وخلال فترة تولي فاروق حسني لوزارة الثقافة تم تنفيذ مشروعات أثرية نهضت بشكل غير مسبوق .. وكان في غاية السعادة والفخر أننا نستطيع أن نصنع الجمال ما من شك أن فاروق حسني وهو واحد من أشهر وزراء الثقافة في مصر قد أولي عناية خاصة لأهرامات الجيزة وذلك لعشقه للأهرامات وأذكر أنه قام بشراء مجموعة من المؤلفات التي تدور حول الأهرامات لكي يأخذها معه إلي باريس عندما تم تعيينه ملحقاً ثقافياً لمصر في باريس. كنا في ذلك الوقت مجموعة من الأصدقاء نتقابل وفاروق حسني عندما ينزل في زيارات قصيرة إلي مصر. وفي إحدي زياراته قمت بدعوته ومجموعة الأصدقاء لتناول الغداء في الاستراحة الصغيرة التي كنت أقيم بها أمام الهرم الأكبر وتقع أمامها مباشرة مقبرة حم إيونو المهندس العبقري الذي بني هرم الملك خوفو. كان معنا علي الغداء الكاتب محمد جلال وسمير غريب والزميلة الراحلة سامية الملاح وكانت تعمل مفتشة آثار الأهرامات وتزوجها فيما بعد سمير غريب؛ وكان فاروق حسني في ذلك الوقت يبحث عن عروسة. وبينما نتناول الغداء وجدت فاروق حسني يقول إنه لا يصدق مدي روعة وسحر المكان وأنه يتناول غداءه وأمامه أعظم بناء معماري بناه إنسان علي وجه الأرض. كان فاروق حسني من أنشط الملحقين الثقافيين في ذلك الوقت؛ استطاع عمل حراك ثقافي ضخم وأن يزيد من عشق الفرنسيين لمصر. وحدث أن وجدته ذات يوم يتصل بي علي الهاتف ليطلب مني ترتيب زيارة بصحبتي للملكة فريدة إلي منطقة سقارة. وبالفعل حضر هو والملكة وذهبنا إلي سقارة في عربة فاروق حسني التي يقودها بنفسه وإلي جواره تجلس الملكة فريدة وفي الخلف أجلس أنا؛ وحدث ونحن علي طريق سقارة أن صدم فاروق حسني قطة وفوجئت به والملكة في غاية التأثر؛ وقام بالتوقف ونزل من بالسيارة لفحص الضحية والاطمئنان علي سلامتها وذرفت الملكة الدموع وهي تمسح علي جسد الضحية وتسأل فاروق عن أقرب مستشفي للحيوانات؛ كل هذا وأنا واقف أشاهد ولا أنبث بكلمة واحدة. المهم أننا وبعد الاطمئنان علي القطة وأنها ستعيش عدنا إلي السيارة وواصلنا طريقنا إلي سقارة حيث أصرت الملكة فريدة الدخول إلي داخل هرم الملك زوسر.. واستطعت إقناعها بالدخول من خلال المدخل الجنوبي وليس الشمالي حيث إن المدخل الجنوبي أقل صعوبة بكثير من الشمالي. كان فاروق حسني يشرح جمال الأهرامات وسر سحرها وتميزها في الحضارة وكنت أشرح للملكة تاريخ وعمارة الأهرامات ونظريات البناء. انتهت زيارتنا لسقارة واصطحبنا الملكة لتناول فنجان الشاي في استراحة كبار الزوار بسقارة وما إن دخلنا حتي وجدت فاروق حسني في منتهي الضيق بسبب وضع الاستراحة المزري والذي لا يتناسب إطلاقاً وموقعها الذي تطل منه علي أهرامات ومقابر سقارة الخالدة؟! انتهت فترة عمل فاروق حسني كملحق ثقافي في فرنسا وعاد ليفتتح معرضاً للوحاته بالقرب من الماريوت وحضر الدكتور عاطف صدقي رحمه الله افتتاح المعرض وكان في ذلك الوقت رئيساً للجهاز المركزي للمحاسبات. وبعد ذلك أصبح رئيساً للوزراء وجاء فاروق حسني وزيراً للثقافة التي تضم ضمن مسئولياتها إدارة الآثار؛ وكان أن قمنا بإعداد مشروع طموح لهضبة الجيزة تم تنفيذ ما يقرب من 60 % منه ولم يتبق منه سوي القليل الذي لم ينفذ إلي الآن.. هذا المشروع أعده المعماري العبقري الدكتور طارق أبو النجا والدكتور طارق والي؛ ولو تم تنفيذه كما خطط له نستطيع أن نقول للعالم إننا نعرف قيمة أهرامات الجيزة. وخلال فترة ولاية فاروق حسني للثقافة المصرية تم تنفيذ مشروعات أثرية سواء في المناطق الأثرية أو المتاحف والتي نهضت بشكل غير مسبوق. أما عن استراحة سقارة فاستطعت أن أحولها بالفعل إلي استراحة لكبار الزوار يمكننا أن نستقبل بها الملوك والملكات ورؤساء الدول وكبار الشخصيات ونفتخر بأننا مصريون أحفاد الفراعنة؛ وقمت بدعوة فاروق حسني علي الغداء في الاستراحة لكي يري ما حدث بها وحالها بالأمس واليوم وكان في غاية السعادة والفخر أننا نستطيع أن نصنع الجمال.. شكراً فاروق حسني!