القدس (رويترز) - شكل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حكومة وحدة وطنية يوم الثلاثاء في خطوة مفاجئة قد تمنحه مزيدا من الحرية لمهاجمة منشآت ايران النووية والسعي للسلام مع الفلسطينيين. ويعني اتفاق الائتلاف الذي جرى التفاوض بشأنه سرا خلال الأيام الماضية وأبرم في اجتماع خاص خلال الليل ان حزب كديما الوسطي سيتحد مع ائتلاف نتنياهو اليميني مما يشكل أغلبية كبيرة في البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) تصل الى 94 مقعدا من بين مقاعد المجلس المؤلف من 120 مقعدا. وسيكون الائتلاف واحدا من اكبر الائتلافات في تاريخ اسرائيل ويحل محل الخطط التي اعلن عنها قبل يومين فقط لاجراء انتخابات مبكرة. وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي مشترك مع شاؤول موفاز زعيم حزب كديما "هذه الحكومة جيدة للامن وجيدة للاقتصاد وجيدة لشعب اسرائيل." وأضاف ان الائتلاف الجديد سيركز على ان يكون التجنيد الزاميا على جميع الاسرائيليين وإعادة رسم الميزانية العامة والاسراع في اجراء الاصلاحات الانتخابية. كانت الاحزاب الدينية المتطرفة في الائتلاف عارضت خططا لتمديد فترة التجنيد لانصارها والمعفيين حاليا من الخدمة. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي "اخيرا فانه (الائتلاف) محاولة لدفع عملية سلام مسؤولة...لا يوافق عليها الجميع.. ولكن لدينا اساس قوي للغاية لمواصلة العمل" مضيفا انه يأمل في ان ينتهز الفلسطينيون الفرصة لخوض مفاوضات جادة مع الاسرائيليين. وأضاف نتنياهو ردا على سؤال "بالطبع القضية المهمة هي ايران." وقال وزير البيئة الاسرائيلي جلعاد اردان ان الاتفاق سيساعد على حشد التأييد لتحرك محتمل ضد برنامج ايران النووي الذي تعتبره اسرائيل تهديدا لوجودها. وقال اردان لراديو اسرائيل "الانتخابات لن توقف البرنامج النووي لايران. حين يتخذ قرار فيما يتعلق بشن هجوم أم لا فمن الافضل ان تكون هناك جبهة سياسية عريضة توحد الرأي العام." ودعا نبيل ابو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس اسرائيل الى "اغتنام فرصة توسيع الائتلاف الحكومي" بالمسارعة الى تحقيق اتفاق سلام. وقال ابو ردينة ان هذا "يتطلب وقفا فوريا لكافة النشاطات الاستيطانية في سائر الاراضي الفلسطينية." وأضاف "المطلوب من الائتلاف الحكومي الجديد أن يكون ائتلاف سلام وليس ائتلاف حرب." وتوقفت محادثات السلام بين الجانبين قبل 18 شهرا. وقال مسؤولون انه سيتم التصديق رسميا على اتفاق الائتلاف في وقت لاحق يوم الثلاثاء ثم يطرح على البرلمان. وسيعين موفاز وهو وزير دفاع سابق نائبا لرئيس الوزراء في الحكومة الجديدة. وكان موفاز قد تولى رئاسة حزب كديما في مارس اذار من تسيبي ليفني. وحينما كان موفاز يشغل منصب نائب رئيسة الوزراء في حكومة سابقة بقيادة حزب كديما عام 2008 كان من أوائل المسؤولين الاسرائيليين الذين طرحوا علنا امكانية مهاجمة ايران. لكن موفاز الايراني المولد كان أكثر حذرا وهو في المعارضة وقال ان على اسرائيل الا تتعجل وتخرج عن صف القوى العالمية التي تشعر بالقلق من نشوب حرب وتحاول الضغط على ايران من خلال العقوبات والمفاوضات. وقال جيرالد ستاينبرج المحلل السياسي بجامعة بار ايلان قرب تل ابيب ان اتفاق تشكيل حكومة الوحدة الوطنية "يبعث باشارة قوية جدا لطهران وأيضا لاوروبا والولايات المتحدة مفادها ان اسرائيل متحدة وان القيادة قادرة على التعامل مع المخاطر الموجودة حين يتطلب الامر." وقال مسؤولون اسرائيليون ان العام المقبل ربما يكون حاسما لمعرفة ما اذا كانت ايران مستعدة للتخلي عن خططها النووية في مواجهة ادانة دولية واسعة النطاق وعقوبات غربية. وستجري ايران محادثات مع القوى الكبرى بشان برنامجها النووي في 23 مايو ايار. ولمحت اسرائيل مرارا الى انها ستهاجم الجمهورية الاسلامية اذا لم تتراجع طهران عن خططها. وتنفي ايران دوما اتهامات اسرائيل والغرب بانها تسعى لامتلاك أسلحة نووية وتقول ان برنامجها سلمي محض لتوليد الكهرباء ومشروعات سلمية أخرى. ويفترض على نطاق واسع ان اسرائيل تملك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط. وكان من المقرر اجراء الانتخابات القادمة في اكتوبر تشرين الاول 2013 لكن نتنياهو دعا هذا الشهر الى اجراء انتخابات مبكرة بعد ظهور انقسامات في ائتلافه الحاكم بسبب القانون الجديد الخاص بالتجنيد. وكان البرلمان يستعد لحل نفسه لتمهيد الساحة لانتخابات الرابع من سبتمبر ايلول في حين كانت المحادثات السرية تجري مع كديما على قدم وساق. وقال نتنياهو "عندما اتضح ان من الممكن تشكيل اكبر حكومة في تاريخ اسرائيل...اعتقدت ان بامكاننا استعادة الاستقرار دون انتخابات لهذا قررت تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة." وفاجأ الاتفاق المؤسسة السياسية ولاقى انتقادات سريعة من حزب العمل المنتمي ليسار الوسط والذي كانت استطلاعات الرأي تشير الى انه سيتفوق على حزب كديما في الانتخابات. ونقل عن زعيمة حزب العمل شيلي يحيموفتش قولها في وسائل الاعلام حيث اثنى المعلقون على شجاعة نتنياهو السياسية "هذا اتفاق جبناء وهو المسار المتعرج هو الاحقر والاسخف في تاريخ اسرائيل." وسيعطي حزب كديما الذي يحتل 28 مقعدا في البرلمان ثقلا كبيرا للائتلاف ولكن يظل من غير الواضح كيف سينسجم مع الاحزاب الدينية واليمينية المتطرفة المشاركة ايضا في الحكومة. ومن المرجح ان تشهد العلاقات داخل الحكومة اختبارا سريعا حول قضية الاستيطان بعد ان امرت المحكمة العليا الحكومة يوم الاثنين بهدم خمس بنايات سكنية في مستوطنة يهودية بالضفة الغربيةالمحتلة. ويريد كثيرون من انصار نتنياهو ان يتبنى رئيس الوزراء تشريعا يضفي الصبغة القانونية على مستوطنات مثل حي اولبانا الاستيطاني الذي قضت احدى المحاكم بانه اقيم على ارض مملوكة لفلسطينيين. ولم يتضح ما اذا كان حزب كديما سيدعم مثل هذه الخطوة التي قد تثير انتقادات دولية ضد اسرائيل. (اعداد حسن عمار للنشرة العربية- تحرير محمد هميمي)