بدأ مئات آلاف الموظفين في القطاع العام البريطاني، أمس الأربعاء، إضرابًا يستمر 24 ساعة للاحتجاج على إصلاح نظام التقاعد، في تحرك يبدو الأهم منذ تولي رئيس الوزراء ديفيد كاميرون السلطة. وأغلق وفق تقديرات النقابات نحو ثلثي المدارس العامة في البلاد وتم تأجيل إجراء الآلاف من العمليات في المستشفيات مع توقف حوالي مليوني شخص عن العمل. ووصف الاتحاد العام للنقابات في بريطانيا الإضراب بأنه "أكبر إضراب في عمر جيل كامل"، بينما وصفه رئيس الوزراء بأنه كان "خيبة أمل كبيرة". وأشارت تقديرات إلى أن نحو 85 بالمائة من المدارس في انكلترا يمكن أن تتأثر بالإضراب، علاوة على دور الحضانة والثانويات والجامعات والإدارات الحكومية ومراكز التوظيف، كما تتأثر بالإضراب الموانئ والمطارات الدولية بسبب توقف قسم من العاملين المكلفين بالجمارك وموظفي الهجرة عن العمل. وبدأت أولى الاضطرابات منذ مساء الأربعاء مع دخول العاملين الليليين في إضراب، وكانت وكالة الحدود البريطانية المكلفة بمراقبة الدخول إلى البلاد قالت إن المسافرين الآتين إلى بريطانيا "يمكن أن يطالهم تأخير لدى عبورهم الحدود" بسبب الإضراب. وتم تنظيم تجمعات وتظاهرات في 30 مدينة في بريطانيا، خصوصًا في لندن، حيث شارك قادة النقابات الأربع التي دعت إلى الإضراب في تظاهرة، وعملت النقابات على تعبئة 600 ألف موظف في القطاع العام في هذا اليوم الاستثنائي، الذي يشكل تحديًا لحكومة الائتلاف بقيادة المحافظ كاميرون. ويأتي هذا التحرك احتجاجًا على إصلاح نظام التقاعد، الذي لا يزال موضع بحث، وتقول النقابات إنه بموجب الإصلاح المراد تنفيذه، سيجبر الموظف على "دفع مساهمة أكبر وسيخدم لفترة أطول وسيحصل على مبلغ تقاعدي أقل". ويشمل الإصلاح خصوصًا تمديد سن التقاعد إلى 66 عامًا في 2020، مقابل 60 عامًا حالياً لمعظم المدرسين، بينما تقول الحكومة من جهتها، إن هذا الإصلاح "ضروري" بسبب شيخوخة السكان، وإلا "فإن نظام التقاعد مهدد بالانهيار". وبدورها، بدأت الشركات ومراكز الأعمال في بريطانيا في حساب خسائرها الناجمة عن إضراب العاملين في الحكومة والقطاع العام الأربعاء، وإن لم تصدر أرقام محددة عن الخسائر بعد. وكانت وزارة الخزانة البريطانية قدرت الأسبوع الماضي تكلفة الإضراب على الاقتصاد بنحو 500 مليون جنيه إسترليني نتيجة تراجع ناتج القطاع العام والأضرار على القطاع الخاص المتعامل معه. وقال وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن إن الإضراب يمكن أن يضر بالاقتصاد ويؤدي إلى فقدان المزيد من فرص العمل. فيما يعتقد الخبير سايمون ووكر من معهد المديرين "أن الإضراب يضر بالاقتصاد البريطاني بشكل ملموس... وسيستمر هذا لفترة ويؤثر علينا جميعا". ومن جانبه، قال كاميرون أمام البرلمان، إن حكومته قدمت عرضا عادلا للعاملين في القطاع العام حول معاشات التقاعد، فيما انتقدت النقابات موقف الحكومة وإحجامها عن التفاوض معهم في الأسابيع الأخيرة، موضحة أن قول الحكومة بأن "المفاوضات مستمرة" هو "كذب"، إذ لم تعقد اجتماعات بين النقابات ومسؤولي وزارة الخزانة منذ الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم.