يستأنف السودان وجنوب السودان في اديس ابابا الثلاثاء مفاوضات السلام المتوقفة بسبب معارك عنيفة غير مسبوقة على الحدود نهاية آذار/مارس، رغم اتهامات جديدة للشمال بقصف الجنوب. وتهدف هذه المفاوضات الى حل الخلافات التي لا تزال عالقة منذ اكثر من عشرة اشهر بعد حصول جنوب السودان على الاستقلال. لكن الى حدود منتصف النهار لم يحدد موعد بدء المفاوضات. وقال باغان اموم كبير مفاوضي جنوب السودان لدى وصوله الثلاثاء الى اديس ابابا "نأمل في نتائج ايجابية وكل شيء مرتبط بالطرف الآخر"، وذلك قبل مشاركته في اجتماع داخلي لبعثة جنوب السودان بحضور وزير خارجيته نيال دينغ نيال. واتهم أموم قبل الشروع في المفاوضات الخرطوم مرة ثانية بقصف ولاية بحر الغزال الحدودية على أراضي جنوب السودان وقال للصحافيين "في الوقت الذي نتفاوض فيه يقومون بقصفنا". لكنه اضاف "سنحضر هذه المفاوضات مهما حصل". واعرب السودان من جانبه عن استعداده للانسحاب من منطقة أبيي المتنازع عليها في عز التوترات الحالية، لكن بشروط. وحسب خالد سعيد الصوارمي الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، فان الانسحاب بعد سنة من الاحتلال "هدفه توفير مناخ ملائم لمحادثات" اديس ابابا. وكانت السيطرة الوجيزة لجيش جنوب السودان على هجليج اكبر آبار النفط في السودان، وسلسلة قصف سوداني على اراضي جنوب السودان اججت التوتر بين السودان وجنوب السودان. ولم يكن البلدان أكثر قربا من نزاع مفتوح جديد منذ حصول الجنوب على استقلاله مثل اليوم، بعد انسحاب السودان من المفاوضات بداية نيسان/ابريل. وقبل توقيع اتفاقيات السلام سنة 2005 التي مهدت الطريق لتقسيم السودان، عاشت جوباوالخرطوم عقودا من الحرب الأهلية، كان آخرها بين 1983 و2005 وأودت بحياة حولي مليوني شخص.. وقبل الطرفان الاسبوع الماضي استئناف المفاوضات بعد ضغوط دولية مارسها مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي الذي يقوم بدور الوسيط في الأزمة السودانية. وتطالب كل من جوباوالخرطوم بحقها في السيطرة على ابيي وهي منطقة شاسعة تقارب مساحتها لبنان، لكنها يختلفان حول تقسيم موارد النفط التي ورث الجنوب ثلاثة أرباع احتياطيه الاجمالي بعد التقسيم، ويجد مشاكل في تصديره. كما يتبادل الطرفان الاتهامات بدعم جماعات المتمردين على أراضيه، اضافة الى ان البلدين لم يستطيعا حتى الآن ترسيم الحدود بينهما بشكل نهائي. والرهان العاجل للمفاوضات التي لا تزال مدتها غير معروف، هو الحصول على التزام واضح من كلا البلدين لاحترام المنطقة المنزوعة السلاح على الحدود. وفي حال نجاحهما، يمكن للمحادثات أن تتناول القضايا الخلافية الأخرى. لكن هناك مؤشرات على صعوبات تنتظر المفاوضات اذ تشترط الخرطوم للانسحاب من منطقة ابيي، ضمان الاعتراف بهذه المنطقة كجزء من أراضيها. وفي الوقت نفسه، تواصل منظمات الاغاثة الانسانية لفت الانتباه الى معاناة المدنيين الذين يعيشون في المناطق الحدودية، وعشرات الآلاف من السودانيين وجنوب السودانيين العالقين على أراضي البلدين، وينتظرون منذ شهور العودة إلى ديارهم. وهناك 35 الف جنوب سوداني على الاقل على أراضي السودان، فر العديد منهم بسبب الموجة الاخيرة من الحرب الاهلية (1983-2005)، التي أودت بحياة نحو مليوني شخص. كما أن الآلاف من السودانيين يعيشون على أراضي جنوب السودان.