أغرقت الوثائق الدبلوماسية السرية التي نشرها موقع "ويكيليكس" دول الخليج في موقف حرج بسبب ما كشفت عنه من رغبة هذه الدول في تدخل أمريكي لتدمير البرنامج النووي الإيراني. وقد اختارت دول الخليج عدم التعقيب على ما نشر، في حين شككت السعودية وإيران في صحة الوثائق. بعد مرحلة الاستنكار حان وقت إطفاء فتيل النار التي أشعلها موقع "ويكيليكس" عبر عواصم العالم، فبين السعودية التي تريد "قطع رأس الأفعى" طهران، والبحرين التي تعتبر أن "منطق الحرب" أفضل وسيلة للتعامل مع التهديد النووي الإيراني، وقطر التي تصف العلاقات بين الدوحةوطهران ب"الكذب المتبادل"، والإمارات التي تحبذ مبدأ "الحرب على المدى القريب" لتفادي تداعيات حصول إيران على السلاح النووي، بالإضافة إلى ما ورد حول اقتراحات الأردن لمواجهة طموحات إيران، أغرقت الوثائق الدبلوماسية التي نشرها موقع "ويكيليكس" دول الخليج في صمت صارخ. وقد فضحت البرقيات الدبلوماسية المُسربة رغبة هذه الدول في تدمير البرنامج النووي الإيراني من قبل واشنطن. كما أظهرت تناقض المواقف العلنية لقادة دول الخليج تجاه إيران وبرنامجها النووي المتسمة بالحذر والهدوء، في حين أن اللهجة تبدو أكثر قسوة في أروقة الدبلوماسية الخلفية، وهو ما يلخصه كلام المحلل السعودي خالد الدخيل لوكالة رويترز: "إن البرقيات تذكرة بغياب عميق للثقة بين إيران والسعودية ودول الخليج الأخرى" وأضاف "لا أعتقد أن إيران تصدق التصريحات العلنية في الخليج سواء كانت تدعو للحرب أم لا...كما لا يصدق قادة الخليج تصريحات طهران بأن البرنامج النووي الإيراني سلمي تماما". ومن شأن الوثائق المُسربة، بحسب محللين نسف فرص التقارب مع طهران، وهو ما لا تتمناه دول الخليج. فعلى عكس دول الخليج الأخرى، خرجت السعودية عن صمتها وأعلن أسامة النقلي المتحدث باسم وزارة خارجيتها إن هذه الوثائق "لا تعني المملكة" مؤكدا أن "سياسة المملكة ومواقفها كانت دائما واضحة". وقال النقلي إن السعودية "لا تعلم شيئا عن صحتها. وبذلك، لا يمكن للمملكة التعليق عليها". من جهتها ونقلاً عن فرنسا 24 هونت إيران من شأن تأثير تسريبات ويكيليكس وقالت على لسان الرئيس محمود أحمدي نجاد إن الوثائق لن تضر بعلاقات طهران بجيرانها في الخليج. كما دعت إيران إلى "عدم الوقوع في الفخ" بتصديق الوثائق السرية التي وصفتها ب"الخبيثة". واعتبرت أن هدف هذه الوثائق "بث الفرقة" في العالم الإسلامي، خاصة وأن مواقف دول الخليج تجاه إيران جاءت "موافقة" لموقف إسرائيل ، بحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أن التهديد الأكبر على السلم العالمي يتجلى في ما سماه "تسلح النظام الإيراني"، وقال إن "الأمر الأهم هو أن عددا من الدول والحكومات والزعماء في الشرق الأوسط يدركون أن هذا هو التهديد". وتطرح الوثائق الدبلوماسية التي سرّبها موقع ويكيليكس السؤال حول في مصلحة من تصب؟ وهو السؤال الذي يطرحه المتحدث باسم الخارجية الإيراني رامين مهمنباراست، إذ يعتبر وثائق ويكيليكس "مؤامرة مريبة" من طرف الولاياتالمتحدة. وأضاف أن "تركيز – وزير ة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون من بين كل هذه الوثائق على تلك المتعلقة بالأنشطة النووية لإيران يثير الشكوك في صحتها". وأضاف مهمنباراست أن "أعداء العالم الإسلامي يواصلون زرع الخوف من إيران" وأن "مشروعهم لا يهدف سوى إلى حماية مصالح النظام الصهيوني وأنصاره وعلى دول المنطقة ألا تقع في الفخ". وكان موقع ويكيليكس بدأ بشكل تدريجي فى نشر، حوالي ربع مليون وثيقة سرية صادرة عن السفارات الأمريكية عبر العالم وقوبلت بتنديد دولي.
