لعل وصول حزب المحافظين إلي الحكم مجددا بعد أكثر من عقد من الزمان من فقدانه للسلطة في بريطانيا يعد ظاهرة بدأت في التبلور في نهاية العقد الأول للألفية الجديدة وهي صعود اليمين المتطرف في بريطانيا وفي أوروبا بشكل عام مدفوعا في ذلك بعدد من الأمور ذات الطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي من بينها كارثة غزو العراق وتنامي وجود المهاجرين في أوروبا وتراجع الوعود الاقتصادية والإصلاحات الاجتماعية التي تعهد بها اليسار في فرنسا واسبانيا وبريطانيا وإيطاليا ودول أخري حكمتها أحزاب يسارية في تلك المرحلة. كما أن قوة الدفع الإعلامية التي باتت تظهر علي الشاشات وفي أعمدة الصحف الكبري بشكل لافت لدعم صعود اليمين فضلا عن تنامي وتعزيز فكرة الاسلاموفوبيا التي تجتاح أوروبا خاصة بعد الهجمات التي تعرضت لها فرنسا وبلجيكا هذه الهجمات التي هي في الأساس حرب من قبيل القوة العظمي المتمثلة في الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تقود حروب الشرق الأوسط فلا يصدق العقل البشري أن الدواعش هم مخططو الهجمات الإرهابية التي طالت العواصم الأوروبية بل هي أجهزة استخبارات علي أعلي درجة من القدرة علي التخطيط ومن ثم بدأ الاتحاد الأوروبي يفيق ليحاول ان يخلق معادلة جديدة وهي استهداف القوي الدولية العظمي. لكسر المركزيات الدولية المهمة التي تقودها الفوضي الهدامة الأمريكية في الشرق الأوسط. وتستهدف قوي عربية واسلامية سنية بعدما تم الانتهاء من العراق وباكستان وحاليا سوريا. وتتجمع لدي كل الأحزاب اليمينية في أوروبا عدد من الأفكار المشتركة علي رأسها أن المهاجرين وأبناءهم وأحفادهم هم مصدر الشر ومنطلق جميع المشكلات في أوروبا ويشكل العداء للأجانب ورفض الأقليات وفكرة التعددية الثقافية والدفاع عن الهوية وعن التقاليد القومية التاريخية والدعوة إلي الحد من الهجرة. القاعدة المشتركة لأي برنامج سياسي لحزب يميني متطرف. كما ينطلق مفهوم الوطنية لدي هذه الأحزاب من منظور عرقي "عنصري أحيانا" ويمتاز الخطاب الوطني لدي هذه الأحزاب اعتماده علي فكرة الانتقاء التاريخي. ومن نتائج هذا الصعود اليميني المتشدد سوف تتأزم أوضاع الأقليات في العالم الغربي وخاصة العرب والمسلمين فمن المتوقع أن تؤدي النزعة اليمينية المتطرفة علي الصعيدين الاجتماعي والسياسي. إلي فرض المزيد من التضييقات علي الحقوق الاجتماعية والثقافية للأقليات والجاليات الأجنبية. مع توقعات بفرض المزيد من الشروط التعجيزية فيما يخص الهجرة ووقف الهجرة المفتوحة ومن ثم فمن المتوقع في حالة زيادة الوزن السياسي لهذا التيار في الدول الأوروبية أن يعاد النظر في عضوية الاتحاد الأوروبي. كما أن ألمانياوفرنسا ستقودان الآن الباخرة الأوروبية في المشرق علي الرغم من أن شبح القوي المتطرفة والنازية الجديدة بدأ يغزو دول العالم المتقدم خاصة بعد الأزمة الاقتصادية التي اشعلتها أزمة اللاجئين. مما سيؤدي إلي نهاية دول ما يسمي بالرفاه الاجتماعي. فباتت هذه القوي تستغل قضية اللاجئين لتضفي علي نفسها المصداقية لدي الأوروبيين من خلال تكرار الخطابات المتطرفة التي غذت الكراهية للآخر.