و صف اجتماع لائتلاف "أصدقاء سوريا" في باريس، أمس الخميس، خطة المبعوث الدولي كوفي عنان بأنها "الأمل الأخير" لحل الأزمة، وقالوا إنهم سيبذلون كل ما في وسعهم للمساعدة على إنجاحها، وذلك حسبما ورد في مسودة للبيان الختامي للاجتماع. وقال وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه: "كل يوم يمر يعني سقوط عشرات آخرين من القتلى المدنيين السوريين. الوقت ليس وقت المراوغة إنما وقت التحرك والعمل". وقال البيان في إشارة إلى المخاوف من انزلاق سوريا في حرب أهلية شاملة، إذا فشلت الخطة التي وضعها المبعوث الدولي عنان: "إن خطة عنان على هشاشتها تمثل الأمل الأخير".ودعا تجمع أصدقاء سوريا، الذي يتألف من 14 دولة؛ منها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية وتركيا وقطر السلطات السورية إلى إنهاء كل أعمال العنف على الفور، وقال إنه سيعمل لضمان نجاح خطة مبعوث الجامعة العربية والأممالمتحدة، عنان. وزادت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون من الضغط على دمشق، قائلة إنه إذا لم تسمح سوريا ببعثة مراقبة وافية، فسيكون على مجلس الأمن الدولي التحرك تجاه قرار عقوبات يمكن فرضه. وقالت: "يجب أن نستمر في العمل والتحرك نحو استصدار تفويض لمجلس الأمن، حتى يكون لدينا سلطة المضي قدما حينما يصبح الوقت مناسبًا". وأضافت قولها: "يجب أن نبدأ التحرك بنشاط كبير في مجلس الأمن؛ من أجل استصدار قرار بموجب الفصل السابع من العقوبات، بما في ذلك حظر السفر وعقوبات مالية وحظر سلاح، والضغط الذي سنفرضه على النظام، لحمله على الإذعان لخطة عنان ذات النقاط الست". وقال جوبيه في إيجاز للاجماع الذي توصل اليه الاجتماع، إنه إذا لم تنجح خطة عنان "فقد قررنا أن مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي سيدرس الخيارات الأخرى للخروج من هذه المأساة". وقالت كلينتون: "إن قرارا لفرض عقوبات سيتم الاعتراض عليه بحق النقض (الفيتو) على الأرجح، لكن محادثاتها مع نظيرها الروسي، سيرجي لافروف، في وقت سابق أمس الخميس في بروكسل، تشير إلى أن موسكو ترى "أننا لسنا في حالة ثابتة لكننا في وضع متدهور". وقال جوبيه للصحفيين قبل الاجتماع: "إن فشل خطة عنان سيضع سوريا على الطريق إلى حرب أهلية، قد تمتد إلى المنطقة المحيطة". وقال البيان الختامي للاجتماع: "إن الوزراء الحاضرين يريدون إنهاء 13 شهرا من إراقة الدماء، تسببت في مقتل أكثر من 11 ألف شخص وعشرات الآلاف من السجناء ومئات الآلاف من اللاجئين، وزعزت المنطقة". وسُئل وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عن دعوته في وقت سابق إلى تسليح المعارضة السورية، فرد بقوله: "مادام المجتمع الدولي لم ينجح في إنهاء هذا النزيف وحمام الدم هذا، فعلى الأقل يجب عليهم مساعدة السورييين في الدفاع عن أنفسهم". واتفقت دمشقوالأممالمتحدة أمس الخميس على شروط دخول المراقبين إلى سوريا؛ لمراقبة هدنة تم التوصل إليها بعد مرور أكثر من عام على بدء انتفاضة، على الرئيس السوري بشار الأسد. ولكن كثيرا من القوى الغربية لا تزال متشككة في أن البعثة سيكون لديها القدرة على التأثير. وقال بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، في وقت سابق: "إن الحكومة السورية لم تسحب قواتها وأسلحتها الثقيلة بشكل كامل من البلدات كما وعدت بموجب خطة السلام ذات النقاط الست، لإنهاء الحرب، وبدء عملية انتقال سياسي". وقال جوبيه للصحفيين قبل اجتماع "أصدقاء سوريا" في باريس: "الهدف هو أن نسأل عما إذا كنا نستطيع نشر بعثة مراقبين فعّالة، ما يعني أنها تضم عددا كافيا.. ما بين 300 و400 على الأقل؛ كي تغطي البلاد". ولم يورد البيان الختامي ذكرًا لأي عدد لقوة المراقبين. وحكومة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يواجه يوم الأحد الجولة الأولى لمعركة صعبة، للفوز بولاية ثانية، تدعو منذ فترة طويلة إلى تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، وكانت فرنسا أول دولة تعترف بالمجلس الوطني السوري كمفاوض يتمتع بالشرعية.وقال جوبيه: "إن فرنسا لا تثق مطلقا في الزعيم السوري أو في حكومته". وعلى الرغم من صمود الهدنة التي أعدها كوفي عنان المبعوث الدولي في بعض مناطق سوريا واصل الجيش هجماته على عدد من المعاقل القوية للمعارضة، وتقول الحكومة السورية إنها تتعرض لهجمات من "جماعات إرهابية" مسلحة.وقال جوبيه: "إنني مقتنع بأنه إذا كان هناك عدة مئات من المراقبين المسموح لهم أن يتنقلوا بحرية في البلاد، فإن الأمور ستتغير بشكل جذري وجوهري". وكرر ساركوزي الدعوة لإقامة ممر آمن لمنظمات الإغاثة لنقل الغذاء والدواء إلى نحو مليون مدني محاصرين في الصراع. وقال ساركوزي لراديو (أوروبا 1): "بشار الأسد يكذب.. يريد محو حمص من على الخارطة مثلما أراد (الزعيم الليبي الراحل معمر) القذافي تدمير بنغازي". وأضاف: "الحل هو إقامة ممرات للمساعدات الإنسانية حتى يمكن أن توجد معارضة في سوريا".وقال دبلوماسي في اجتماع باريس، إنه لا توجد خطة مطروحة على الطاولة، لإقامة ممر إنساني أو مناطق عازلة. وأضاف: "يتم بحث هذه الخيارات في حالة وجود احتمالات غير مرغوب فيها. لم يتخذ قرار بعد وفي وضع مثالي فإنهم سيحتاجون إلى دعم من مجلس الأمن." وبموجب الاقتراح الفرنسي فإن المساعدات ستنقل عبر ساحل سوريا على البحر المتوسط ومطار سوريا أو من دول مجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن.وقال جوبيه: "سنبحث الحاجة إلى نقل المساعدات الإنسانية في إطار (خطة عنان ذات النقاط الست)." ومضى يقول: "أن يتحقق هذا من خلال ممرات أو بوسائل أخرى فتلك مسألة فنية. الشيء المهم هو نقل المساعدات."ولا تزال روسيا التي دعيت هي والصين لحضور اجتماع باريس تنأى بنفسها؛ لأن المحادثات حسبما قال ألكسندر لوكشافيتش، المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية "متحيزة" بدون تمثيل من الحكومة السورية. وأضاف أن موسكو تعتبر مجموعة "أصدقاء سوريا" فكرة "مدمرة" وقد تقوض خطة السلام التي وضعتها الأممالمتحدة والجامعة العربية.وقال ساركوزي الذي يتراجع أمام منافسه الاشتراكي في استطلاعات الرأي، قبل الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية، يوم الأحد، إنه مقتنع بأن روسيا والصين ستتخليان عن تأييدهما لدمشق، إذا أظهر المجتمع الدولي موقفًا موحدًا، وأن نظام الأسد مصيره السقوط.وأضاف: "دعونا لعقد هذا الاجتماع؛ لجمع كل من لا يطيقون رؤية دكتاتور يقتل شعبه.. أنا مقتنع بأن نظام الأسد سيسقط." وقال: "لا يرغب الصينيون وكذلك الروس في أن يكونوا معزولين، وإذا وحّدنا القوى الكبرى لنقول .. هذا هو الاتجاه الذي يجب أن نسلكه مع حلفائنا العرب .. فلن تدوم عزلة الصين وروسيا في هذا الملف."