لاحظت في الفترة الأخيرة أن بعض محلات التجزئة التي تبيع مواد البقالة والخضار والفاكهة تغلق أبوابها بعد زمن قصير منذ أن بدأت الأسعار تأخذ منحني الصعود بلا عودة أو ثبات وعندما سألتهم عن سبب وجود يافتة »المحل للبيع» رغم أنهم »لم يدوسوا» في السوق وقتا كبيرا حتي يختبروه، ورغم أن الطبقات التي تتعامل معهم معظمها من المتوسطة وفوق المتوسطة قالوا: ارتفاع الأسعار أضر بالبائع والمشتري فقاطعت حديثهم لماذا لا تخفضوا الأسعار بعض الشيء حتي تستمر حركة البيع والشراء قالوا: نحن نأخذ السلع بسعر غال ومكسبنا لو علمت ضئيل إذا أضفنا فاتورة الكهرباء والخدمات والعمالة والايجار موزعة علي البضاعة. انتقلت إلي نوع آخر من الحرف أو المهن التي يتعامل معها الجمهور مثل الحلاق كان متوسط عدد الزبائن يوميا عنده يزيد علي خمسة أفراد وعندما زادت الأسعار ورفع قيمة سعر الحلاقة أصبح يجلس أكثر من 3 أيام بلا زبون ويضرب كفا علي كف.. كيف يدفع فاتورة الكهرباء والمياه مع قلة الزبائن وحاله ليس بأفضل من محلات البقالة.. لهذا ذكر في حديثه أنه ربما يغير مهنته أو يبيع المحل مثل الحرفيين الذين تركوا مهنتهم الي سائقين توك توك وميكروباص. أما عن تجار الفاكهة والخضار فالمصيبة مصيبتان الأسعار غالية لأن حالهم مثل حال السوبر ماركت يأخذ السلع بأسعار مرتفعة ومكسبه فيها قليل والأمر الأخطر أن البضاعة معرضة للتلف من الحرارة حتي الحفظ في الثلاجة ليس أمانا للحفاظ علي نضجها بخلاف فاتورة الكهرباء التجارية. أري حالهم ليس كما نظن أنهم يتكسبون كثيرا من ارتفاع الأسعار بل أنهم قد لا يجدون مصروفا للبيت كل يوم وأنهم يحسدون تجار الجملة لأنهم أكثر راحة منهم واطمئنانا وربما حديث الشارع في المواصلات العامة أغلبه عن تناول أسعار السلع ومدي ارتفاعها والمقارنة بين حي وحي وماركت وآخر.. من يبيع أقل من الآخر ب »نصف جنيه.. حتي يشدوا الرحال» إليه للشراء منه. البعض يتندر ويقول »ليه الحكومة ماتقبضناش بالدولار وتحوله إلي جنيه مصري بينها وبين نفسها» ؟! آخرون يسخرون من أنفسهم ويتذكرون مشهدا من فيلم الأرض »فيها إيه الأرض تروح .. المهم توصل السكة الحديد إلي سراية محمود بيه.. ويرددون المشهد بكلمات أخري »فيها إيه الدولة تسد عجز موازنتها وتنهار ميزانية الأسرة.. كلنا فدا الحكومة ومجلسها» والبعض قال: »الحمد لله اطمنا علي معاش رئيس الوزراء والوزراء والمحافظين ونواب المحافظين والوزراء وموش مهم معاش المواطنين الكادحين». مايتردد في الشارع المصري يؤكد أن الحكومة لاتفكر سوي في شيء واحد كيف تجبي من جيوب الناس ما يسد عجز الموازنة الذي هي السبب فيه وليس المواطن وأن حلم الرخاء الذي تردد في الآفاق منذ نصف قرن لاوجود له بل أزمات تلو أزمات. أما نكتة الحديث فكانت لموظف »عمل جمعية لشراء تكييف لأسرته وعندما تحقق حلمه وسعد الأولاد به أثناء المذاكرة وفي أوقات الحر الشديد جاءت فاتورة الكهرباء لتعكنن عليهم وما هي إلا بضعة شهور وجاءت شريحة الارتفاع الأخري والبقية تأتي فقرر رب الأسرة أن يبيع التكييف!. إنه وقت يجب أن يعاد فيه حساب الحد الأدني والحد المتوسط للحياة بناء علي سعر الدولار وليس الجنيه المصري حتي نرحم الناس من شرائح الضرائب والكهرباء والطاقة وارتفاع الأسعار علي الدوام.