أكد الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة على ضرورة أن تحظى دول حوض النيل بأهمية كبيرة في السياسة الخارجية المصرية.. مشددا على ضرورة الحوار والاتفاق بين دول حوض نهر النيل حول تقاسم أو توزيع جيد للمياه. جاء ذلك في محاضرة ألقاها غالي اليوم الأحد في مركز الجمهورية للدراسات السياسية والأمنية بجريدة الجمهورية بحضور الدكتور مصطفى هديب رئيس مجلس إدارة دار التحرير والنشر والدكتور محمد العرابي وزير الخارجية السابق ، والسفير الدكتور محمد إبراهيم شاكر رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية. كما حضر السفير مخلص قطب مستشار الأمين العام للجامعة العربية ، واللواء سامح سيف اليزل رئيس مركز الجمهورية للدراسات والأبحاث السياسية والأمنية بجريدة الجمهورية وأسرة المركز وجمع من الصحفيين. وقال غالى إن مشاكل دول حوض النيل ينبغي أن تكون في صلب السياسة الخارجية المصرية ، وإنه من الخطأ إهمال علاقات مصر مع دول حوض النيل وإفريقيا التي ستواجه أزمات في الطاقة والانفجار السكاني. وأضاف "إننا فشلنا في إقامة منظمة تعاون لدول حوض النيل .. وأنه أقام مجموعة (الأندوجو) التي تضم دول حوض النيل ..وأنه يعترف بأنه فشل فى تحقيق تقدم فى مجال التعاون بين دول حوض نهر النيل..وأننا لم نستطع على سبيل المثال إقامة مشروعات للربط الكهربائي بين مصر ودول حوض النيل. وكان غالي قد استهل المحاضرة والتي خصصها للحديث عن مستقبل الأممالمتحدة والنظام الدولى...بالتأكيد على أن الولاياتالمتحدة سوف تظل على الأقل في غضون الثلاثين عاما القادمة تسيطر على النظام والعلاقات الدولية لقدرتها وامتلاكها على أدوات التأثير في النظام الدولي بآلياته المعاصرة التي تتسم بالتكنولوجيا السريعة والمتطورة. وأشار إلى أنه قد تبرز قوة أخرى لكن أمريكا بقدراتها المختلفة وقوتها الاقتصادية وانفتاحها على العالم ستظل هي المسيطرة على العالم. وأوضح الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة أن التنوع الكبير داخل المجتمع الأمريكى هو أحد أسباب قوتها وتأثيرها على العالم ..مشيرا إلى أن أمريكا أصبحت دولة ذات تأثير عالمي وأنها تندمج بسرعة وتستجيب لتيار العولمة والانفتاح. وقال غالي "إن أى إنسان يصل إلى أمريكا ويحصل على الجنسية يستطيع أن يصل إلى أكبر منصب فيها وهذا غير موجود في أي دولة في العالم". وحول إصلاح النظام الدولي..أشار الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة إلى أن العالم بحكم العولمة والثورة التكنولوجية المتطورة والمتلاحقة مقبل على أفكار جديدة وقواعد جديدة ومفاهيم جديدة ستؤدي إلى تغيير جذري في العلاقات والنظام الدولي. ولفت إلى إهمية الانتباه إلى دور المنظمات الدولية غير الحكومية كلاعب جديد وفاعل في الساحة الدولية ، قائلا إنه يرى أن هناك جيلا جديدا من هذه المنظمات سوف يكون له تأثير كبير على العلاقات والنظام الدولي الجديد في عالم العولمة. وقال إن مفهوم سيادة الدولة بدأ يفقد الأهمية ويتراجع أمام الانفتاح العالمي والسموات المفتوحة ، حيث أصبحنا نرى أن معظم المشاكل الوطنية تحل الآن على المستوى الدولي وليس الوطني مثل المشاكل البيئية والأمراض والصحة والتعليم أيضا وهذا لا يعني غياب دور الدولة ..وأنه إلى جانب الدولة ستكون هناك منظمات وهيئات جديدة تستطيع أن تلعب دورا أهم من دور الدولة. وتوقع غالي أن يظهر جيل ثالث من المنظمات الدولية بخلاف المنظمات السابقة وسيكون لها التأثير البالغ في النظام والعلاقات الدولية، ولكنه لا يستطيع أن يحدد وقتا لذلك. ولفت غالي إلى أن إصلاح الأممالمتحدة لن يتم بإلغاء أو تقييد حق الاعتراض /الفيتو/ أو بإضافة مقاعد جديدة .. ولكن الإصلاح يجب أن يتم من خلال تمكين الرأى العام بمنظماته المختلفة من المشاكة فى الأممالمتحدة، كما أن العبرة ليست بقوة الدولة وإنما بقوة إرادتها السياسية وأنه يجب أن يكون بجانب الدولة اللاعب غير الحكومي وهذا هو عين الاصلاح الحقيقي. وأشار إلى أن مصر لعبت هذا الدور على الساحة الإفريقية في فترة من الفترات وكانت الدولة الرائدة ، لكنها الآن لا تستطيع القيام بهذا الدور نظرا للتغير الذي حدث في العالم ونظرا للتحديات والمشاكل التي تواجهها. وقال الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة إن المنظمة الدولية تمر بأزمة منذ انتهاء الحرب الباردة ودخول العالم في عصر العولمة وتغير المفاهيم التي نشأت في ظلها الأممالمتحدة..موضحا أن هناك العشرات من المعاهد العالمية المتخصصة تدرس حاليا الإصلاحات في المنظمة الدولية. وأضاف غالي إنه كان لديه أمل عندما تولى منصب الأمين العام للامم المتحدة أن يسهم في دور جديد للمنظمة الدولية لكنه لم يستطع ، بسبب أن الولاياتالمتحدة تريد قيادة الأممالمتحدة ، وأنه يجب أن نعترف أن الولاياتالمتحدة هى الدولة الوحيدة التي تسيطر على النظام الدولي. وتطرق إلى الحديث عن الديمقراطية...حيث أشار إلى أن الديمقراطية كمفهوم جديد في العلاقات الدولية نشأ كأيولوجية أمريكية جديدة تحل محل الماركسية والرأسمالية والليبرالية، فقد كان هناك ديمقراطية شيوعية وديمقراطية رأسمالية ، وبالتالي فإن السياسة الأمريكية عمدت على العمل على نشر الديمقراطية في العالم من أجل الاستقرار واستتباب الأمن والسلام وأنها وسيلة من وسائل إنهاء الحروب الأهلية ونتيجة لدروس وتجارب حروب أهلية في أمريكا اللاتينية وإفريقيا كانت الديمقراطية والانتخابات هدف ووسيلة لتحقيق السلام. ونبه إلى أن كلمة الديمقراطية لا وجود لها في ميثاق الأممالمتحدة وهي موجودة فقط في منظمة اليونسكو. وتطرق غالي إلى الحديث حول أهمية الانفتاح على الخارج ، مشيرا إلى أهمية أن تكون مصر منفتحة ومستعدة لهذا الانفتاح على الخارج من أجل تحقيق التقدم والتنمية، ولافتا في هذا الصدد إلى أمثلة للتقدم الاقتصادي والتنمية في الصين والهند وكوريا الجنوبية التي يوجد بها أرقى الجامعات في العالم وأكبر المعاهد والمراكز البحثية. وعقب الانتهاء من المحاضرة .. أجاب الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة على استفسارات وأسئلة الحضور فأكد في إجابته على سؤال حول الأزمة السورية على أن هناك أطرافا خارجية تستفيد من الحالة السورية الراهنة ، موضحا أنها تصب في مصلحة دول منها إسرائيل حيث أنه من المهم لديهم ألا تكون هناك حالة استقرار في سوريا. وبالنسبة لإيران...كشف غالي عن أن إسرائيل تلجأ في بعض الأحيان إلى اختراع المشكلات لكي يهتم الرأي العام وجماعات الضغط في أمريكا بها، مؤكدا أن إيران لا تمثل خطرا حقيقيا وإنما أصبحت وسيلة لإسرائيل لكى تنال اهتمام الرأي العام الأمريكي ليس أكثر ، وأن هناك مبالغة في الاهتمام بإيران. وفى رده على سؤال .. قال الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة إن زيارات الرئيس مرسي للخارج تدخل فى إطار الانفتاح وقد تكون هي الخطوة الأولى، ولابد لها من نتائج في عملية التنمية وأنه على مصر أن تبتكر وسائل جديدة لكي تستعيد مكانتها، فالرأى العام يهتم بالشرق العربي ولا يهتم بالجنوب في أفريقيا ، والاهتمام المصرى موجه إلى أوروبا إلى البحر المتوسط والمشرق العربي. وأشار إلى أن مصر عليها مواجهة المشاكل والتحديات دون أن تنغلق على مشاكلها الداخلية ..وأن تغيير السياسة الخارجية يحتاج إلى وقت ..وأنه من الصعب التكهن بالاتجاهات المصرية بعد ثورة التغيير في مصر. وتحدث وزير الخارجية السابق محمد العرابي عن أهمية إعادة دور الأممالمتحدة خاصة فيما يتعلق بالمنطقة العربية ، قائلا إنه لا غنى عنها ولا يمكن أن يكون المسرح الدولي موجودا بدون الأممالمتحدة. وبدوره..تحدث السفير الدكتور محمد إبراهيم شاكر عن أهمية تنفيذ قرار الأممالمتحدة بإقامة المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط ، مؤكدا على أهمية أن تشارك إسرائيل في مؤتمر الأممالمتحدة في هلسنكي خلال ديسمبر القادم لبحث إقامة المنطقة الخالية.