منذ نهاية الحرب الباردة في أوائل التسعينيات من القرن الماضي يعيش العالم حالة اضطراب غير مسبوقة فمنذ انهيار سور برلين وإعادة توحيد ألمانيا وسقوط حلف وارسو وتفكك الاتحاد السوفيتي وتوسيع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي وتعرض الولاياتالمتحدة لهجمات 11 سبتمبر 2001، ثم حرب أفغانستان، وغزو العراق، وتبني السياسة الخارجية الأمريكية رسمياً مبدأ تغيير الأنظمة في الشرق الأوسط وغيره من المناطق بدعوي نشر الديمقراطية، سقطت الكثير من أعمدة النظام العالمي الذي نشأ عام 1945 فور انتهاء الحرب العالمية الثانية. ومع انتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الكبيرين الرأسمالي والاشتراكي بانتصار النظام الأول، فتحت الأبواب أمام موجة عالية من العولمة اتخذت مساراً قوياً خصوصاً مع انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية عام 2001.وعلي الرغم من أن كل هذه المتغيرات كان من المفترض أن تسهم في تعزيز قوة النظام الليبرالي القائم علي العولمة إلا أن بعض التطورات خلال الأشهر الأخيرة حملت معها رياح تغيير مسار النظام العالمي مرة أخري، وأدت إلي ظهور الاتجاهات السياسية »الشعبوية» التي سجلت صعوداً سريعاً علي جانبي المحيط الأطلنطي فرأينا التصويت بنعم علي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ورأينا صعود شعبية اليمين القومي في فرنساوألمانيا، وقبل ذلك رأينا انتخاب حكومة يمينية قومية النزعة في بولندا.من هنا انطلق مصطلح اليمين المتطرف الذي يطلق علي التيارات والأحزاب السياسية التي لا يمكن اعتبارها ضمن جماعات اليمين السياسية التقليدية التي تدعو إلي حماية التقاليد والأعراف داخل المجتمع حيث تدعو الجماعات اليمينية المتطرفة إلي التدخل القسري واستخدام العنف واستعمال السلاح لفرض التقاليد والقيم. وبوتيرة سريعة، أصبحت الدول الأوروبية تعاني من تنامي المشاعر اليمينية المتطرفة التي تحمل عداء للمهاجرين المقيمين وكذلك الجدد القادمين من خارج القارة الأوروبية حيث يعتقد الأوروبيون العنصريون أن الجرائم والسرقات والأزمات الاقتصادية تولدت من تداعيات تدفق المهاجرين إلي بلادهم كما يحمل معظمهم عداوات ضد أصحاب الديانات الأخري غير المسيحية خاصة الإسلام.وثمة تنظيمات مثل »النازيين الجدد» وهم حركة عنصرية متطرفة آيديولوجيا، آخذة في الانتشار بمعظم الدول الأوروبية ومعروف أن لهذه الحركة أهداف ومبادئ الحركة النازية تحت قيادة »أدولف هتلر» وأنها تسعي إلي استئصال كل من لا ينتمي إلي الجنس الآري والنزعة اليمينية المسيحية المتطرفة في أوروبا قديمة منذ الحروب الصليبية وفي العصر الحالي ارتبطت بصورة أساسية بعاملين أساسيين: الأول هو مفاوضات تركيا »المسلمة» للانضمام إلي الاتحاد الأوروبي »المسيحي» والثاني هو تزايد حركة المهاجرين العرب والأفارقة إلي أوروبا. ولم يستطع مدير المخابرات الداخلية الألمانية »هانز جورج ماسن» أن يخفي شيئا من هذه الحقائق حين قال إن استعداد المتطرفين اليمينيين في ألمانيا لارتكاب أعمال عنف في تزايد وإنهم يسعون حاليا إلي إقامة شبكات تنظيمية مع جماعات تتبني نفس الفكر في بقية أنحاء أوروبا والولاياتالمتحدة.