تونس صاحبة الشرارة الأولى فى الربيع العربى تعود مجددا لتدخل نفقا مظلما، إذ شهدت مؤخرا تدهورا غير مسبوق فى الأوضاع الداخلية، مع اندلاع أعمال العنف فى الحادى عشر من الشهر الحالى بسبب إقامة معرض «مهرجان ربيع الفنون» فى قصر العبدلية، والذى أثار حفيظة السلفيين بدعوى أن الرسوم المعروضة تسىء للإسلام. وقد تطورت الأحداث سريعا إذ قام مئات من السلفيين بموجة عنف فأحرقوا مراكز للشرطة والمراكز الفنية ومقار الأحزاب المعارضة، وامتدت أعمال التخريب إلى أماكن أخرى فى عدة مدن. وقد أسفرت الأحداث عن سقوط قتيل وأكثر من مائة جريح أغلبهم من رجال الشرطة، مما دفع السلطات إلى إعلان فرض حظر التجوال فى عدة مدن تونسية بما فيها العاصمة، وفى محاولة للسيطرة على الوضع الداخلى المشتعل قامت السلطات التونسية باعتقال مائتى شخص بينهم سلفيون جهاديون تورطوا فى أعمال العنف والتخريب. وردا على تلك الأعمال التخريبية اتهم راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة عناصر متشددة من حزب التجمع وفلول النظام السابق بأنها ضمت إليها عناصر إجرامية للتحريض على زيادة الأمور اشتعالا، فى حين يرى الليبراليون أن أعمال العنف المفتعلة بشكل متكرر من قبل السلفيين هى محاولة لفرض نمط اجتماعى وثقافى قائم على التكفير والتجريم، بينما يرى أصحاب التيار السلفى أن هناك حملة ممنهجة من الداخل والخارج لضرب قيم الدين الإسلامى باسم حرية التعبير. أما السؤال الخطير الذى طرحته أعمال العنف الأخيرة فى تونس: ما هو علاقة ما يجرى بتصريحات أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة والذى دعا التونسيين إلى الانتفاضة؟ وهو ما اعتبره البعض بمثابة الضوء الأخضر لبدء أعمال العنف والإرهاب خاصة أن تلك الأحداث تفجرت بعد أيام قليلة من الهجوم الذى شنه على حركة النهضة الإسلامية المعتدلة لعدم تنفيذها الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع فى الدستور الديمقراطى التونسى الجديد.