شعوب العالم كلها تحترم نفسها وبعضها مهما كان عمل الانسان بسيطا متواضعا أو كبيرا، فالغفير مثل الوزير والغني مثل الفقير الكل سيد في وطنه بحكم الدستور والقانون الذي يساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات والاحترام، وكل انسان ينادي علي الآخر بلقب السيد أو »مستر» هذه شعوب العالم المتحضر. هذا الخاطر يلح علي كثيرا ودائما وبخاصة عندما اقابل بعض الاشخاص الذين وصلوا إلي درجة مدير عام أو رئيس مجلس ادارة أو.. أو.. أو حتي مدير ادارة بمعني موظف درجة اولي تجد بعض هؤلاء أو معظمهم يتعالون علي مرءوسيهم، الذين هم زملاؤهم سابقا إما في العمل أو في الدراسة، ينادوهم بأسمائهم في نفس الوقت الذي يفرضون عليهم عدم مخاطبتهم أو الحديث معهم إلا بلقب أستاذ أو ريس أو حضرتك أو سعادتك أو يا باشا أو يا بك، والسؤال الذي يحيرني هو اذا كنت رئيسا في العمل وتطلب من الجميع احترامك ومنحك لقب استاذ أو غيره فلماذا لا تفعل انت ذلك معهم؟!، أليسوا مواطنين درجة أولي مثلك ومن حقهم ان تحترمهم كما يحترموك وتقول لهم يا سيد أو يا أخ أو من فضلك أو لو تسمح؟ أليس هذا هو نداء ومعاملة المواطنين الذين هم أسياد في وطنهم مثلك تماما ولا ينقصون عنك شيئا؟ ياليت الموضوع ينتهي بالمناداة علي المرءوس باسمه وحسب، بل احيانا تسمع الكلمات البايخة والقبيحة مثل.. أنت يا واد يا ابن.. يا زفت يا نيلة.. ويضطر المرءوس الغلبان ان يلبي طلب رئيسه في الحال.. نعم يا أفندم، يقول هذا وهو مغلول بداخله متضايق من هذه الاهانة المتكررة لكنه مضطر لذلك بسبب التقرير السنوي الذي يكتبه الرئيس عنه والذي يتضمن سلوك الموظف وطاعته والذي يمكن ان يرتقي به الموظف أو يوقف نموه ويؤخره عن زملائه وكله كوم وما يحدث في الشرطة والجيش كوم آخر، لا ينادي الضابط أو الصف ضابط علي العساكر إلا بأقذر الشتائم واحيانا بالضرب والشلوت وغير ذلك. ودعونا نتحدث بصراحة فهذا ما يحدث فعلا للاسف. اذكر وانا اعمل في الحكومة كنت درجة اولي أي علي وشك ان احصل علي درجة مدير عام وكنت اتحدث مع المدير العام الذي هو زميلي فعلا وقال احدنا نكتة ضاحكة فضحكنا معا ومددت يدي اليه لاصافحة تأييدا للنكتة واستكمالا للضحكة فمد يده ولكنه سحبها في الحال لانه المدير وكيف يتواضع مع موظفه بهذه الطريقة؟ الواقع ان المديرين والرؤساء عندنا معظمهم لا يعلم ولا يعرف بالضبط عمل المدير أو الرئيس ومسئوليته فهم يعتبرون أنفسهم افضل واذكي من مرءوسيهم بل يعتبرون مرءوسيهم والعاملين معهم اقل منهم شأنا واحتراما وعلما مع ان العكس احيانا يكون هو الحقيقي، وبعضهم ولا اريد ان اقول معظمهم يعتبر مرءوسيهم خداما لهم وليسوا زملاء مثلهم تماما، هذه عقدة الرئاسة عند معظم المديرين والرؤساء، يعتبرون انفسهم الكل في الكل وغيرهم أو زملاءهم مجرد كورس أو كمالة عدد، من هنا يأتي الفساد وتنتشر الاخطاء في المؤسسة أو الوزارة أو.. أو، مع ان الكثير من المرءوسين علي قدر من الكفاءة والقدرة والموهبة اكثر من رؤسائهم هذا غير بعض المديرين الفاسدين الضعفاء الطماعين الذين يطلبون الهدايا من مرؤسيهم بطريقة غير مباشرة فينشرون خبرا عن عيد ميلادهم السعيد حتي يتقرب المرءوسون وبخاصة المنافقون بتقديم الهدايا المختلفة للسيد المدير حفظه الله، وبعض هذه الهدايا تكون قطعا من الذهب.. أي والله قطعا من الذهب وقد شاهدت ذلك بنفسي. اليس هذا فسادا واضحا جليا يفسد ديوان العمل نفسه؟! شواهد عدم احترام المواطن المصري في بلده عديدة ومتكررة وتنم عن قلة ذوق فعلا، فمثلا تذهب إلي المستشفي وتنتظر دورك للدخول إلي الطبيب للكشف عليك ثم ينادي الساعي أو التمرجي أو الموظف علي الاسماء ويردد فلان الفلاني، هكذا دون ان يسبق اسمه بالسيد وهذا حق لك ان تكون سيدا في مجتمعك. ويشعر المريض بعدم احترامه فهو مواطن وفي نفس الوقت كان مديرا عاما قبل ذلك أو رئيسا لمجلس ادارة أو وكيل وزارة اليس هذا امتهانا من موظف صغير لا يعرف الاصول؟ ثم اليس من حق كل مواطن ان يلقب بالسيد وان يسبق هذا اللقب اسمه في كل مكان يذهب اليه؟ انها خواطر انسانية تراودني دائما وبخاصة عندما اذهب إلي أي مكان واشاهد عدم الاحترام الذي يضايقني بل يخنقني، لماذا لا نحترم بعضنا البعض دون ان نكون مديرين أو رؤساء؟ واذا كان الصغير يحترم الكبير أليس من حق الصغير ان يحترمه الكبير ايضا حتي ينشأ شخصية سوية محترمة تعرف معني الاحترام والاحترام الذي ينبع من الحب الحقيقي وليس الاحترام المصطنع؟.