لجنة تقصى الحقائق.. أصدرت أحكامًا مطلقة على كل شىء، ولم تحدد مَن هو المسئول عن تلك الجريمة البشعة التى تم ارتكابها فى بورسعيد وراح ضحيتها 96 شابًا من زهرة شباب مصر، وإنما ردد كلامًا فى المطلق، ولم يحدد لنا هل أخطاء الأمن تمت عن عمد أم عن إهمال. اللجنة الموقرة أصدرت أحكامًا مطلقة من نوعية مسئولية اتحاد الكرة، الذى لم يعين ضابط أمن وهى لا تدرك أن هذا المسمى المرادف له فى مصر هو مراقب المباراة الذى يتم تعيينه من لجنة المسابقات، وهى نفس الصفة التى يتم التعامل بها فى الاتحادين الإفريقى والدولى!! بل إنه استفاض فى كلام لا يعرف معناه من نوعية مسئولية الإعلام الرياضى، الذى زاد من احتقان جماهير الأهلى والمصرى، وهو لا يدرك أن الاحتقان موجود منذ سنوات طوال.. بل منذ العدوان الثلاثى، بل إن الاحتقان موجود بين جماهير المصرى والزمالك أيضا، فجماهير المصرى لا تقبل الهزيمة وترفض الخسارة وتهاجم الأجهزة الفنية والإدارية .. وهو فريق يمكنه أن يحصل على صاحب أعلى رقم قياسى فى إقالة الأجهزة الفنية، ورغم ذلك لم يحصل إلا على بطولة واحدة فقط طوال تاريخه بالفوز بكأس مصر عام 98، والذى أقيم بدون اللاعبين الدوليين. ولذا فإن طبيعة جماهير المصرى لا تقبل الهزيمة وتحترف الهجوم على لاعبيها وإدارة النادى، ولا يعنى هذا أن الإعلام المصرى برىء أو – لا سمح الله – بلا أخطاء، بل إن به خطايا بالكوم، وبعضهم ينحاز بوضوح شديد إلى هذا النادى أو ذاك، ولكن للأمانة فإن ما حدث مسئول عنه جهات وشخصيات عديدة يسعون لإشعال الوطن وإيقاف مسيرته، وذلك باستغلال حماس جماهير المصرى، بل واستغلال ثقافة الألتراس، ولذا فالإعلام به من يخطئ ويرتكب أخطاءً لكنها لا تؤدى أبدا إلى القتل. وتغاضى تقرير لجنة تقصى الحقائق عن الدور السلبى الشديد لأداء الأمن، ولم تبذل مجهودًا فى تأكيد أو نفى هل التقصير الأمنى جاء عن تعمد أم عن إهمال، بل إنها لم تقف كثيرًا أمام وجود خطتين لرجال الأمن، ولم تبدِ اهتمامًا بالأخطاء الأمنية الجسيمة التى أدت إلى ارتكاب الكارثة، ولم تقف عما إذا كان ذلك متعمدًا أم عن إهمال. وللأسف الشديد فإن الأحكام جاءت مطلقة، وبدون علم بمفردات كرة القدم، وبدون علم بآليات إقامة أى مباراة، وتمت الاستفاضة فى أخطاء الأمن لكنها لم تحدد لنا تعمد أو إهمال رجال الأمن، وعما إذا كان يجب إدانة الأمن جنائيًا أو التعامل معه فى النطاق الإدارى فقط. بل إن التقرير اعترف بأن الأمن وجنود المركزى أفسحوا الطريق للمعتدين، ولم يقوموا بتفتيش الجماهير، ولذا يجب أن تتم محاكمة المسئولين جنائيا للقصاص للشهداء، كما يجب أن يكون لدينا ثقافة النقد الذاتى سواء كان إعلامًا رياضيًا أو روابط مشجعين أو إدارات أندية. وأرجو ألا يتعامل السادة النواب مع الرياضة على أنها وسيلة ترفيه" محرمة" - كما أفتى أحدهم – وأن ينظروا إليها من جوانب اقتصادية وسياسية وصحية، وأن يدعموها ويصوبوا التوجهات الخاطئة بها من أجل تصحيح المسار. تقرير تقصى الحقائق .. به إيجابيات عديدة ولكن الأحكام المطلقة مرفوضة، كما لا يجب البحث عن شماعات، وتحميل الكارثة لهذا الشخص أو ذاك، وإنما يجب النظر إلى التراث التاريخى. عموما.. ربنا يوفق كل من يبحث عن الحقيقة، وربنا ينتقم ممن يسعرون الفتنة.