تواصل اهتمام الصحف البريطانية بالشأن السوري الذي تقدم من بين القضايا الشرق اوسطية الاخرى الى مقدمة صفحاتها الاولى وعناوينها. وكرست صحيفة الاندِبندنت صفحتها الاولى لتقديم مارأت انه مقارنة بين ما سمته الواقع والخرافة او الوهم في متابعتها للاستفتاء الذي أجرته السلطات السورية على مشروع دستور جديد تقول انه سيسمح بالتعددية وينهي سلطة الحزب الواحد. اذ تقسم الصحيفة صفحتها الرئيسية في صورتين الاولى تصور الرئيس السوري بشار الاسد برفقة زوجته وهو يدلي بصوته في الاستفتاء على الدستور الجديد، ومقابلها صورة لمتظاهرين واطارات مشتعلة ودخان في احد الشوارع السورية. ووضعت تحت الصورة الاولى تعليقا تحت عنوان الخرافة او الوهم : الرئيس يدلي بصوت للسلام في الاستفتاء على تعديل دستوري يدينه الغرب بوصفه (مهزلة) . ووضعت تعليقا تحت الصورة الثانية تحت عنوان الواقع: مقتل العشرات في يوم اخر من العنف، حيث يبعد الخوف من الانتقام المعارضين عن مراكز الاقتراع . كما تكرس الصحيفة افتتاحيتها لتناول الاوضاع في سوريا فضلا عن تغطية موسعة في صفحاتها الداخلية، حيث التقى مراسلها في ادلب بعدد من المعارضين الذين قالوا انهم تعرضوا للتعذيب وعبروا عن خوفهم من المشاركة في الاستفتاء. وينقل عن بعضهم قصص اعتقالهم على يد القوات الامنية السورية، التي اقتحمت بيوتهم بصحبة مخبرين وقامت بضربهم اما عوائلهم، فضلا عن عمليات التعذيب التي تعرضوا لها ابان فترة اعتقالهم، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر مزارع يدعى اسماعيل ابو جابر يتحدث المراسل عن اصابته بجروح في الرأس وكسور في اضلاعه وحروق بالظهر والبطن نتيجة عمليات التعذيب التي تعرض لها. ويحكي ابو جابر البالغ من العمر 34 عاما إن عائلته جمعت مبلغ 100 الف ليرة سورية ( 1250 جنيها استرلينيا) ودفعتها لاحد الشبيحة مقابل التدخل لاطلاق سراحه. ليكتشف بعد عودته ان زوجته واطفاله الاربعة، البالغة اعمارهم بين اربعة اشهر الى 11 عاما، قد فقدوا بعد ان قام اصدقاؤه بمحاولة نقلهم خارج المنطقة الا انهم اوقفوا عند حاجز في الطريق ولم يعثر لهم على اثر. كما تشير الصحيفة في تقرير اخر نقلا عن تقارير مواطنين من حمص ان الآلاف يحاولون الفرار من المدينة المحاصرة بعد القصف العنيف الذي طال المدينة بدءا من الساعة السابعة والنصف بالتوقيت المحلي السوري. وتنقل عن منظمة افاز(Avaaz) ، وهي منظمة دولية تتولى عملية تنسيق شبكة من مصوري الفيديو والصحفيين داخل سوريا، بان ما لا يقل عن 7000 شخص يحاولون الان الهروب من القتال في المدينة الواقعة غربي سوريا التي يسكنها اكثر من 800 الف نسمة وباتت مركزا لحركة الاحتجاج ضد نظام الاسد. وفي افتتاحيتها التي كرستها للشأن السوري تقول الصحيفة انها تمثيلية كابوسية أن تقوم السلطات السورية باجراء استفتاء دستوري في الوقت الذي تقوم فيه بقصف متواصل لاحدى كبرى مدنها. وتصف الصحيفة الاستفتاء بأنه محاولة لذر الرماد في عيون المجتمع الدولي ودعم ادعاءات حلفاء النظام في ايران وموسكو وبكين القائلة بحاجة الاسد الى وقت اكبر لتنفيذ اصلاحاته المقررة. وهو الوقت الذي سيستخدمه لسحق حمص ليكون مصيرها عبرة لمواقع المعارضة القوية الاخرى في سوريا عن المصير الذي عليهم توقعه اذا واصلوا انشقاقهم. وتتابع الصحيفة تغطيتها عبر تقرير كتبه مراسلها من جنوب تركيا التقى فيه بعض ناشطي المعارضة السورية الذين دعوا الى مقاطعة الاستفتاء. وينقل المراسل عن عمر المقداد الذي يصفه بالقيادي بين نشطاء المعارضة قوله ان الشعب السوري يدعو الى التدخل الدولي لاسقاط هذا النظام . ويضيف المقداد انهم (الحكومة) لا يريدون دستورا او احزاب سياسية، فالحكومة السورية تهزأ من المجتمع الدولي والشعب السوري . كما ينقل التقرير انتقادات الدبلوماسيين الغربيين للاستفتاء بينما يتواصل القصف المدفعي متسببا في قتل العشرات في حمص وادلب، وينقل عن وزير الخارجية الالماني جيدو فيسترفيله قوله ان تصويت الشام لا يمكن ان يسهم في حل الازمة. فعلى الاسد ان يضع نهاية للعنف وان يفسح الطريق للتحول السياسي . ويكتب المراسل ان الدستور الجديد سيمهد الطريق الى تاسيس نظام تعدد الاحزاب في سوريا بإزالة البند الذي يجعل من حزب البعث الحزب الشرعي الوحيد في البلاد. كما يحدد فترة الرئاسة للرئيس بدورتين رئاسيتين مدة كل واحدة منهما 7 سنوات، الامر الذي سيسمح للرئيس الاسد بالبقاء في السلطة حتى عام 2028، مع التأكيد على اجراء انتخابات متعددة الاحزاب خلال مدة 3 اشهر. ويضيف انه طبقا للحكومة السورية فأن اكثر من 14 الف مركز اقتراع فتحت ابوابها في عموم البلاد حوالي الساعة السابعة بالتوقيت المحلي لتلقي اصوات نحو 14.6 مليون شخص ممن يحق لهم الاقتراع في الاستفتاء. بينما يقول ناشطون معارضون ان قوات النظام صادرت بطاقات الهوية لبعض الاشخاص قائلة انهم لن يستعيدونها الا بعد التصويت. ويقول المراسل ان انصار الاسد يقولون ان الدستور هو اشارة الى رغبته بتحقيق اصلاح سياسي، بينما تصر المعارضة على تنحي الاسد اولا ولا تفاوض على هذا المطلب. ويشير الى ان بعض السوريين في ادلب عبروا عن مشاعرهم ضد الاستفتاء بطريقة رمزية عندما كتبوا على حاوية قمامة كلمات صندوق الاستفتاء، 26 فبراير/شباط 2012 وقاموا بالقاء اوراق تصويت رمزية كتبوا اسماءهم عليها فيها. ونشرت الديلي تلغراف صورة الاسد في مركز الاقتراع ذاتها في صفحتها الاولى تحت عنوان الاسد يدلي بصوته بينما تنهمر القذائف على معارضيه . مع تغطية كتبها مراسلها لشؤون الشرق الاوسط ادريان بلومفيلد يشير فيها الى انه بينما يدلي مؤيدو الاسد باصواتهم في استفتاء على دستور جديد سُخر منه عالميا ويمكن ان يُبقي رئيسهم ممسكا بزمام السلطة حتى عام 2028 ، يفيد ناشطون بمقتل 34 شخصا اخر. ويركز الكاتب على الصورة المتناقضة حيث يظهر الاسد برفقة زوجته وبكامل اناقتهما مبتسمين وملوحين للمراسلين الاعلاميين السوريين عند ادلائهما بصوتيهما في مقر الاذاعة والتلفزيون بدمشق الذي يعد واحدا من الاماكن الآمنة القليلة في البلاد. وبالمقابل يتصاعد العنف والاشتباكات بين القوات الحكومية والمعارضين في درعا بجنوب البلاد وادلب يالشمال ودير الزور في غرب البلاد. ويشير المحرر إلى دعوة المعارضة السورية الى مقاطعة الاستفتاء ناقلا عن وليد فارس احد الناشطين في حي الخالدية بحمص قوله ما الذي سنصوت له؟ هل سنقتل بالقصف أم باطلاقات رصاص ؟ هذا هو الخيار الوحيد المتاح امامنا . وبدورها تنشر صحيفة التايمز صورة الاسد في مركز الاقتراع ذاتها في صدر صفحتها الاولى تحت عنوان الاسد يواجه الكاميرات بينما المزيد من القنابل تضرب حمص . وتكرس الصحيفة افتتاحيتها للشأن السوري موجهة عبرها رسالة الى السيدة الاولى في سوريا اسماء الاسد التي ولدت وتربت في بريطانيا داعية اياها الى تحمل مسؤوليتها الشخصية والتدخل لضمان اخراج آمن للصحفيين الغربيين واستعادة جثمان الصحفية ماري كولفين التي قتلت هناك. وتقول الصحيفة انها تلقت من زوجة الاسد رسالة قبل ثلاثة اسابيع تقول فيها انها تشغل كل ايامها بالاستماع الى ضحايا العنف ومواساتهم ومساعدتهم. وتضيف ان الضحايا اليوم ليسوا فقط مئات العوائل الذين فقدوا اطفالهم او آباءهم او اخوة او اخوات لهم في قصف الجيش السوري المتواصل لحمص ومراكز سكانية اخرى، بل تتضمن ايضا عوائل صحفيين اجانب من الذين جرحوا او قتلوا بينما كانوا يغطون بشجاعة واقع المعاناة الرهيبة للناس تحت قمع النظام في حمص وغيرها من المدن السورية. وتتوقف الصحيفة في تقرير آخر عند موقف حركة حماس مما يجري من سوريا، مشيرة الى ان حماس تجازف بفقدان قاعدتها في دمشق او جنتها الامنة في دمشق التي ظلت قيادتها المنفية تتمتع فيها لاكثر من عقد، بعد أن القت بثقلها لتأييد المعارضة السورية. ويذكر التقرير اعلان زعيم حركة حماس في غزة اسماعيل هنية عن مسيرة تضم الالاف دعما للمعارضين السوريين الداعين لاسقاط نظام بشار الاسد الذي دعم الحركة لوقت طويل، الامر الذي سيتسبب بنظر الصحيفة في توبيخ شديد اللهجة من الحليفين السوري والايراني لحماس. وينقل التقرير عن محللين فلسطينيين قولهم إن اعلان هنية الجمعة جاء دليلا على ان حماس باتت مقتنعة بأن نظام الاسد سيسقط، وان اختيارها القاهرة مكانا لهذا الاعلان مؤشر على أن حماس ترغب في التخلي عن ولاءاتها القديمة، مع ما يمثله ذلك من قطع للمعونات المقدمة لها من طهران مقابل ان تربط نفسها مع القوى الصاعدة في العالم العربي (الاخوان المسلمون في مصر). وينقل التقرير عن الدكتور سمير عواد الخبير السياسي الفلسطيني المقيم بالضفة الغربية قوله بعيدا عن العواقب السياسية، كانت حماس خائفة من الوقوف مع الشعب السوري خوفا من ان يفرغ النظام غضبه في مئات الفلسطينيين اللاجئين في سوريا، بيد أن هنية استند الى ان النظام السوري لا يمكن ان يفتح الان جبهة جديدة ضد الفلسطينيين . ويضيف التقرير انه بينما تنكر حماس اغلاق مقرها الرئيسي في دمشق، فأن زعيمها خالد مشعل ومساعديه غائبون عن العاصمة السورية منذ عدة اشهر، ويبدو بعد اعلان الجمعة انهم لن يعودوا اليها.