السياحة المصدر الأسرع لإنقاذ الاقتصاد.. ولن تعود إلا بالاستقرار المفاوضات الحل الأمثل للأزمة السورية ..والديمقراطية الوسيلة لإنهاء الحروب الأهلية د. بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة شخصية استثنائية فهو أول مصري وعربي وأفريقي يتولي هذا المنصب الدولي الرفيع لخمس سنوات استطاع خلالها حل العديد من النزاعات الدولية بالمفاوضات وعندما ارتكبت اسرائيل مذبحة قانا بلبنان ضد اللاجئين الفلسطينيين أصر علي كتابة تقرير يكشف الحقيقة رغم تهديدات امريكا واغراءاتها له كي لا يدين اسرائيل فلما رفض ونشر التقرير استخدمت امريكا حق الفيتو لمنع التجديد له لمدة اخري في منصبه. فخرج مرفوع الرأس تاركا علامة مضيئة في تاريخ المنظمة الدولية التي تسيطر عليها امريكا ولهذا يؤيد قرار السعودية الأخير بالاعتذار عن عدم قبول العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن لمدة عامين ووصفه بأنه خطوة ايجابية نحو إصلاح الأممالمتحدة لأن العالم بحاجة الي أمم متحدة جديدة. د. بطرس غالي ينتمي لعائلة سياسية عريقة فهو حفيد بطرس باشا رئيس وزراء مصر في أوائل القرن العشرين وتولي منصب وزير الدولة للشئون الخارجية في عهد الرئيس السادات ونائبا لرئيس الوزراء للشئون الخارجية في عهد مبارك، وكان أول رئيس للمجلس القومي لحقوق الانسان عام 2004 وظل رئيسا له حتي حل المجلس عام 2011 ثم عاد رئيسا فخريا للمجلس في تشكيله الجديد ..لكل هذا التاريخ السياسي والدبلوماسي كان ل»الأخبار» الحوار التالي مع د. بطرس غالي : كان لابد أن ابدأ حواري معه عن أهم القضايا التي يجب أن تهتم بها مصر الآن وتمس المستقبل؟ أهم قضية لم تعالج في الصحافة ولم تلق من الرأي العام اهتماما كافيا هي قضية الانفجار السكاني وله صورتان: الأولي الاتجاه نحو القاهرة التي وصل عدد سكانها الي 20 مليون نسمة والآن نعاني من ازدحام الشوارع وبالتالي لابد من منع دخول القاهرة وهناك دول لجأت الي هذا الاسلوب مثل سيول وموسكو لنوقف تضخم القاهرة ثم ايجاد وسيلة للحد من الانفجار السكاني إما عن طريق تشجيع الهجرة للخارج لأفريقيا أو اوروبا لتضيف دخلا لمصر بالعملة الصعبة فأهم وزارة في المستقبل يجب ان تكون وزارة المصريين بالخارج لأنهم سيمثلون مفتاحا من مفاتيح الحد من زيادة السكان وزيادة دخل الدولة أما القضية الثانية فهي تحديد النسل وللأسف هناك قطاعات من الرأي العام ترفضه والمشكلة أننا سنصل الي عدد ضخم من السكان دون وجود ما يحتاجونه من خدمات وفرص عمل خاصة ان السكان يتكتلون في 5٪ فقط من مساحة مصر والباقي اراض صحراوية وللأسف المشكلة السكانية لم تجد اهتماما من الحكومات السابقة، أما المشكلة الأخري المهمة فهي مياه النيل.. لقد حاولت وفشلت علي مدي عشرين عاما كوزير أن احسن علاقتنا مع اثيوبيا وما زالت علاقتنا معها غير قوية لأن 85٪ من مياه النيل تأتي منها.. إذن لابد من تدعيم العلاقات معها وتشجيع الاستثمارات المصرية هناك وإيفاد بعثات لتحسين العلاقات . ولماذا فشلت جهودكم لتحسين العلاقات مع إثيوبيا علي مدار تلك السنوات الطويلة؟ للأسف الرأي العام لا يهتم بقضايا الغد وثقافتنا ما زالت محدودة في الاهتمامات اليومية للمواطن دون وجود نظرة مستقبلية واتذكر ان الرئيس مبارك لم يكن متحمسا لقضية المياه رغم الحاحي عليه وقد أرسلت العديد من وزراء الري الأفارقة علي نفقة وزارة الخارجية ليدرسوا نهر الميكونج بآسيا الذي اتفقت كل من كمبودياوالصين ولاوس وماينمار وتايلاند وفيتنام علي انشاء منظمة دولية لإدارته بالاضافة الي منظمة نهر الدانوب في اوربا فلابد من إنشاء منظمة اقليمية لربط الكهرباء بين مصر والسودان واثيوبيا وزرت وقتها بعض الدول الافريقية فرفض رئيس اوغندا الاقتناع بالفكرة فلم انجح لأنني لم أجد من ينصت الي وينظر الي المستقبل، وهذه هي العقلية السائدة في بعض البلدان النامية.. أن المشاكل العاجلة أهم من المشاكل الآجلة بينما لا يجب علاج مشكلات اليوم علي حساب مشكلات المستقبل . وكيف يمكن تحسين العلاقات مع اثيوبيا؟ هذه الدولة لديها انفجار سكاني وتحتاج الي استثمارات ومشروعات زراعية وتحتاج الي مياه نهر النيل إذن لابد من الاتفاق علي اقامة منظمة لإدارة نهر النيل وتحسين العلاقات باستيراد اللحوم من اثيوبيا علي سبيل المثال وبذلك نفيد ونستفيد. المشهد الداخلي انتقل الي المشهد السياسي الداخلي.. كيف تراه كسياسي مخضرم؟ نحن نمر بمرحلة انتقالية وأتمني ان تكون هذه المرحلة قصيرة حتي نهتم بمشاكل الغد ونبدأ في إعادة البناء، فأهم إيراد كان يأتي لمصر من السياحة وهي مورد سهل وجميع عناصره متوافرة لدينا وهي صناعة يتعيش منها ملايين الاشخاص وللأسف السياحة توقفت ولن تعود طالما لا يوجد استقرار، فهناك دول نصحت مواطنيها بعدم السفر الي مصر ومعظم السائحين من الطبقة الوسطي يأتون عن طريق شركات السياحة التي لن تخاطر بالسفر الي بلاد بها احداث عنف- مثل حادث مقتل السائحين اليابانيين منذ عدة سنوات- فيعرضون رحلات لبلد آخر أكثر أمنا، والآن وزير السياحة يقوم برحلات الي أوربا لرفع الحظر عن سفر السياح الي مصر. إذن فإن الاستقرار هو مفتاح عودة السياحة فمصر دولة خدمات وشواطئ وآثار وتصلح للسياحة صيفا وشتاء ولهذا فوزارة السياحة تأتي في نفس أهمية وزارة الهجرة ولابد من عمل إعلانات عالمية وتخفيضات لتشجيع السياحة ولابد من العمل الشاق المنظم..فرنسا مثلا يأتيها 80 مليون سائح سنويا وتنفق الملايين علي إصلاح وترميم المدن القديمة لجذب السياح والحصول علي ايراد سريع ونحن ما أحوجنا لهذا الايراد السريع فبناء مصنع مثلا يستغرق سنوات بينما السياحة هي المصدر الأسرع لإنقاذ الاقتصاد المصري بسهولة ولكنها تحتاج الاستقرار. الاعتداء علي الكنائس بالنسبة لحادث تفجير كنيسة الوراق الأخير ومن قبلها حرائق الكنائس بالمنيا التي استهدفت افتعال ازمات تهز الوحدة الوطنية كيف تري هذه الأحداث؟ هذه الأحداث لن تؤثر علي الوحدة الوطنية فالأقباط يعلمون الهدف من وراء هذه العمليات وأنها ليست موجهة لهم..فالارهاب يؤذي المجتمع كله لكن الكنائس هدف سهل لأنها تسمع في الخارج الذي يريدون تدخله في شئوننا الداخلية فعلي مدار تاريخنا لم يكن هناك تعاون بين الحكومة وبين الاخوان منذ عهد الملك فاروق أو جمال عبد الناصر ماعدا السادات الذي بدأ يسمح لهم بحرية الحركة ولكي أكون منصفا له فقد كانت مصر معزولة في ذلك الوقت لأن البلاد العربية قاطعتنا بعد اتفاقية كامب ديفيد ففتح الباب للتيار الاسلامي . وكيف تري وضع الأقباط في مصر وهل يعانون فعلا من التمييز؟ لابد ان تستمر الوحدة الوطنية ولا تتكرر حوادث مؤسفة للكنائس فلدينا مثلا سعد زغلول الذي نجح في مواجهة الانجليز فلابد ان نحافظ علي هذه الوحدة لأننا بالفعل نعاني من انقسام بين انصار الاسلام المتطرف وانصار الحد الأدني من الليبرالية. ولكن هل يشعر الأقباط فعلا أنهم أقلية؟ حسب ظروف كل شخص فالناجح لا يشعر بذلك والفاشل سيقول إنه مضطهد! وهل تؤيد نظام الكوتة للمرأة والأقباط في الانتخابات؟ لا بل أري أن الحكومات يجب أن تنفتح وتعطي أماكن لهذه الأقليات بالمشاركة والمساواة ففي عهد سعد زغلول كان رئيس البرلمان قبطيا ولكن لو أشرنا الي الكوتة في الدستور فكأننا نعترف أن المصريين أنواع مختلفة. كيف بدأ اهتمامك بحقوق الانسان؟ طوال حياتي كان اهتمامي بالشئون الخارجية ومن هنا جاء اهتمامي بمجال حقوق الانسان لتحسين صورة مصر في الخارج لأننا في حاجة للخارج من أجل السياحة والاستثمار ونحن لا نعطي اهتماما كافيا بالخارج،ولكن مجال حقوق الانسان قائم بذاته لأننا وقعنا علي مواثيق ولعبنا دورا في صياغة الاعلان العالمي لحقوق الانسان وشارك فيه محمود عزمي وبدوي باشا من الخارجية المصرية ولعبنا دورا في انشاء الأممالمتحدة وسبقتها جامعة الدول العربية فكان لنا مكانة علي المستوي الدولي كما كان لنا مكانة في افريقيا لأننا ساعدنا في تسليح ودعم حركات التحرر الافريقية ولا توجد دولة افريقية استقلت دون مساعدة مصر ثم قدمت لهم مصر سياسة عدم الانحياز. مصر وإفريقيا ولكن بعد عهد الرئيس الراحل عبد الناصر تم إهمال علاقات مصر بافريقيا؟ فعلا، في عهد عبد الناصر كان الاهتمام الاكبر بافريقيا ولكني ايضا رغم انني لا أحب الحديث عن نفسي- أثناء وجودي كمسئول كنت شديد الاهتمام بافريقيا بسبب أهمية مياه نهر النيل ولعبت دورا قياديا سواء لمساعدة الدول الافريقية في التخلص من الاستعمار البرتغالي والفرنسي والانجليزي ثم تقدمت بفضل عدم الانحياز. ولماذا تراجع اهتمام مصر بأفريقيا؟ آسف ان اقول إنه تراجع بعد ان تركت وزارة الخارجية وأصبحت أمينا عاما للأمم المتحدة .. وحتي الآن المثقف والدبلوماسي المصري ينظر الي اوربا كأفضل مكان رغم انني ارسلت افضل العناصرالدبلوماسية الي الهند مثل نبيل العربي وعمرو موسي واستفادا من تجربتهما هناك. علي ذكر الهند قلت في احدي محاضراتك بالنادي الدبلوماسي ان الصينوالهند وروسيا والبرازيل ستكون من القوي الجديدة عالميا؟ نعم، لقد انتقلت السلطة من اوربا حيث كانت موزعة بين انجلترا وفرنسا والمانيا الي حد ما، ثم أصبحت الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي أقوي قطبين الي أن تفكك الاتحاد السوفيتي واصبحت امريكا القوة العظمي الوحيدة بالعالم . وهل تري ان دور امريكا كأقوي دولة في العالم بدأ يضعف مع ظهور قوي دولية صاعدة؟ بل ستظل أمريكا هي الدولة الكبري لمدة 20 او 30 عاما القادمة لأن لديها قدرة علي الانفتاح ليست موجودة عند الدول الاخري ولديها الاختراعات الحديثة والطب المتقدم . ولكن أمريكا غارقة الآن في الديون ؟ ولكن لديهم رؤية مستقبلية وابتكار أساليب جديدة لحل مشاكلهم. وبالنسبة للقوي الجديدة علي اي أساس توقعت ان تتحول الي قوي عظمي مستقبلا؟ الصين مثلا رغم ان عدد سكانها تعدي المليار نسمة لكنها تقدمت وانفتحت علي العالم ولها أطماع في افريقيا وتستثمر في مشروعات في أمريكا والعديد من دول العالم، وفي الهند أيضاً لديهم القدرة علي التعايش بين مختلف الديانات وهم حوالي 20ديانة، وعندما كنت مسئولا عن حقوق الانسان تعجبت كيف لا نعترف إلا بالديانات السماوية الثلاث الاسلام والمسيحية واليهودية وهم لا يمثلون الا ثلث ديانات العالم والباقي ديانات غير سماوية بينما كان يمكن اعتبار الديانات الأخري عقائد فاعتقدوا أنني اريد السماح ببناء معابد بوذية!فنحن لم نصل لثقافة الانفتاح علي العقائد الاخري بعد. اعتقد ان من مقومات تقدم الهند الآن تقدمهم في البرمجيات رغم أن لديهم سكانا تحت خط الفقر؟ نعم ولكن العبرة هي قدرتهم علي التعايش رغم اختلافهم دون ان يقعوا ضحية لحروب أهلية . ولماذا تري ان البرازيل أيضاً من القوي الواعدة مستقبلا؟ لأنهم جعلوا من اللغة البرتغالية لغة أنجولا وموزمبيق وبدأوا الاهتمام بافريقيا وبالعلاقات الخارجية فالعبرة بالاهتمام بالشئون الافريقية فدولة صغيرة قد تلعب دور دولة كبيرة لأنها مهتمة بالشئون الخارجية ولكن لو ان دولة كبيرة منشغلة بعلاج مشكلاتها الداخلية فلن تهتم بالشئون الخارجية،ومصر في وقت من الأوقات كانت مهتمة بالخارج ولكن قل هذا الاهتمام. الانفتاح علي الثقافات دائماً ما تركز علي أهمية الانفتاح علي الثقافات الاخري وتعلم اللغات الجديدة مثل اللغة الصينية لانها ستكون ضرورية في المستقبل؟ في احدي محاضراتي بالمعهد الدبلوماسي سألت الدبلوماسيين الحاضرين كم منهم تعلم اللغة الصينية فلم أجد أحدا مطلقا في حين أن 50 ألف فرنسي يتعلمون الآن اللغة الصينية وهذا هو الانفتاح والقدرة علي التعامل مع الثقافات الاخري..والقدرة تختلف عن الرغبة لأنها تحتاج الي بذل جهد منظم. ما مدي اهتمام الأممالمتحدة بالديموقراطية في دول العالم؟ كلمة الديموقراطية لم تكن موجودة في ميثاق الامم المتحدة لدرجة أنها لا تنتقد الدول ذات النشاط الشمولي ولم تهتم بالديموقراطية إلا بعد نهاية الحرب الباردة ثم اكتشفنا ان الديموقراطية أفضل وسيلة لإنهاء الحرب الأهلية وبهذه الطريقة انهينا الحرب في السلفادور فعقدنا صلحا بين الثوار والحكومة ثم اجريت الانتخابات تحت اشراف مراقبين من الأممالمتحدة وفي موزمبيق اقنعت سفراء الدول الأوربية ان يمولوا الثوار في الانتخابات ..اذن الديموقراطية اصبحت وسيلة لنشر السلام ووقف الحروب الأهلية التي زادت في السنوات الأخيرة علي حساب الحروب الدولية ومعالجة الحرب الأهلية تختلف عن معالجة الحرب بين دولتين . وما وجه الخلاف؟ الحرب الأهلية مرتبطة بالقوات المدنية التي تعيش في بلد واحد بينما الحروب الدولية تدور بين جيوش حكومية والحرب الأهلية أصعب في الحل . الأممالمتحدة كنت أول عربي يتولي منصب الأمين العام للامم المتحدة عام 1992 لمدة خمس سنوات .. صف لنا تجربتك وانت علي رأس هذه المنظمة الدولية؟ بعد ان توليت المنصب بشهر واحد انعقد لأول مرة مجلس الامن علي مستوي رؤساء الدول وأصدر قرارا يطلب من الأمين العام الجديد اعادة النظر في أساليب العمل بالأممالمتحدة بعد نهاية الحرب الباردة. هل قمتم بتعديل في ميثاق الأممالمتحدة أم في اسلوب العمل بالمنظمة؟ سواء في الميثاق أو في اسلوب العمل لا يهم فالمهم هو التجديد فعملت بعد 6 شهور (اجندة السلام) وترجمت الي 50 لغة وكان لها تأثير كبير علي المستوي الدولي. وما أهم القضايا التي قمتم بعلاجها خلال فترة توليك لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة؟ ساعدنا في استقلال بعض الدول مثل جنوب افريقيا وموزمبيق وانجولا ولكني فشلت في ايجاد حل للمنازعات داخل يوغوسلافيا لاختلاف المواقف بين امريكا واوربا. لماذا استخدمت امريكا حق الفيتو لمنع التجديد لكم لفترة ثانية بالامم المتحدة؟ لأنني كنت اسمي نفسي (سكرتير جنرال) والجنرال يعني قائد لأنني يجب أن أكون قائدا في بعض الحالات وسكرتيرا في بعض الحالات الأخري، وامريكا لا تريد جنرالا.. فأكاد أكون الامين العام الوحيد في الأممالمتحدة الذي تحدي أمريكا فتخلصوا مني . ولكن ما القضية الخلافية أو القشة التي قصمت ظهر البعير في علاقتك مع امريكا؟ عندما ضربت اسرائيل معسكر الأممالمتحدة الذي يأوي اللاجئين الفلسطينيين من النساء والاطفال في قانا بلبنان طلب الامريكان مني عدم كتابة تقرير عن الحادث حتي لا يضر بشيمون بيريز الذي يمثل حزب العمال وقالوا ان من مصلحة العرب أن يعاد انتخابه لأنه أكثر انفتاحا من باقي السياسيين الاسرائيليين ومارسوا علي ضغوطهم . ولكنك اصررت علي رأيك وكتبت التقرير بالشكل الذي يرضي ضميرك؟ حاولوا مساومتي بحيث لو لم أقدم تقريرا ضد اسرائيل او لو قدمت تقريرا شفويا فهناك احتمال ان يمدوا لي لعام او عامين فقلت لوزير الخارجية الامريكي انني لا أخذ بقشيشا وبالطبع لم يفهم معني كلمة (بقشيش)! كان خروجك مشرفا من هذا المنصب الدولي الرفيع الذي قد يغري الكثيرين بالخضوع لامريكا لينالوا رضاها؟ قالوا لي انني الامين العام الوحيد الذي استطاع ان يعارض القوة الكبري في العالم. حقوق الإنسان خلال فترة رئاستك للمجلس القومي لحقوق الانسان ما اهم الاولويات التي يهدف المجلس لتحقيقها؟ أنشأت المجلس وبدأ العمل عام 2004وكان مجالا جديدا بالنسبة للرأي العام المصري ولكنه انقلب الي مكتب شكاوي ربما لأن مفهوم حقوق الانسان لم يكن معروفا في ذلك الوقت،وقمنا بنوع من مراقبة الحكومة فأصدرنا بيانات لنعلق علي أي قرار حكومي لا نرضي عنه،فالمجلس له طبيعة استشارية لا تمنحه من السلطات ما يمكنه من تحقيق كل الآمال المعقودة عليه وقام المجلس بانشاء آلية دائمة ومنظمة لتلقي شكاوي المواطنين والتعامل معها والتنسيق مع الجهات المعنية بالدولة لايجاد حلول لها ولكن انجاز المجلس يتوقف علي مدي تجاوب هذه الاجهزة لحل المشكلات، وكان اهم أهدافنا السعي لتكريس مبدأ المواطنة وتطبيق ما يستوجبه من آليات ونتائج، واحترام الكرامة الانسانية ومواجهة ممارسة التعذيب كما أعد المجلس مقترحا بتعديل الاطار القانوني لمكافحة جرائم التعذيب واساءة استعمال السلطة مع الناس، والعمل علي انهاء حالة الطوارئ ومعالجة اوضاع المعتقلين، ودعم وتعزيز الحقوق والحريات العامة للمواطنين، ودعم الحقوق السياسية والمشاركة المجتمعية، ومعالجة اوضاع النقابات المهنية والجمعيات واطلاق طاقات المجتمع الأهلي، وتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفئات الأكثر احتياجا،ودعم حق المجتمع في التنمية والسلم الاجتماعي، والاهتمام بنشر ثقافة حقوق الانسان. وكم بلغ عدد شكاوي المواطنين التي تلقاها المجلس حتي الآن؟ تلقي مكتب الشكاوي 53740 شكوي .كما قدمنا 6 مقترحات بمشروعات قوانين وهي تعديل احكام الحبس الاحتياطي وتعديل بعض نصوص قانون العقوبات الخاصة بمكافحة التعذيب ومشروع قانون انشاء نظام قاضي الاشراف علي تنفيذ العقوبات وبناء دور العبادة الموحد وحماية تكافؤ الفرص ومنع التمييز وتعديل بعض نصوص قانون العقوبات بشأن تعزيز حرية الفكر والتعبير. عبد الناصر والسادات توليت منصب وزير الدولة للشئون الخارجية في عهد الرئيس السادات وكنت نائبا لرئيس الوزراء للشئون الخارجية في عهد الرئيس مبارك ما الفارق بين السياسة الخارجية لكل منهما؟ كنت وزيرا للدولة للشئون الخارجية في عهد السادات منذ 1977 حتي اغتياله في 1981 ثم مع مبارك حتي تم تعييني أمينا عاما للأمم المتحدة، والسادات كان صاحب رؤية مستقبلية وجريء بدليل انه ذهب الي القدس بينما مبارك تقليدي يوقف أي شيء جديد فالتقدم الذي أجريته في عهده تم دون علمه فكان من الصعب اقناعه فلا انسي كيف عاند ورفض الذهاب لجنازة امبراطور اليابان وأخيرا اقتنع وسافرت معه وفوجئ بأن جميع رؤساء العالم موجودين فقال : (بطرس احيانا علي حق)! وعلي مستوي علاقة مصر بالدول العربية ما الفرق بين كل من السادات ومبارك؟ البلاد العربية قاطعت مصر بعد اتفاقية السلام وكانت مهمتي كمسئول هي كيف اتخلص من هذه العزلة التي فرضت عل مصر عن طريق اهتمامي بالدول الأفريقية وامريكا اللاتينية ومع مرور الوقت عادت الينا الدول العربية بعدما ثبت لهم ان مصر استردت سيناء بالسلام. وكيف تري علاقات مصر الخارجية الآن؟ لقد ركزنا اهتمامنا علي المشاكل الداخلية علي حساب الاهتمام بالشئون الخارجية التي تحتاج الي بعثات وبيانات واهتمام وتحرك دائم ونشط . بالنسبة للمنظمة الفرانكفونية الدولية التي رأستها كيف كانت تجربتك فيها؟ اعترضوا هنا في مصر وتصوروا انني أريد أن أفرض الثقافة الفرنسية بينما كنت أريد الانفتاح لأنه هو الحل لنستفيد من السياحة والاستثمار وفتح ابواب الدول الأخري للأيدي العاملة المصرية لزيادة الدخل القومي فمستقبل الاقتصاد المصري مرتبط بالانفتاح الخارجي. وما رأيك في الازمة السورية وكيفية الخروج منها؟ المفاوضات هي الحل الأمثل للأزمة السورية. وهل تؤيد قرار السعودية بالاعتذار عن عدم قبول العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن؟ أؤيد القرار وأراه خطوة ايجابية لاصلاح الأممالمتحدة لأنها تحتاج الي تطوير شامل نحن بحاجة الي أمم متحدة جديدة. وهل تري دورا للمنظمات غير الحكومية علي الساحة الدولية؟ بل أري أن المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني هي اللاعب الجديد علي الساحة الدولية وهي تنتشر بالالآف في كل دولة من دول العالم ففي البرازيل حوالي 50 ألف منظمة غير حكومية.
