تنظم في جورجيا الاثنين انتخابات برلمانية يتنافس فيها حزب الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي مع معارضة يقودها ملياردير في اختبار للديموقراطية في هذه الدولة السوفياتية السابقة غداة الكشف عن فضيحة تعذيب معتقلين. واثارت فضيحة ضرب واغتصاب معتقلين سخطا وشوهت سمعة حزب الرئيس ساكاشفيلي الحاكم، قبل اقل من اسبوعين على الانتخابات، وادت الى احتجاجات وادانات دولية ومخاوف من اندلاع اضطرابات في هذه الجمهورية الصغيرة المدعومة من الغرب. ووعد كل من ساكاشفيلي ومنافسه الملياردير بيدزينا ايفانيشفيلي بفوز كاسح بعد حملة صعبة بين المتنافسين الرئيسيين وصفها مراقبو منظمة الامن والتعاون في اوروبا ب"الاستفزازية والقاسية". وقال توماس دو فال الخبير في شؤون القوقاز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولية في واشنطن لوكالة فرانس برس "نرى في هذه الانتخابات تصادما بين شخصيتين قويتين جدا، شخصين مغرورين جدا يريد كل منهما هزيمة الاخر ولا يريد التنازل". ويتهم ايفانيشفيلي زعيم ائتلاف المعارضة خصمه ساكاشفيلي باقامة نظام استبدادي، ويقول الرئيس الجورجي ان منافسه الثري سيقضي على برنامج التحديث في البلاد ويعيدها الى ماض من الفساد والفوضى. وقبل الكشف عن فضيحة التعذيب الاسبوع الماضي، اشارت استطلاعات الرأي الى تقدم حزب ساكاشفيلي "الحركة الوطنية المتحدة" على كتلة ايفانيشفيلي "الحلم الجورجي". ولم يتضح بعد مدى تاثير بث اشرطة فيديو تضمنت مشاهد تعذيب معتقلين في سجن، على نتيجة الانتخابات. ودعت الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي الى انتخابات نزيهة تدفع بطموح جورجيا قدما نحو الانضمام الى مؤسسات الغرب. ووعد ساكاشفيلي بانتخابات ستكون "الاكثر حرية وشفافية" منذ استقلال جورجيا في 1991. غير ان ايفانيشفيلي قال ان الاجواء الانتخابية تم التلاعب بها لصالح الحزب الحاكم وهدد بتظاهرات احتجاج حاشدة. ويقول محللون انه رغم ان الحملة الانتخابية اتسمت بالتنافس الحاد الا ان الخصومات سلطت الضوء على اوجه القصور في نظام جورجيا الديموقراطي الهش. وقال المحلل الجورجي المستقل غيا نوديا لوكالة فرانس برس ان "الاستقطاب في المجتمع وعدم التسامح تجاه الخصوم السياسيين وصل الى اقصى الحدود". والانتخابات مهمة لان التعديلات الدستورية ستعزز البرلمان وسلطة رئيس الوزراء وتقلص دور الرئيس عندما تنتهي فترة ولايته الثانية في 2013. وجورجيا الواقعة على خط انابيب استراتيجي ينقل نفط وغاز بحر قزوين الى اوروبا، المستفيدة الرئيسية من مساعدات الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي. وتطمح جورجيا ايضا للانضمام الى حلف شمال الاطلسي في مسعى يثير غضب روسيا. ومنذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي، واجهت هذه الدولة القوقازية الجبلية البالغ عدد سكانها 4,5 مليون نسمة، انهيارا اقتصاديا وحربا اهلية. وواجهت ايضا اضطرابات سياسية متكررة شهدت اقالة رئيسين. واحدث الصراعات التي شهدتها، كانت حربا استمرت 5 ايام ضد روسيا في 2008 وانتهت بخسارتها الفعلية لمنطقتين انفصاليتين مدعومتين من الكرملين حيث تنشر موسكو حاليا آلاف الجنود. ويتهم الحزب الحاكم ايفانيشفيلي الذي جمع ثروته البالغة 6,4 مليار دولار في روسيا، بمساعدة مصالح الكرملين وهو ما ينفيه الملياردير. ويقول انه رغم رغبته في استعادة العلاقات مع موسكو الا انه مؤيد للغرب. وتهيمن مسألتا الفقر والبطالة على الحملة الانتخابية حيث يعد المرشحان المتنافسان بانفاق مبالغ كبيرة على الرعاية الاجتماعية وايجاد فرص عمل. والمعركة الانتخابية تدور ايضا في الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي. واستعان كل من المرشحين بجماعات ضغط للترويج لرؤيتهما المتضاربة حول جورجيا في اروقة واشنطن وبروكسل. وتشغل "الحركة الوطنية المتحدة" 119 من مقاعد البرلمان المنتهية ولايته والبالغ عددها 150. ويحكم الحزب جورجيا منذ "الثورة الوردية" في 2003 والتي اطاحت بالرئيس ادوارد شيفارندزه، وزير الخارجية السوفياتي السابق. والحزب الذي يرأسه ساكاشفيلي صاحب الحضور القوي، ادخل اصلاحات جذرية استهدفت الفساد، وخلقت بنية تحتية جديدة وبدأت بانعاش اقتصاد جورجيا المنهار. غير ان الاصلاحات اغضبت بعض الجورجيين الذي شعروا بالتهميش بسبب الرغبة في التغيير، وتم ارسال شرطة مكافحة الشغب لتفريق تظاهرات في 2011 و2007. وهذا ما اقلق الحلفاء الغربيين الذين دائما ما اعتبروا ساكاشفيلي رائد الديمقراطية في حقبة ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. والانتخابات التي تبدأ الساعة 4,00 بتوقيت غرينيتش الاثنين وتنتهي في الساعة 16,00 تغ، سيتابعها مراقبو منظمة الامن والتعاون في اوروبا.