هنري كسينجر خلال زيارته لمنطقة الأهرامات رأي أن مبني المتحف لا يليق أن يتواجد بجوار أهم أثر معماري في العالم كله أنا من أشد المعجبين بالرئيس الراحل أنور السادات ولأسباب عديدة منها خطة الخداع الرائعة التي شهد له بها العالم كله قبيل حرب أكتوبر المجيدة. أذكر وأنا طالب دكتوراة في جامعة بنسلفانيا أن حضرت للمدينة سيدتان من إسرائيل لإلقاء محاضرة تحذر من الرئيس السادات؛ وقالتا بالنص إن السادات سيستعيد سيناء كاملة ولن تحصل إسرائيل علي شئ منه. أما عن السبب الثاني فهو عندما أعلن الرئيس السادات في مؤتمر صحفي بالمتحف المصري أنه لا يستطيع النظر إلي مومياوات الفراعنة العظام معروضة للفرجة ونسيان أنهم بشر أدميون يجب إحترامهم أحياء وأمواتا! ودعا يومها العلماء والباحثين للنظر في مسألة إما عرض المومياوات بطريقة لائقة أو إعادتها إلي مقابرها مرة أخري؟ وكان أن أمر بإغلاق قاعة المومياوات بالمتحف المصري لحين الفصل في المسألة. بالطبع كان النصر علي إسرائيل هو أهم إنجاز للرئيس الراحل أنور السادات. وكان الرئيس يحب أن يأتي دائماً إلي منطقة الأهرامات بالجيزة ويراقب الغروب من أمام استراحته بالمنطقة وهو يدخن البايب الشهير. وكان يجتمع مع الزعماء والرؤساء داخل هذه الاستراحة ومن خلفه أهرامات الجيزة. ومازلت أذكر عربة الرئيس الخضراء ماركة السيات والتي كان يقودها بنفسه إلي الأهرامات. وعندما بدأ السادات الإتصال بأمريكا عقب حرب أكتوبر حضر هنري كسينجر وزير الخارجية إلي مصر ودعاه السادات علي الغداء في استراحة الأهرامات؛ وبعد الغداء جلسا أمام الاستراحة يشاهدان الأهرامات؛ وبادر كسينجر بسؤال الرئيس عن متحف مركب الشمس للملك خوفو؛ وقال إن مبني المتحف لا يليق أن يتواجد بجوار أهم أثر معماري في العالم كله. أما عن قصة وجود متحف المركب فبدأت عندما تجول الدكتور ثروت عكاشة بطائرة هليوكوبتر فوق منطقة الأهرامات؛ وأشار عليه الخبراء بضرورة بناء المتحف في نفس مكان العثور علي مركب الشمس.. أي في الجهة الجنوبية من الهرم؛ ولذلك صدرت التعليمات وتم بناء المتحف فوق الحفرة التي عثر بها علي أخشاب المركب والتي قام العبقري المصري الحاج أحمد يوسف بإعادة تركيبها مرة أخري؛ وقضي ما يربو علي العشرين سنة يعمل في المركب وبدون استعمال المسامير.. واتبع في عمله نفس إسلوب المصري القديم الذي استخدم الخوابير الخشبية والحبال في التجميع والتربيط. كان هنري كسينجر من المعجبين بالعبقري أحمد يوسف - مرمم مركب خوفو- وأعلن أن هناك ضرورة للحفاظ علي الهرم وإزالة المبني، وبالفعل اتصل فؤاد الوالي وكيل وزارة الثقافة في ذلك الوقت ومدير مكتب الوزير- بأعظم معماري العالم وهو الصيني "أي بيه" ويعيش في الولاياتالمتحدةالأمريكية وصمم العديد من المتاحف والمنشآت الثقافية. حضر المعماري الصيني إلي مصر ورأي أن نقل المتحف إلي مكان آخر سيكلف أموالاً طائلة ولذلك لم ير المشروع النور. وعندما بدأنا مع الفنان فاروق حسني مشروع إنشاء المتحف الكبير؛ اتفقنا علي أنها الفرصة لتحقيق الحلم القديم ونقل المركب من مكانها الحالي إلي مبني بجوار المتحف الكبير لتعرض به انتظاراً لأن تلحق بها المركب الأخري التي يعمل علي ترميمها حالياً فريق ترميم من اليابان.