من المحتمل جداً هذه الأيام أن يقوم حزب العمال الكردستانى بجر تركيا إلى التدخل العسكرى فى سوريا، فلقد قامت تركيا مؤخراً باتهام سوريا بأنها تستخدم حزب العمال الكردستانى - الذى وجه الكثير من الضربات إلى تركيا - كذراع عسكرية لها وأنها تسمح لنشطاء هذه المنظمة بالتجول بحرية فى أراضيها حاملين أسلحتهم، بل وتسمح لهم أيضاً بالقيام بعمليات إرهابية داخل الأراضى التركية انطلاقا من أراضيها. وأبرز الإعلام التركى تصريحات زعيم المنظمة الفعلى «مورات كارايلان» والتى قال فيها: إذا ما قامت تركيا بالتدخل ضد رجالنا غرب كردستان (المقصود شرق سوريا) فسوف تتحول المنطقة إلى ساحة قتال. والمعروف أن غرب كردستان هو الاسم الذى يطلقه الأكراد على شرق سوريا الذى تسكنه الأقلية الكردية والتى يصل تعدادها فى سوريا إلى 2 مليون نسمة. وإذا ما قررت تركيا أن أنشطة حزب العمل الكردستانى تهدد أمنها القومى، فمن المؤكد فى ظل الظروف السائدة أن تقوم بغزو سوريا بحجة منع الإرهاب، وليس بهدف مساعدة الثوار المتمردين على نظام الأسد. وهذا القرار إذا ما تم اتخاذه سيكون بمثابة نقطة التحول التى تتمناها المعارضة السورية المنادية بالتدخل العسكرى الأجنبى. وكانت المخابرات التركية قد أعلنت مؤخراً أن سوريا تسمح لرجال حزب العمال الكردستانى أيضاً بالتنظيم السياسى داخل أراضيها لشن حملة دعائية ضد تركيا وأن سوريا تستخدم النشطاء المسلحين منهم لقمع المظاهرات المطالبة بسقوط النظام. وذكرت مصادر تركية لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن إبراز التعاون بين سوريا ونشطاء حزب العمال الكردستانى يدل على نية تركيا بعدم الاكتفاء بالتهديد، وأنها من الممكن أن تقوم فى أعقاب مؤتمر الدول الصديقة لسوريا - والذى سيتم عقده فى تركيا أوائل أبريل - ببدء نشاطاتها العسكرية ضد سوريا. وتركيا اليوم تؤيد إقامة مناطق آمنة للاجئين السوريين داخل الأراضى السورية، لكنها تمتنع عن إقامة مثل هذه المناطق بنفسها دون مظلة دولية تمهد الأرض لدخول قواتها العسكرية لحماية هذه المناطق الآمنة. وفى نفس الوقت أعلنت تركيا فى الأسابيع الأخيرة أنها سوف تضطر للعمل بنفسها ضد سوريا إذا ما هددت الثورة فى سوريا أمنها القومى فى إشارة منها إلى ممارسة حزب العمل الكردستانى لنشاطاته بحرية تامة داخل الأراضى السورية، فى الوقت الذى يقوم فيه الجيش التركى بشن حملات مكثفة ضد نشطاء الحزب فى الأراضى التركية. والمعروف أن المنطقة الكردية داخل سوريا تتمتع حتى الآن بهدوء نسبى، خاصة بعد أن قرر بشار الأسد منح مئات الآلاف من الأكراد السوريين الجنسية السورية، وذلك بعد منعها عنهم لعشرات السنين، ومع ذلك أنشأ الأكراد لأنفسهم إطاراً مستقلاً يعبرون من خلاله عن احتجاجاتهم على نظام الأسد. وتركيا بدورها تتهم النشطاء الأكراد بأنهم مدعومون من قبل حزب الاتحاد الديمقراطى وهو الحزب الكردى - السورى الذى يتعاون مع حزب العمال الكردستانى. وهذا التعاون دفع تركيا لأن تطلب من المجلس الوطنى السورى بألا يضم إلى صفوفه ممثلين أكراد فى محاولة منها للإبقاء على الأكراد خارج عملية الاحتجاج المنظم.