطيران الحربي (الميغ) التابع لقوات الأمن وجيش النظام، بالتزامن مع انفجارات هائلة تهز الحي وتصاعد أعمدة الدخان في سماء المدينة". وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال مع وكالة فرانس برس "يبدو أن (مجال) استخدام الطيران الحربي ليس مفتوحا، لذا يحاول النظام أن يحقق مكاسب قدر الإمكان". وقال ناشط في حمص عرف عن نفسه باسم "أبو رامي" لوكالة فرانس برس عبر سكايب، أن الأيام القليلة الماضية شهدت "عدة محاولات من النظام لاقتحام أحياء حمص القديمة". وتعتبر ثالث كبرى المدن السورية معقلا أساسيا للمقاتلين المعارضين الذين يسيطرون على غالبية الأحياء في حمص القديمة لاسيما الخالدية وجورة الشياح، وقد شهدت هذه المدينة معارك عنيفة استمرت اشهرا، ولا تزال مناطق فيها تحت الحصار. وشهدت مناطق سورية عدة أعمال عنف الجمعة، غداة يوم دام راح ضحيته 170 قتيلا هم 74 مدنيا و48 مقاتلا معارضا و48 جنديا نظاميا، بحسب المرصد. وفي حلب (شمال) العاصمة الاقتصادية للبلاد، يتعرض حي الصاخور شرق المدينة لقصف عنيف "بالتزامن مع اشتباكات عنيفة" قرب دوار الصاخور، بحسب المرصد. وتشهد المدينة منذ 20 يوليو الماضي قصفا واشتباكات، بعدما بقيت مدة طويلة في منأى عن اعمال العنف المستمرة في سوريا منذ منتصف مارس 2011. وفي ريف دمشق قصفت القوات النظامية مدينة حرستا وضاحية قدسيا، غداة مقتل 21 عنصرا على الأقل من قوات الحرس الجمهوري في تفجير وإطلاق نار. وتقوم القوات النظامية بتشديد حملتها على مناطق في ريف العاصمة حيث عزز المقاتلون المعارضون وجودهم. وفي محافظة الرقة (شمال)، أفاد المرصد عن اشتباكات في بلدة معدان بريف الرقة، في حين نفذت القوات النظامية حملة اعتقالات في مدينة الرقة. وتبعد هذه المنطقة نحو 50 كيلومترا إلى الجنوب من تل ابيض ورسم الغزال، اللتين تعرضتا لقصف تركي الخميس ردا على القصف السوري على قرية اكجاكالي الحدودية التركية والذي أدى إلى مقتل خمسة مدنيين أتراك بينهم أم وأطفالها الثلاثة. وعاد الهدوء النسبي إلى الحدود بين البلدين الجمعة لاسيما في هذه البلدة الواقعة في جنوب شرق تركيا حيث عزز الجيش التركي وجوده بحسب مراسل فرانس برس. وانتشرت دبابات وقطع مدفعية وجهت فوهاتها إلى الأراضي السورية، كما جابت آليات عسكرية شوارع البلدة المقابلة لمعبر تل ابيض الحدودي، الذي يسيطر مقاتلون معارضون على الجانب السوري منه منذ منتصف سبتمبر الماضي. وأشار المراسل إلى أن الكثير من سكان اكجاكالي عبروا الحدود بحرية لتزويد جيرانهم السوريين بالمياه أو الأغذية بعد انقطاع المؤن عنهم بسبب المعارك الدامية بين المعارضين والقوات النظامية. وكان البرلمان التركي منح حكومة بلاده الخميس ضوءا اخضر لشن عمليات عسكرية في الأراضي السورية في حال تهديد "أمنها القومي". لكن المسؤولين الأتراك سارعوا إلى التشديد على أن هذه الخطوة لن تؤدي إلى نزاع واسع، لاسيما مع تأكيد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده لا "تنوي خوض حرب ضد سوريا". وكانت تركيا قابلت القصف السوري برد مدفعي على مواقع للجيش السوري أدى إلى مقتل عدد من الجنود السوريين. وبعد مفاوضات طويلة وشاقة بين الدول الغربيةوروسيا، نجح مجلس الأمن الدولي مساء الخميس في إصدار بيان يدين "باشد العبارات إطلاق القوات المسلحة السورية قذائف" على اكجاكالي، مطالبا باسم أعضائه الخمسة عشر ب"وقف مثل هذه الانتهاكات للقوانين الدولية فورا وعدم تكرارها". وسعت روسيا، الحليف الأوثق لنظام الرئيس بشار الأسد، إلى التخفيف من حده البيان الذي كان من المتوقع صدوره صباح الخميس، رافضة تضمينه عبارة تعتبر أن القصف السوري "تهديد خطير للسلام والأمن الدوليين". وفي خطوة تعد تنازلا لصالح الروس، يتوقع ان يصدر مجلس الأمن، الجمعة بيانا يدين الهجمات التي ضربت مدينة حلب الاربعاء وادت الى سقوط ما لا يقل عن 48 قتيلا غالبيتهم من القوات النظامية. وكانت دمشق أعربت في رسالة مزدوجة بعثت بها وزارة الخارجية السورية إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون وسفير غواتيمالا غيرت روزنتال الذي تترأس بلاده المجلس في هذا الشهر، عن تطلعها "إلى إدانة مجلس الأمن بشكل صريح وواضح الإحداث الإرهابية التي ضربت حلب"، والتي تبنتها جبهة النصرة الإسلامية المتطرفة. ونفى المندوب السوري إلى الأممالمتحدة بشار الجعفري ما أورده مسؤولون أتراك عن اعتذار دمشق عن سقوط القذائف، مكتفيا بالقول أن "التحقيق لم ينته بعد"، ومشددا على أن بلاده "لا تسعى وراء التصعيد مع إي من جيرانها بما في ذلك تركيا".