قضية التمويل الاجنبي لبعض مؤسسات المجتمع المدنى ، هى حديث الساعة فى مصر الان عقب مداهمات الشرطة مؤخرا ل 17 مقرا لبعض منظمات المجتمع المدنى في5 محافظات ليست لديها تراخيص بالعمل في مصر, وعلى راسها المعهد الديمقراطي والجمهوري الأمريكيان , وبلغ حجم تمويل تلك المراكز 100 مليون دولار تم اقتطاعها من المعونة الامريكية , ورغم رفض افتتاح فروع لها مجددا, الا انها توسعت بالمخالفة للقانون. واكد خبراء ان محاسبة تلك المنظمات يجب ان تكون شاملة سواء التى تتلقى تمويلا اجنبيا او عربيا ، وطالبوا بتقديم المتورطين للعدالة و منح تلك المنظمات مهلة لتوفيق اوضاعها وفق قانون الجمعيات الاهلية ، وشددوا على اهمية انشاء هيئة للرقابة على تلك المنظمات ودعم الحكومة لها لتطوير انشطتها وتحقيق الشفافية والافصاح . التمويل والولاء للجكومة ويرى الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس ادارة الاهرام السابق ان اشكالية التمويل الاجنبى لمنظمات المجتمع المدنى تعود الى ايام الناصرية ، وتجددت فى العام 1982 ، وشجع على ذلك توقيع مصر اتفاقية السلام مع اسرائيل ،وتحسن الظروف فى المنطقة واقامة مصر شراكة استراتيجية مع امريكا واوروبا ، فبدأ التمويل الاجنبى لمراكز الابحاث وبعض المؤسسات الديمقراطية فى مصر . وقال سعيد ل " بوابة الوفد " ،: تدريجيا بدات الحكومة المصرية تشعربعدم ولاء بعض قطاعات المجتمع لها ، لاستقلالها عنها اقتصاديا ، فبدات تضيق عليها الخناق لاستعادة هيبتها ، وبدورها بدات بعض تلك المنظمات تشكو حصول الحكومة ذاتها على معونات وقروض ومنح من الغرب ، دون تحديد اوجه الصرف بدقة . مؤسسة فورد يضيف :ايام جمال عبد الناصر مولت مؤسسة فورد انشاء معهد التخطيط القومى ، ثم دخلت على الخط فيما بعد مؤسسات اوروبية مثل فريدريش ايبرت الالمانية ، وسمح لهذه المؤسسات بتمويل بعض الانشطة البحثية فى مصر، واحيانا كانت الاتفاقيات تشترط موافقة الخارجية المصرية على تمويل المؤسسات الاجنبية لبعض الانشطة المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الانسان ، وهناك مؤسسات تم السماح لها بتلقى اموال ولكن الحكومة غضت البصر عنها الى حين . وحول الهجوم على بعض مؤسسات المجتمع المدنى مؤخرا واتهامها بتلقى اموال اجنبية اوضح سعيد ، ان المشكلة هى قيام الحكومة بهذا الاجراء ضد المؤسسات التى تتلقى تمويلا اوروبيا او امريكيا ولكنها غضت الطرف عن نظيراتها التى تتلقى تمويلا عربيا سواء من الخليج او العراق سابقا ، وكان هناك تحريض للحكومة للقيام بذلك من قبل الاسلاميين والقوميين ، وبلغ التمويل الخليجى لجماعة السنة المحمدية حوالى 296 مليون دولار من قطر والكويت ، وبالتالى اذا كانت الحكومة تريد الشفافية والافصاح ، كان يجب ان تعامل الجميع معاملة واحدة ، اننا فى زمن مصر الثورة ، والحرية والعدالة لمؤسسات المجتمع المدنى تعنى الافصاح والشفافية ، وهذا يتطلب وجود هيئة تتولى الاشراف على انشطة كل منظمات المجمتع المدنى . تمويل سياسى وأعلنت وزيرة التعاون الدولي المصرية فايزة أبوالنجا مؤخرا أن ما حدث في مقار بعض الجمعيات الاهلية "يأتي في اطار تحقيقات النيابة العامة حول ملف التمويل الاجنبي غير المشروع لبعض الجمعيات الاهلية" لافتة الى أن ذلك لم يكن مداهمات وانما "حق لقضاة التحقيق". ولفتت الى أن الوزارة حريصة على توفير موارد تمويلية الى منظمات المجتمع المدني المصرية المسجلة وفقا لقانون 84 لعام 2002 الذي ينظم عمل الجمعيات الاهلية في مصر وذلك من خلال برامج التعاون وهي التي يحق لها ان تتلقى تمويلا اجنبيا.وقالت ان هناك جمعيات ليست مشهرة بوزارة الشؤون الاجتماعية وتتلقى تمويلا في المجالات السياسية وهو ما يطلق عليه التمويل السياسي موضحة أن ذلك النوع من التمويل "مخالف لنص قانون الجمعيات الاهلية". واعترفت أبوالنجا، بمسئوليتها عن فتح ملف تلقى بعض منظمات المجتمع المدنى لتمويل خارجى بالمخالفة للقانون المصرى، وأن الولاياتالمتحدة مولت بعض المنظمات العاملة فى مصر بنحو 200 مليون دولار أي ما يعادل 1,3 مليار جنيه مصرى وهو مبلغ وصفته ب”الكبير جدا”. ودعا الدكتور سعد الدين ابراهيم مدير مركز ابن خلدون كل من يطالب بوقف تمويل الجمعيات الأهلية الى التوقف عن التمويل ايضا ، كما دعا الى الشفافية في المساعدات سواء المالية أو العسكرية أو المدنية وأن تكون هناك رقابة عليها لمصادر إنفاقها ،وقال "إبراهيم" في برنامج "محطة مصر" يجب مراقبة الجميع وليس المنظمات الحقوقية فقط . توفيق الاوضاع وفى ذات الاتجاه يؤكد احمد عبد الحفيظ نائب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان ان منظمات المجتمع المدنى تعمل وفق قانون الجمعيات الاهلية رقم 84 عام 2002 ، وبالتالى يجب التعامل معها باعتبارها غيرهادفة للربح ، واذا كانت بعض المنظمات تخالف القانون وتضر بالامن القومى ، فلماذا تحاسب الحكومة الجميع على خطأ منظمة ما او اكثر ، ونتمنى ان تعلن الحكومة نتائج تحقيقات الهجوم على بعض مؤسسات المجتمع المدنى مؤخرا ، حتى نعرف اين الخطأ بالضبط ؟ هل فى عدم توفيق تلك المكاتب اوضاعها وفقا للقانون ؟ ام لخطا فى استخدام التمويل ام ان هناك اهداف اخرى ؟ وحول كيفية ضبط منظمات المجتمع المدنى ذكرعبد الحفيظ ل " بوابة الوفد " : لا احد يدافع عن المخطىء ، ولكن يجب منح تلك المنظمات مهلة تصل الى اربعة اشهر لتوفيق اوضاعها وفق القانون المصرى الخاص بالجمعيات الاهلية حتى تصبح كلها مؤسسات مصرية تحاسب وفق القانون المحلى . صياغة جديدة ويطالب ايمن عبد الوهاب رئيس برنامج المجتمع المدنى بمركز الدراسات بالاهرام باعادة صياغة العلاقة بين مؤسسات المجتمع المدنى والحكومة ، ويذكر فى تصريح ل " بوابة الوفد " ان منظمات المجتمع المدنى تعمل وفق قانون الجمعيات الاهلية 84 لسنة 2002 ، وقبل محاسبتها يجب اعطاؤها فرصة لتنمية كوادرها ومواردها ووضع ضوابط تتضمن مصادر التمويل واوجه الانفاق ، مع دعم المجلس القومى لحقوق الانسان لانشطتها ، حتى يمكن اعلاء قيمة الشفافية داخل تلك المنظمات وتتطور وظيفتها من المفهوم السياسى الخاص ، الى المفهوم السياسى والاقتصادي والاجتماعي والثقافى العام ، وحتى تضم اليها شرائح اوسع من المجتمع تؤمن بالعمل التطوعى ، وعندما يتحقق ذلك تتولد الثقة بين تلك المنظمات والدولة .