قررت وزارة الداخلية التونسية منع مظاهرات دعت إليها إثر صلاة الجمعة جماعات سلفية متشددة و"حركة النهضة" الاسلامية، للتنديد بعرض لوحات اعتبرت "مسيئة" للاسلام خلال مهرجان ثقافي الأحد الماضي في المرسى شمال العاصمة. وأعلنت الوزارة الخميس أنها "لم ترخص في تنظيم أية مسيرة" الجمعة بما في ذلك تلك التي دعت إليها حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم. وحذرت في بيان من أن جهات لم تسمها أطلقت "دعوات (على شبكات التواصل الاجتماعي) تحرض على العنف وتدعو إلى استغلال المسيرات السلمية (ليوم الجمعة) لإحداث الفوضى والتخريب". وطلبت من المواطنين "المحافظة على الهدوء وعدم الانجرار وراء هذه الدعوات والابتعاد عنها بما يساعد الوحدات الأمنية على المحافظة على الأمن العام والتدخل بالنجاعة المطلوبة للتصدي، وفي إطار القانون، لكل من تسول له نفسه الاعتداء على المواطنين والممتلكات العامة والخاصة". وقتل شخص وأصيب أكثر من 100 آخرين بجراح في مواجهات جرت الاثنين والثلاثاء بين الشرطة وسلفيين مدعومين ببلطجية قادوا أعمال عنف وتخريب في مدن تونسية عدة. واعتقلت السلطات حوالي 200 شخص بينهم سلفيون "جهاديون" تورطوا في أعمال العنف والتخريب. وأعلنت وزارة العدل أن "الجرائم" التي ارتكبها هؤلاء "إرهابية" وقالت إنهم سيحاكمون بموجب قانون مكافة الإرهاب الصادر سنة 2003 في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وفرضت السلطات منذ الثلاثاء حظر تجوال ليلي في 8 محافظات شهدت أعمال عنف وتخريب. وقال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في مؤتمر صحفي الأربعاء إن "عناصر مفسدة من حزب التجمع (الدستوري الديمقراطي الحاكم في عهد بن علي) ومجرمين وتجار مخدرات وخمور وسلفيين" قادوا أعمال العنف "تحت شعار حماية المقدس" متهما "التجمعيين" (أنصار حزب التجمع) بتخطيط "ثورة مضادة لإرباك الوضع في البلاد". وندد الغنوشي بأعمال العنف والتخريب وبعرض لوحات فنية "تتحدى المقدسات". وقال "كل حرية إبداع تزعم أنها تتحدى المقدسات هي في الحقيقة تسيء لحرية التعبير". وأضاف "ندعو كل أنصار الثورة بمختلف اتجاهاتهم إلى أن يحموا ثورتهم عبر كل الوسائل السلمية القانونية ومن ذلك التظاهر الواسع يوم الجمعة دفاعا عن الثورة وعن المقدسات". وحث تنظيم "ملتقى أنصار الشريعة" السلفي المتشدد التونسيين على الخروج في "جميع المحافظات" يوم غد في "جمعة نصرة المقدسات الإسلامية". وقال التنظيم في بيان على صفحته في الفيسبوك إن التحركات ستكون "سلمية ونحذر الإخوة (السلفيين) من الانجرار للعنف (حتى) وإن تم استفزازهم". ودعا "أبو أيوب" الذي يعتبر من أبرز قياديي "السلفية الجهادية" في تونس في شريط فيديو تم تنزيله على الفيسبوك، التونسيين إلى أن "ينتفضوا" بعد صلاة يوم الجمعة ردا على "المرتدين واستهزائهم بديننا الحنيف". ويخشى من اندلاع مواجهات بين الشرطة والسلفيين في صورة تحديهم لقرار وزارة الداخلية حظر التظاهرات الجمعة. وأعلنت نقابة الفنانين التشكيليين التونسيين أن لوحة "البراق" التي قال سلفيون إنها عرضت الأحد الماضي في مهرجان "ربيع الفون" بمدينة المرسى "موجودة في السنغال ولم يسبق عرضها إطلاقا في تونس. وتجسم اللوحة التي تناقلها مستعملو الانترنت في تونس على نطاق واسع رحلة "الاسراء والمعراج" للنبي محمد على ظهر "البراق". واتهم منظمو المهرجان نشطاء انرنت مجهولين بمحاولة إثارة "الفتنة" في البلاد. وأقر كل من رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، ووزير الثقافة مهدي مبروك، ورئيس "الجمعية الوسطية للاصلاح والتوعية" (هيئة تونسية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) عادل العلمي أن لوحة "البراق" لم تعرض خلال المهرجان الذي نظم في قصر العبدلية الأثري بمدينة المرسى. وقال عادل العلمي في تصريح نشرته جريدة "الصريح" الخميس إن جمعيته أرسلت الاحد الماضي عدلا منفذا (مباشرا قضائيا) ومحاميا إلى قصر العبدلية "لمعاينة اللوحات التي فيها إساءة للمقدسات" وأنها رفعت دعوى قضائية "ضد الرسامين ومنظمي ذلك المعرض المسيء للاسلام والمسلمين". وقال راشد الغنوشي إن المباشر القضائي ذهب الاحد الماضي إلى مسجد يرتاده سلفيون متشددون ووزع عليهم "بيانا" قال فيه ان اعمالا فنية معروضة بقصر العبدلية "تنتهك مقدسات الاسلام" لإثارتهم. ولم يستبعد الغنوشي أن يكون المباشر من أتباع حزب "التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وطالب نشطاء انترنت الخميس بمقاضاة المباشر القضائي من أجل إثارته "الفتنة" في البلاد.