تسببت النتيجة في هزة عنيفة لأسواق المال العالمية، وسط مخاوف من حدوث مزيد من الركود والتباطؤ الاقتصادي في القارة الأوروبية، كما كان للقرار تداعيات سلبية علي أسواق المال والعملات الأجنبية، حيث سجلت بورصات لندنوباريس وفرانكفورت تراجعات حادة، وحقق مؤشر »نيكي» الياباني أكبر خسارة منذ 2011. وحدث تراجع كبير في مؤشرات الأسهم الرئيسية حول العالم، إلي جانب انخفاض الجنيه الإسترليني بنحو 10%، وهو أكبر تراجع تاريخي لعملة دولية في يوم واحد، إلي جانب تراجع قيمة العملة الأوروبية الموحدة »اليورو»، وهو ما أصاب العالم بهزة مالية عنيفة وغير مسبوقة خلال يوم واحد. كما هبط مؤشر »فايننشيال تايمز 100» البريطاني للأسهم القيادية نحو 7% في أوائل التعاملات مسجلاً أكبر خسارة يومية بالنسبة المئوية منذ أكتوبر 2008، حين هبطت الأسواق العالمية في أعقاب انهيار مصرف »ليمان براذرز». وهوي مؤشر »فايننشيال تايمز 250» لأسهم الشركات المتوسطة الذي تهيمن عليه الشركات المنكشفة علي الاقتصاد البريطاني 11.4%. وكانت أسهم البنوك وشركات بناء المنازل والشركات العقارية من بين الأسهم الأكثر تضرراً في السوق. كما تراجعت بورصتا باريس وفرانكفورت 10% تقريباً، ولندن بأكثر من 7%. وتراجع مصرف »دويتشه بنك» و»بي إن بي باريبا» بأكثر من 16%، بينما تراجع »سوسيتيه جنرال» بأكثر من 25%. وأدت تداعيات الخروج إلي هبوط الجنيه الإسترليني 10% ، وهو أدني مستوي له منذ ما قبل توقيع اقتصادات العالم الكبري علي اتفاق لتخفيض قيمة الدولار في سبتمبر 1985، أي منذ 31 عاماً، مما دفع المستثمرين في الأسواق العالمية إلي التهافت علي الملاذات الآمنة، مثل الين والفرنك السويسري. وتأثرت أسعار النفط أيضاً بالأجواء العامة، فقد خسر برميل النفط الخفيف (لايت سويت كرود) تسليم أغسطس المقبل 3.11 دولارات، أي 6.21% من قيمته، ليسجل 47.77 دولار في التبادلات الإلكترونية في آسيا. كما تراجع برميل »برنت» أيضاً بنسبة 2.4% ليسجل 48.4 دولار. وبالنسبة لأسواق المال الآسيوية، تراجعت بورصة طوكيو بنحو 8% عند الإغلاق، كما خسر عملاقا تصنيع السيارات اليابانيّان »تويوتا» و»نيسان»، اللذان لديهما مقار في بريطانيا، أكثر من 8%، وتراجعت بورصة هونج كونج بأكثر من 5% في النصف الثاني من جلسة التداول، وكان مصرفا »إتش إس بي سي» و»ستاندرد تشارترد» الأكثر تضرراً مع تراجع بأكثر من 10% و11% علي التوالي، كما تراجعت بورصتا سيدني وسيول بأكثر من 3%، وشنغهاي بأكثر من 1% . وبالنسبة للذهب، حقق المعدن الأصفر أعلي مكاسبه منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وهو ما أزكي اضطرابات السوق التي دفعت المستثمرين للإقبال علي الأصول الآمنة، وقفز المعدن الأصفر 8% إلي أعلي مستوياته في أكثر من عامين مقتفياً أثر مكاسب الملاذات الآمنة الأخري مثل السندات، مع هبوط الأصول التي تنطوي علي مخاطر مثل الأسهم والجنيه الإسترليني. وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 5.1% إلي 1319.60 دولار للأوقية (الأونصة) بعدما صعد في وقت سابق إلي 1358.20 دولار للأوقية، مسجلاً أعلي مستوي له منذ مارس 2014، وكان الذهب قفز نحو 11% في سبتمبر 2008، وزاد الذهب في العقود الأمريكية الآجلة تسليم أغسطس 4.7% إلي 1322.80 دولار للأوقية. وأعلن حاكم البنك المركزي البريطاني مارك كارني، أن البنك مستعد لضخ 250 مليار جنيه إسترليني (326 مليار يورو) من الأموال الإضافية لتأمين السيولة الكافية لعمل الأسواق بعد انتصار معسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء، وأضاف أن البنك قادر أيضاً علي تأمين سيولة كبيرة بالعملات الأجنبية في حال الضرورة. وأكد البنك المركزي الأوروبي أنه مستعد لضخ سيولة إضافية باليورو والعملات الأجنبية إذا اقتضت الضرورة ذلك. وقال عقب نتيجة الاستفتاء البريطاني: »يراقب البنك المركزي الأوروبي أسواق المال عن كثب، كما أنه علي اتصال وثيق مع غيره من البنوك المركزية». منير فخري عبد النور، وزير التجارة والصناعة الأسبق، أكد أن العواقب السياسية والاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستكون وخيمة، مشيرًا إلي أنه يتعيّن علينا دراسة تأثير خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي علي صادرات مصر في ضوء انخفاض سعر صرف الإسترليني واحتمال عدم إعفائها من الجمارك، كما يتعيّن دراسة التأثير علي الاستثمار في مصر في ضوء الخسائر التي قد يتكبدها المستثمرون العرب في المملكة المتحدة فضلاً عن الشركات البريطانية. وقال إن الخروج قد يؤدي لانهيار المملكة المتحدة بخروج إسكتلندا وأيرلندا وتدخل إنجلترا في حالة من عدم الاستقرار السياسي. مضيفا أن البورصات الأوروبية ستشهد انهياراً وانخفاضاً حاداً في أسعار صرف الجنيه الإسترليني واليورو، لمطالبة أحزاب في دول أخري باستفتاء مماثل. وتوقع أيضا تزايد الضغوط علي البنك المركزي المصري لإجراء خفض جديد في قيمة الجنيه أمام الدولار خلال 3 أشهر من الآن، في ظل توقعات استمرار تراجع اليورو والإسترليني، وتعويض الانخفاض الذي حدث في عملة أكبر شريك تجاري لمصر وهو الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعرف بإجراء حركة تصحيحية للجنيه أمام العملات الرئيسية، في ظل أنظمة ارتباط العملة المحلية بعملة واحدة أو سلة من العملات.