دعا الموفد الدولي الاخضر الابراهيمي الخميس الى تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة لحين اجراء انتخابات في سوريا، مؤكدا على وجوب ان يكون التغيير "حقيقيا" في البلاد التي تشهد ازمة مستمرة منذ 21 شهرا. واعلنت المعارضة السورية على الفور انها منفتحة على اي عملية انتقال سياسي في سوريا شرط الا يكون الرئيس بشار الاسد جزءا منها، فيما لم يوضح الابراهيمي ما سيكون عليه مصير الرئيس السوري في "التغيير" المطلوب. وجددت باريس بدورها رفضها ان يكون للرئيس السوري اي دور في الانتقال السياسي في سوريا، فيما حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاسرة الدولية من "فوضى دامية" في حال عدم التوصل الى حل تفاوضي للنزاع. وقال الابراهيمي في مؤتمر صحافي عقده قبل مغادرته دمشق متوجها الى بيروت قبل ظهر الخميس "ان الوضع في سوريا يشكل خطرا كبيرا ليس فقط على الشعب السوري وانما على دول الجوار بل على العالم"، وان "الوقت ليس في صالح احد". ودعا الى تشكيل حكومة "كاملة الصلاحيات"، موضحا ان "كل صلاحيات الدولة يجب ان تكون موجودة في هذه الحكومة" التي يفترض ان "تتولى السلطة اثناء المرحلة الانتقالية". وشدد على ان "التغيير المطلوب ليس ترميميا ولا تجميليا. الشعب السوري يحتاج ويريد ويتطلع الى تغيير حقيقي، وهذا معناه مفهوم من الجميع". وقال ان المرحلة الانتقالية يفترض ان تنتهي بانتخابات "اما ان تكون رئاسية ان اتفق ان النظام سيبقى رئاسيا"، او برلمانية في حال "الاتفاق على تغيير النظام في سوريا الى نظام برلماني". ونفى الابراهيمي ان يكون قدم مشروع حل متكامل، محبذا ارجاء ذلك الى حين "تكون الاطراف وافقت عليه كي يكون تنفيذه سهلا". والمح الى ان الفشل في الاتفاق قد يدفع نحو "الذهاب الى مجلس الامن واستصدار قرار ملزم للجميع"، علما ان مجلس الامن فشل منذ بداية النزاع في منتصف آذار/مارس 2011 في استصدار قرار حول سوريا بسبب استخدام روسيا والصين الداعمتين للنظام حق النقض (الفيتو). وبدا طرح الابراهيمي مطابقا تقريبا لاتفاق جنيف الذي وضعته "مجموعة العمل حول سوريا" (الدول الخمس الكبرى وتركيا ودول من الجامعة العربية) في حزيران/يونيو. وقال الابراهيمي اليوم "نحن واثقون ان مؤتمر جنيف (...) فيه ما يكفي من العناصر لوضع مخطط يمكن ان ينهي هذه الازمة خلال الاشهر القليلة المقبلة". واضاف "مضت ستة اشهر على جنيف، لا شك ان هناك بعض التعديلات يجب ان تدخل على النقاط التي اتت فيه، لكن هذه النقاط (...) صالحة في كل مكان وزمان". ونفى الابراهيمي وموسكو اليوم ما قيل عن اتفاق روسي اميركي حول سوريا تم التوصل اليه خلال اجتماع ثلاثي بين موفد الاممالمتحدة وجامعة الدول العربية ووزيري خارجية البلدين في دبلن في مطلع هذا الشهر. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الكسندر لوكاشفيتش "لم يكن هناك وليس هناك مثل هذه الخطة، وليست موضع بحث". واضاف ان "جعل رحيل رئيس منتخب حجر اساس لاي حوار هو انتهاك لكل الاتفاقات التي تم التوصل اليها"، في اشارة الى رفض المعارضة السورية اي حديث عن حل لا يشمل رحيل اركان النظام. وقال وزير الخارجية الروسي في حديث مع وكالة انباء "انترفاكس" الروسية اليوم ان "الخيار البديل للحل السلمي (في سوريا) هي الفوضى الدامية. ثم ستتسع، وكلما اتسعت، تفاقم الوضع بالنسبة للجميع". واضاف "الفرص تتضاءل" للتوصل الى قرار بناء على اتفاق جنيف، "لكنها ما زالت موجودة ويجب ان نبذل مجهودا من اجل ذلك". وكان لافروف التقى امس نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ولم يكشف عن نتائج المحادثات. الا ان الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية جدد اليوم تمسكه بهذا الموقف. وقال الناطق باسم الائتلاف الوطني وليد البني في مؤتمر صحافي عقده في اسطنبول "لا يمكن للائتلاف الوطني السوري ان يقبل اي مبادرة لحل سياسي في سوريا ما لم يكن بندها الاول رحيل النظام بكل رموزه ومرتكزاته". واضاف "لا يمكن لمن ارتكب كل تلك الجرائم التي اودت بحياة عشرات الآلاف من الشهداء وهجرت ملايين السوريين داخل الوطن وخارجه، ان يكون جزءا من اي حل سياسي". وقال مساعد الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية فنسان فلورياني الخميس ان "بشار الاسد الذي يواصل قمعا اكثر شراسة ضد شعبه ويتحمل مسؤولية الضحايا ال45 الفا في هذا النزاع لا يمكن ان يكون جزءا من الانتقال السياسي". وحذر الابراهيمي اليوم من "شكل لعين" يتخذه النزاع في سوريا "وهو المواجهات الطائفية". ميدانيا، قتل 58 شخصا الخميس في اعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا، بحسب حصيلة اولية للمرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ويقول انه يعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في مختلف المناطق السورية. وافاد المرصد مساء الخميس ان مقاتلي المعارضة تمكنوا من اقتحام مطار منغ العسكري في ريف حلب بعد حصار لمدة اشهر ومعارك عنيفة استمرت اياما. واشار الى اشتباكات عنيفة داخل اسوار المطار. ونفذ الطيران الحربي السوري الخميس غارات عدة على محيط معسكر وادي الضيف القريب من مدينة معرة النعمان الاستراتيجية في محافظة ادلب (شمال غرب)، فيما استمرت الاشتباكات في محيط المعسكر المحاصر منذ سيطرة المقاتلين على معرة النعمان في تشرين الاول/اكتوبر الماضي. في ريف دمشق حيث كثفت القوات النظامية في الفترة الماضية حملتها العسكرية للسيطرة على معاقل للمقاتلين المعارضين، دارت اشتباكات في مدينة داريا (جنوب غرب دمشق)، وتعرضت مدينة الزبداني للقصف، بحسب المرصد. وتحدث المرصد عن سقوط قتلى وجرحى اثر انفجار سيارة مفخخة في شارع النهر بمنطقة السبينة في ريف دمشق، فيما ذكر التلفزيون السوري الرسمي ان التفجير ادى الى "استشهاد اربعة مواطنين وجرح عشرة آخرين معظمهم من طلاب المدارس".