أفردت الصحف البريطانية الصادرة صباح الثلاثاء تغطيات واسعة للشأن السوري بما في ذلك تخصيص تحليل بشأن المهمة شبه المستحيلة التي تنتظر الأخضر الإبراهيمي إلى سوريا. انفردت صحيفة الغارديان بتحليل لمحررها لشؤون الشرق الأوسط، إيان بلاك، عن المهمة التي تنتظر المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي إلى سوريا. يقول بلاك تحت عنوان دبلوماسي ينشد المستحيل إن الاضطلاع بمهمة شبه مستحيلة ليس تحديا روتينيا حتى بالنسبة إلى الإبراهيمي المتمرس في العمل الدبلوماسي الذي سبق له أن عالج نزاعات مستعصية على مدى نصف قرن. لكن الإبراهيمي الذي خلف المبعوث السابق كوفي عنان قال البارحة في مقابلة مع بي بي سي إنه يشعر بالعبء الثقيل لتعيينه في هذا المنصب. ويرى بلاك أن الإبراهيمي على خلاف عنان لم يقل صراحة إن الرئيس بشار الأسد ينبغي أن يتنحى عن الحكم لكن أسوة بعنان، سيكون عليه أن يشق طريقه وسط انقسامات عميقة يشهدها مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في سوريا والهوة التي لا سبيل إلى تجسيرها بين الحكومة السورية والمعارضة بعد 18 شهرا من سفك الدماء قتل خلالها نحو 20 ألف شخص. وينقل بلاك عن الإبراهيمي قوله في مقابلة مع بي بي سي أعرف كم هي المهمة صعبة وكم هي شبه مستحيلة. لا يمكنني أن أقول إنها مستحيلة ولكنها شبه مستحيلة. وحقيقة، نحن لا نقوم بالكثير باتجاه حلها . يستعرض بلاك مسيرة الإبراهيمي المهنية التي بدأت عندما عين ممثلا لجبهة التحرير الوطني الجزائرية في المفاوضات التي أجرتها مع فرنسا خلال كفاحها من أجل الاستقلال ثم عين بعد عام 1962 سفيرا في مصر وبريطانيا. ويواصل بلاك قائلا إن الإبراهيمي عين نائبا للأمين العام للجامعة العربية ومبعوثا لها إلى لبنان مع قرب نهاية حربه الأهلية التي دامت 15 عاما إذ كان عليه أن يتعامل مع شخصيات سيئة . وأصبح ما بين 1991 و 1993 وزيرا لخارجية الجزائر. وأضاف بلاك أن الإبراهيمي عين ممثلا خاصا للأمم المتحدة بشأن أفغانستان وترأس مؤتمر بون الذي سعى لحل الأزمة الأفغانية. وصف مندوب بريطانيا في نيويورك، السير جريمي جرينستوك، الإبراهيمي قائلا يحظى باحترام كبير في منظومة الأممالمتحدة بفضل خبرته وحصافته السياسية والدبلوماسية ودهائه في التعامل مع موضوع شديد الصعوبة . ويتابع بلاك قائلا إن عنان (عندما كان أمينا عاما للأمم المتحدة) أرسله إلى العراق للإشراف على المرحلة الانتقالية التي شهدت الانتقال من مجلس الحكم الذي أسسه الأمريكيون إلى تشكيل حكومة انتقالية. ويرى بلاك أن الإبراهيمي يُنظر إليه بوصفه وسيطا يمتلك العمق والخبرة، ومن مزاياه أنه ينتمي إلى دولة كانت من أركان حركة عدم الانحياز ومن ثم فهو في وضع يؤهله للتوسط بين الشمال والجنوب. ويقول العارفون به إنه رجل صبور بدون أوهام تراوده. يقول الصحفي المصري، أيمن الأمير، اكتسب مهارة متفردة تجعله يلمح بصيص الأمل وسط أكثر القضايا حلكة. عندما قبل التكليف، لابد أنه لمح فرصة تستحق من يرتادها . ونظل مع الموضوع السوري، إذ غطت صحيفة الفاينانشال تايمز الموضوع السوري تحت عنوان الضربات الجوية تخلف ضحاياها بين المدنيين المروعين . تقول الصحيفة إن النظام السوري أخذ يصعد ضرباته الجوية في ظل وقوع مزيد من المناطق في قبضة المتمردين. تذكر الصحيفة أن نظام بشار الأسد لجأ في الشهر الماضي إلى الضربات الجوية على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وهي استراتيجية ترى الصحيفة أنها زادت عدد القتلى وفاقمت الأزمة الإنسانية الحادة التي تعاني منها سوريا في ظل هروب آلاف السوريين من منازلهم بحثا عن ملاذات آمنة. وتضيف الصحيفة أن التقارير الأولى بشأن استخدام النظام الطائرات المقاتلة تسربت في أواخر شهر يوليو/تموز الماضي في مدينة حلب لكن ناشطين يقولون إن النظام يستخدم الضربات الجوية في أرجاء سوريا الأخرى. وتنقل الصحيفة عن منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان قولها إنها تلقت تقارير ذات مصداقية بشأن استخدام النظام الضربات الجوية في منطقة دمشق وفي محافظة إدلب بالشمال وفي محافظة درعا بالجنوب وفي محافظتي حمص وحماة بوسط سوريا وفي محاظفة دير الزور بالشرق. وتنقل الصحيفة عن أحد الباحثين في مجموعة الأزمات الدولية قوله إن لجوء النظام إلى الضربات الجوية في منطقة حلب أصبح أكثر تواترا . وترى الصحيفة أن التصعيد العسكري يؤدي إلى زيادة عدد اللاجئين والقتلى إذ قتل في الشهر الماضي حسب مصادر المعارضة نحو خمسة آلاف مدني وهو أكثر شهر دموية في الصراع الذي تشهده سوريا. وقالت منظمة اليونسيف إن 1600 شخص قتلوا خلال الأسبوع الماضي بمفرده كما أن عدد اللاجئين المسجلين تضاعف في أغسطس ليتجاوز مئتي ألف لاجئ. وتضيف الصحيفة أن النظام كان حتى الآونة الأخيرة يتجنب استخدام المقاتلات رغم نشره طائرات هليوكبتر مقاتلة منذ شهر يونيو/حزيران الماضي لكن مع اتساع نطاق المناطق التي يسيطر عليها المتمردون وازدياد قوتهم، وجد النظام نفسه مرغما على تصعيد هجماته. ويرى بيتر هارلينغ وهو محلل في مجموعة الأزمات الدولية أن القصف الجوي تطور طبيعي للصراع في غياب إشارات واضحة من المجتمع الدولي بأن هذا التصرف ستكون له عواقب وخيمة. لكن آخرين يرون أن الهجمات الجوية تسعى لعقاب السكان المحليين وسحب الدعم من الجيش السوري الحر بينما يذهب آخرون إلى أنها تعكس تردد النظام في استخدام القوات البرية والدبابات والتي تزايدت في صفوفها الانشقاقات وباتت تتعرض لهجمات المتمردين. صحيفة التايمز خصصت أيضا أحد موضوعاتها في شؤون العالم للموضوع السوري تحت عنوان دمشق متهمة بتأجيج الاضطرابات العنيفة في المناطق الكردية بتركيا . تقول الصحيفة إن دمشق متهمة بأنها تحاول زعزعة الاستقرار في جارتها الشمالي انتقاما منه لدعمه المعارضة. وتذكر الصحيفة أن نحو 30 شخصا قتلوا بمن فيهم عشرة جنود أتراك عندما شن المتمردون الأكراد هجوما على قاعدة عسكرية تركية. وتضيف الصحيفة أن الهجوم يأتي في ظل تصعيد حزب العمال الكردستاني هجماته على القوات التركية منذ أكثر من عقد، ما دفع تركيا إلى اتهام نظام الأسد بإذكاء التمرد. وفي هذا الإطار ، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الشهر الماضي عقب أحد الهجمات التي تعرضت لها تركيا إن الأسد أمدهم بالسلاح. وأخلت القوات السورية مناطق واسعة يقطنها الأكراد وأسلمت قيادتها إلى ميليشيا موالية لحزب العمال الكردستاني، ما حدا بتركيا إلى التهديد بالتدخل في حال تحولت المنطقة إلى قاعدة لشن هجمات عليها. ويرى أحد المحللين الأتراك أن الخطر الذي تواجهه تركيا هو أن في حال زيادة نشاطات حزب العمال الكردستاني ومحاولته شن انتفاضة شبيهة بالربيع العربي، فإن القوات المسلحة التركية قد تبالغ في رد فعلها وتقتل المدنيين ما يؤدي إلى استعداء المدنيين الذين يؤيدون حاليا الحكومة .