كل الكوارث والأزمات المحيطة بنا من الممكن معالجتها ومواجهتها الفتنة الطائفية، والازمة الاقتصادية، والانفلات الامني، والمستقبل الغامض الذي ينتظرنا بعد صعود الاخوان والسلفيين في الانتخابات البرلمانية، الدستور وتشكيل اللجنة التي ستقوم بكتابته وعرضه للاستفتاء، وصولا لانتخاب رئيس الجمهورية. ما سبق هو مجرد عناوين لما يحيط بنا من الكوارث، غير أن أخطرها هو تلك الخطيئة التي ارتكبت في حق الجيش المصري، واذا كان هناك تراث طويل بين الشرطة والشعب أدي إلي هذا العداء والكراهية المتبادلة، فإن التراث الطويل بين الجيش والشعب كان علي العكس تماما، والتقدير والمحبة والاحترام من جانب الشعب المصري لجيشه ظل واحدا من المكونات الاساسية للحركة السياسية في مصر، وظلت الخدمة في القوات المسلحة مشرفا لكل مصري، وكاتب هذه السطور قضي من عمره ثلاث سنوات في خدمة القوات المسلحة ونلت شرف حضور حرب اكتوبر 1973. لنتأمل بسرعة في تاريخنا القريب. كانت أول ثورة علي الاحتلال الانجليزي هي ثورة عرابي وقام بها جيش عرابي، ولم يحدث بعدها ان استخدم الجيش لقمع الشعب، فهذا هو عمل الشرطة، وحرص حكام يوليو 1952 علي هذا التقليد، بل ان الجيش عندما نزل إلي الشارع بعد ذلك خلال انتفاضة 18، 19 يناير 1977، أو اثناء أحداث تمرد الامن المركزي في عهد الرئيس المخلوع، لم يشارك فعليا، أي لم يتدخل الجنود في الشارع ولم يدفع بهم لمطاردة الشعب في الشوارع وحرق الخيام وسحل البنات والشباب واطلاق النار، أي الدخول في مواجهة مباشرة، سوف تؤدي إلي أن تعقد هذا الاحترام والتقدير والمحبة من الشعب للجيش، واعتبار الجيش حصنا للشعب، يدافع عن حدودنا ويحمينا، والجيش في كل الدنيا واجبة حماية الأمن الوطني والدفاع عن التراب الوطني، باستثناء الديكتاتوريات العسكرية وجمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية. لذلك فإن خطيئة المجلس العسكري تتضاعف ويزداد تأثيرها مع كل عصا يضربها جندي لأخيه المصري، لماذا يزج بالجيش في نفق مظلم؟ وكل قوة وجبروت مبارك لم تنفع في منع الثورة من الاندلاع، وأسوأ ما يمكن أن يقع فيه المجلس هو المرور القوة. كل ما أتمناه أن يحفظ الله مصر، وأن نتدارك الخطيئة، وأن نمنع تماما ونهائيا اعتداء جنودنا علي أهالينا، فهذه هي الكارثة الكبري.