قضية أخرى من قضايا التسطيح الفكرى وصناعة الأزمات فى الفراغ الهلامى الذى تعيشه مصر فى مرحلة ما بعد الثورة , فالمصريون لم يعرفوا إطلاق اللحى إلا مع دخول المسيحية مصر فى القرن الأول للميلاد ثم سادت ثقافة إطلاق اللحى فى العصور الوسطى حيث كان دليلا على بلوغ الذكر سن الرشد وفاقد اللحية أو حليقها كان ينظر إليه على أنه يفتقد أحد مكملات الرجولة ثم جاء صف الشارب مع إطلاق اللحية على أنه أمر دينى ملزم مما دفع المتنبى الشاعر العربى العظيم للسخرية من المصريين قائلا أغاية الدين أن تحفوا شواربكم ياأمة ضحكت من جهلها الأمم واليوم نجد فريقا من ضباط الشرطة قد أطلقوا لحاهم بشكل شديد الغرابة يذكرنى بطائفة السيخ فى الهند , وخرجوا فى مظاهرات إحتجاجية ليطالبوا الداخلية بأن تسمح لهم بالعمل بهذا الشكل الغريب كأن الإسلام لن يكتمل إلا باللحى ونسوا أن أباجهل وأبالهب كانت لهما لحيتان وافرتان اتباعا لتقاليد مجتمعهم ونسوا أن الإسلام يطالبهم بإتقان عملهم وتوخى الصدق والأمانة والعدل وإحترام حرية وحقوق المواطن وأداء واجبهم فى إستعادة الأمن لا المطالبة بإطلاق اللحى وأن يحاولوا تمييز أنفسهم بهذا الشكل الغريب على المجتمع والذى لا يقدم ولا يؤخر فليس عقيدة ولا عبادة ولا إلزاما والله لا ينظر إلى أشكالنا ولكن إلى قلوبنا وأعمالنا وتقوانا وصدقنا سواء كنا ملتحين أو حليقى اللحى ولكنها موجة من الفراغ الفكرى والتسطيح الثقافى وتقديم المظهر على الجوهر والشكل على الفعل وإستسهال الأمور إلى درجة الإستهبال عودوا إلى رشدكم يرحمكم الله فليس هناك دولة محترمة تسمح لأفراد شرطتها أو جيشها بأن يكونوا على أشكال وأنواع تحتوى على العنصرية والتمييز بين أفرادها بسبب العقيدة فهذا مسلم ملتح وهذا مسيحى حليق وذاك يهودى بطاقية وهلم جرا هل يمكن لجهاذ شرطة أن يحتوى هذا التنافر والتمييز أفيقوا يرحمكم الله وفكروا بطريقة أكثر جدية وموضوعية