ينتابني خوف عميق على مستقبل المشروع الثوري في مصر، وعلى ثمرة الثورة الحقيقية ،والجوهرية ،والأولى، ألا وهي الانتقال إلى مرحلة التعددية ،و تداول السلطة، و الحكم المدني الديمقراطي المستند إلى شرعية صندوق الاقتراع . هكذا أفهم أهداف الثورة ،إذ أن العدالة الاجتماعية، والحرية وحقوق الإنسان ، تبدأ وتنتهي من الحكم الديمقراطي الرشيد ، وفق آليات العالم الحر، وبالاحتكام النهائي والصارم والوحيد إلى صندوق الاقتراع .
وليس مطلوبا من ثورة 25 يناير، أكثر من أن تنقلنا إلى هذه المرحلة ،لان هذا هو مفتاح ومرتكز كل إصلاح، وكل حرية ،وكل عدالة ، ولا أكاد أبالغ إن قلت: إن عدم تحقيق ذلك هو مفتاح كل إفساد ،وكل ظلم ،وكل دكتاتورية.
فان صحت تلك المسلمات وهي صحيحة ، فليخبرنى من يعلم ، فى مصلحة من ؟؟ تصب الأحداث الدامية والمحزنة التى نراها في ميدان التحرير ؟؟ونحن على مسافة بضعة أيام من أول انتخابات حقيقية ،غير مزورة منذ قرابة الستين عاما .
هل تستهدف إظهار الوضع الأمني فى البلاد بحالة متردية ومنهارة بما يستدعي الخوف من إجراء الانتخابات فيتم تأجيلها؟؟!!
وهل يصح أن يستهدف ثوار شعبيون إحباط أول انتخابات تكشف عن إرادة شعوبهم؟؟!! أن الانتخابات بصرف النظر عن نتيجتها – طالما انها نزيهة- هى عرس للديمقراطية ، لأنها تجديد لإرادة الشعب ،وهى بالنسبة لنا كشف عن إرادة مكبوتة سجينة منذ ستين عاما ، كان أجدر بالشباب أن يحتفل بها ، وان يبذل جهده فى تأمينها ، لا أن يطالب البعض ومن داخل ميدان التحرير بتأجيل الانتخابات .
لقد تابعنا مقاطع الفيديو التى تكشف عن انتهاكات جسيمة من جانب الشرطة ، فيما بدا استفزازا زائدا ، ليس للمعتصمين فى الميدان ، وإنما للجماهير المتابعة عبر الفضائيات، ولا استبعد أن تكون الشرطة متورطة فى هذا الاستفزاز قصدا ، فجرائم الشرطة السياسية عبر السنوات الماضية اكبر من أن ينكرها احد .
وقبل أن نتحدث عن المستفيد مما يجري فى الميدان فإنني أوضح للمعتصميين أن ما يحث الآن يصب فى أكثر من مصب : - إظهار الحالة الأمنية متدهورة لتأجيل الانتخابات - تطويل أمد الفترة الانتقالية وبالتالي استمرار الحكم العسكري - الصدام بين المجلس العسكري والقوى السياسية فى حالة تأجيل الانتخابات وهو ما قد يفضى إلى الفوضى