لم يستطع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اخفاء خلافاتهما بشان الازمة في سوريا الخميس قبل ان يشاهد الزعيمان مباراة بطولة الجودو الاولمبية معا. ففي اول زيارة يقوم بها الى بريطانيا منذ سبع سنوات، تعهد بوتين بالعمل مع كاميرون لانهاء العنف المستمر منذ 17 شهرا في سوريا. ولكن وبعد محادثات استمرت 45 دقيقة في داوننغ ستريت، مقر الحكومة البريطانية، اقر كاميرون بان هوة في مواقف البلدين لا تزال قائمة بشان نظام الرئيس السوري بشار الاسد. وصرح للصحافيين "توجد بعض الخلافات في مواقفنا بشان النزاع في سوريا". واضاف "نحن الاثنين نرغب في انهاء النزاع وفي استقرار سوريا، وسنواصل مناقشة كيفية العمل على ذلك مع وزراء خارجيتنا". وتنتقد بريطانيا بشدة تعطيل روسيا لثلاثة قرارات في مجلس الامن الدولي تهدد دمشق بعقوبات بسبب حملة القمع التي يقول ناشطون انها ادت الى مقتل 20 الف شخص. كما واصلت موسكو تزويدها السلاح لنظام الاسد الذي يخوض قتالا من دون هوادة مع المعارضة المسلحة منذ آذار/مارس 2011. ولم يشر بوتين مباشرة الى استمرار دعم بلاده للاسد، الا انه قال انه توجد بعض النقاط التي تتفق عليها موسكوولندن. واضاف "لقد اتفقنا على مواصلة العمل للتوصل الى حل قابل للتطبيق". وكان بوتين قام بزيارة دولة للندن في حزيران/يونيو 2003. كما زار اسكتلندا في 2005 للمشاركة في قمة مجموعة الثماني. ويريد الرئيس الروسي ان ينتهز هذه الزيارة لبحث آفاق التعاون الاقتصادي وفي مجال الطاقة وايضا ارضاء شغفه بالجودو من خلال متابعة المباريات النهائية للاولمبياد في هذه اللعبة، برفقة كاميرون. وفي تعليق على الالعاب الاولمبية، اشاد بوتين بالحفل الافتتاحي ووصفه بانه "لا ينسى". وقال "لقد كان حفلا رائعا.. ومهرجانا مدهشا قدمتموه الى البشرية". وبعد محادثاتهما توجه الزعيمان في سيارتين منفصلتين الى مركز "اكسيل" في شرق لندن، وهو مركز ضخم للمؤتمرات تجري فيه مباريات الجودو. وقبل مغادرتهما قال كاميرون مازحا "اتطلع الى اصطحاب الرئيس الى مباريات الجودو في الحديقة الاولمبية، ولكنني انبه الى اننا سنذهب كمشاهدين وليس كمشاركين فيها". وبوتين حاصل على الحزام الاسود في الفنون القتالية وعادة ما يظهر في اشرطة مصورة في روسيا وهو يتدرب مع ابطال الجودو في اطار اظهار نفسه كرجل رياضي ومحب للمغامرات. وجلس الزعيمان معا لمشاهدة المباريات، حيث كان بوتين يشجع اللاعب الروسي تاغير خايبولاييف في المباراة نصف النهائية امام المنغولي نايدان توفشينبايار. وفاز الروسي في المباراة بذهبية وزن دون 100 كلغ. وكان بوتين هو الذي يتحدث طوال المباراة عبر مترجم، واكتفى كاميرون بهز راسه بالموافقة. وكان كاميرون زار موسكو نهاية 2011 وتمكن من ابرام عقود بقيمة 384 مليون يورو. وبعد فوز بوتين بالرئاسة في آذار/مارس اتصل به كاميرون ليبلغه انه "يتطلع بفارغ الصبر" للعمل معه "لتجاوز العقبات في العلاقات بين البلدين وارساء علاقات سياسية وتجارية اقوى". فالعلاقات بين البلدين ظلت مضطربة منذ ان قتل العميل الروسي السابق الكسندر ليتفينينكو الشديد الانتقاد لبلاده، في 2006 بلندن. وزادت قضايا حقوق الانسان هذا الجدل اضافة الى خيبات مجموعة بي بي البريطانية في روسيا التي تسعى للاستثمار في الاحتياطي الهائل من المحروقات في القطب المتجمد الشمالي. وتخلى عملاق النفط في الاونة الاخيرة عن المشاركة في اقامة خط انابيب الغاز "نورث ستريم" الذي يصل حتى بريطانيا وذلك بسبب التوتر في الشركة المختلطة تي ان كي-بي بي التي تسعى الشركة البريطانية حاليا للتخلي عن حصتها فيها. ويربط خط انابيب نورث ستريم روسيا والمانيا. واكدت الصحيفة الاقتصادية الروسية فيدوموستي الخميس ان فلاديمير بوتين لا يمكنه "تفادي بحث القضايا الصعبة" في اشارة الى سوريا، ولكن ايضا الى رسالة مفتوحة وجهها ديفيد ميليباند ومالكولم ريفكيند طلبا فيها الافراج عن "المساجين السياسيين" في روسيا.