برغم أن قرار محمد بركات » جوكر « الاهلي بالاعتزال كان متوقعا من فترة طويلة الا ان القرار النهائي كان صعبا جداً على عشاق فن و موهبة و اخلاق و روح بركات ، بل و زملائه بالفريق و اعضاء الجهاز الفنى الذين سيفتقدون هذا اللاعب الذى لقبه جوزيه بروح الاهلى ، و اعتبره البدرى جوكر الفريق ، و وصفه يوسف بأنه ارجل لاعب كرة عرفه ، بينما وصفه المعلم شحاته بأنه حلال العقد . وبين الروح والجوكر و الرجولة و حل العقد سنوات مثيرة و عامرة بالكفاح ملأها بركات بالفن و الموهبة و الكفاح فكانت مليئة بالانتصارات و التتويج ؛ و لكن بروح مرحة خفيفة حلوة و ابتسامة لا تبتعد عن وجهه ، بدون عصبية او مكر أو ألاعيب فى الظلام . الزئبقى محمد بركات صانع المتعة واحد ابرز لاعبى الجيل الحالى فى الكرة المصرية.. جذب الأنظار إليه بأخلاقه العالية قبل مهاراته الفذة ، و بمرحه قبل روعته فى الاحتفاظ بالكرة والمراوغة ، ناهيك عن عقله الكبير و فلسفته و ثقافته قبل سرعته المكوكية فى الانطلاق بالكرة ، و تساوت مهارة اقناعك به بمهارة التصويب المتقن على المرمى . بداية بدأ بركات مشواره مع الكرة فى نادى السكة الحديد ،وهو دون السادسة عشرة من عمره ثم انتقل بركات الى الاسماعيلى ، و تألق معه ، و أحرز معهم لقب الدورى العام و الكأس ثم أنتقل إلى أهلى جدة السعودي، ليواصل التألق لموسم واحد ، و شد الرحال بعدها إلى الدورى القطرى الأقل جماهيرية ومستوى ، و لكنه لم يستسلم و يرفع الراية البيضاء ، قابلاً بالريالات القطرية ، و العيش رغداً فى القصور كالامراء ، و فضل الانتقال للاهلى ليصنع معه تاريخاً رائعاً طوال 9 سنوات مليئة بالكفاح و الجد و العرق المغلف بتوليفة بركات السحرية المرحة التى تجعل البطولات و الدروع و الالقاب و الميداليات تحبو و تسير و تعدو نحوه و كأنه مغناطيس للانجازات . مدربون عمل بركات مع العديد من المديرين الفنين خلال مشواره الاندية و المنتخبات المصرية التى لعب لها ، اشهرهم تو اكثرهم تأثيراً فى شخصيته تمحسن صالح تفى الاسماعيلى ، مانويل جوزيه فى الاهلى ، حسن شحاته فى المنتخب الاول ، بالاضافة الى حسام البدرى الذى اعتبره احد افراد الجهاز الفنى الى جانبه كونه من كبار اللاعبين .. و على خلاف نجوم مشاهير ملأوا الدنيا بشهرتهم لم يكن لبركات خلافات اطلاقاً مع اى مدرب ، بل كان مسانداً له ، و داعماً لاى مدرب برغم الصعوبات التى واجهها ، و ظهر هذا بقوة مع البدرى و يوسف برغم الانقلابات على الاول من كبار النجوم مثل ابوتريكة و الصقر و جمعه و شوقى ، و الصعوبات على الثانى بسبب صغر عمره بالنسبة للمدربين الذين تولوا دفة الامور بالاهلى . مطبات مر الزئبقى صانع البسمة بركات بصعوبات كثيرة كانت كفيلة بأن تهدم اى لاعب ، كان اصعبها عندما رشح للانضمام للاهلى ، و لكنه لم ينضم بسبب نظرة ضيقة للمسئولين فى الاحمر خوفاً من مردود اصابة بركات وقتها ، ليذهب للاسماعيلى و يتألق ، و لكنه عندما انتقل للاهلى بداية موسم 2004، بعد إصرار المدير الفنى البرتغالى مانويل جوزيه على التعاقد معه، اشتعلت حملة للتشهير به بحجة ان بركات انتهت صلاحيته ، و أن الأهلى خسر المال الذى دفعه لضم بركات ، و خرست هذه الالسنة بعد أن رد بركات فى الملعب بقوة و بهدوء ، و أعلن مجددا عن عودته وشكل مع عماد متعب ومحمد ابوتريكة مثلث رعب هجوما لا يستطيع اى دفاع الصمود أمامه.. ناهيك عن كم الغضب من الحاقدين الذين فشلوا فى ايقاف سرعته او مهارته فاتهمه البعض بأنه يتعاطى منشطات ، و الغريب انها كانت اتهامات من لاعبين اصبحوا مدربين سبق و اتهموا نفس الاتهام ، بينما كانت اصعبها و اشدها مرارة فى حلقه عندما ارتكبت مذبحة مباراة المصرى و الاهلى ، وإعلانه الاعتزال ، و لم يعد الا بعد ضغط عليه بواسطة جوزيه و جلوسه مع طبيب الاهلى وقتها محمد فكرى و الجماهير الوفية التى وقفت بجواره لمعرفتها ان بركات لا يمثل و يرسم الحزن كما فعل نجوم آخرين المشكلة الوحيدة فى بركات انه ليس لهب لوبى اعلامى ا يقوم ببروزة مجهوده فى الفريق او المنتخب ، وايضا هدوءه ، و عدم اثارته للمشاكل اذا لعب اساسياً او احتياطياً ، او حتى كان خارج القائمة لانه يعلم تماماً انه اذا كان فى قمة لياقته فان المدرب هو الذى سيجرى وراءه و ليس العكس . تتويج توج بركات بالعديد و العديد من الالقاب و البطولات الكبرى مع الاهلى ، سواء بكأس مصر او الدورى المحلى تو الذى احتكره الاهلى منذ انضمام بركات و كوكبة من النجوم مثل فلافيو وعماد النحاس و الشاطر، و الاهم مع الاهلى خارج الحدود و ابرزها برونزية كأس العالم للاندية و رابع مونديال العام الماضى ،بعد الفوز أكثر من ثلاث مرات بدورى الابطال الافريقى ، و آخرها لقب بطولة أفريقيا عام 2012 ولقب كأس السوبر الافريقى فى بداية 2013 . على الصعيد الدولى ، ساهم مع زملائه فى حصد لقب كأس الأمم الأفريقية عام 2006 وكان أحد نجومها باعتراف الغريب قبل القريب ، و الطريف ان ذات الابواق تالتى انتقدت الأهلى التعاقد معه كانت هى التى تشيد به بعد شهور قليلة . يعتبر بركات أول لاعب مصرى يحصل على جائزة احسن لاعب أفريقى من هيئة الاذاعة البريطانية (BBC 2005) واحسن لاعب محترف داخل القارة السمراء 2005 أيضا، كما تم ضمه للتشكيلة الرئيسية لمنتخب أفريقيا عقب بطولة كأس الأمم الأفريقية 2006 التى استضافتها وفازت بلقبها مصر.وشارك مع المنتخب حتى تصفيات كأس العالم الاخيرة بعدها فضل بركات اعتزال اللعب الدولى و هو ما احزن حسن شحاته الذى ضغط عليه كثيراً للتراجع عن هذه الخطوة ، و حتى عندما تولى الامريكى برادلى مهمة المنتخب عبثاً حاول اثناءه عن قراره و لكنه آبى. محطات تألق محمد بركات مع النادي الاسماعيلى مواسم 1999-2000-2001-2002، وقادت الاسماعيلى لبطولتى كأس مصر والدورى المصرى . أنتقل محمد بركات بمبلغ قياسى موسم 2002-2003 للأهلى السعودي، استطاع الوصول إلى نهائى الدورى السعودى ، و بعد أن قدم موسما رائعا لم يحالفه الفوز بانجاز محلى بالرغم من وصول فريقه أهلى جدة إلى جميع النهائيات المحلية فى ذلك العام، كما انه فاز مع أهلى جدة ببطولة الاندية العربية الموحدة الأولى لكرة القدمت 2002 التى استضافها اتحاد جدة أمام الإفريقى التونسى وقد سجّل هدف المباراة الوحيد. انتقل ببركات موسم 2003-2004 لنادى العربى القطري.. ولعب مع الارجنتينى باتيستوتا لكن الإصابة منعته من استكمال المشوار لينطفئ توهج بركات مؤقتا ، و يرحل محمد بركات عن قطرموسم 2004-2005 للنادى الأهلى بعد إصرار المدير الفنى البرتغالى مانويل جوزيه على التعاقد معه، تألق وأبدع معه وقاده لإحراز بطولة دورى أبطال أفريقيا وتوج بركات هدافاً لهذه البطولة برصيد 6 أهداف وتحصل على لقب أفضل لاعب بأفريقيا ا أفضل لاعب أفريقى محلى . تألق ينتظر الكل من بركات الكثير و الكثير فى الفترة القادمة ، و بخاصة فى مجال الاعلام التليفزيونى بعد نجاحاته السابقة فى تقديم العديد من البرامج التليفزيونية المصبوغة بخفة دمه الرائعة ، و ذكائه الشديد ، و لباقته ، و صداقاته بالعديد من اللاعبين فى كل الاندية و كل الالوان بسبب نقاء قلب و فكر بركات . بركات : الاعتزال قرار أنانى ! أعترف محمد بركات »جوكر الاهلى« ان اتخاذه قرار الاعتزال كان بناء على استشارة عدد كبير للغاية من المقربين منه سواء فى العائلة حيث استشار والده و زوجته بل و اولاده ، و اصدقاءه المقربين من داخل المستطيل الاخضر او بعيداً عن الرياضة ، و برغم ان الغالبية طالبته بالاستمرار الا انه فضل التوقف ،و ان يكون هو صاحب القرار ، قبل ان يمر بظروف صعبة تطالبه فيها الجماهير بالابتعاد كما حدث مع لاعبين مشاهير محلياً على وجه الخصوص . بركات أكد انه مر بفترة عصيبة للغاية لاتخاذ هذا القرار الصعب ، و انه يعترف بأن فيه انانية، و لكن الكل بعد فترة سيقدر له هذه الانانية حيث قدم صالح ناديه عن نفسه ، و قدم مصلحة اسرته عن نفسه ، حتى تظل فى ذاكرتهم صورة بركات حلال العقد ، و بركات اللاعب الفذ الذى لعب لسن ال36 فى كل المراكز و بمنتهى القوة . وعن خطوته القادمة أكد بركات انه اقرب للعمل فى مجال الاعلام ، و سيكون الامر صعباً عليه ان يعمل فى النواحى الادارية او الفنية فى مجال الكرة على الاقل فى الوقت الراهن. وعن الشائعات التى نالته فى الفترة الاخيرة عن تفكيره فى اللعب لاندية أخرى فى مصر غير الاهلى ، مثل الزمالك او سموحة او الجونة، ضحك بركات و قال : ا قلتها اكثر من مرة لست غبيا لهذه الدرجة ان اضيع انجازات و تاريخ بطولاتى مع الاهلى لمدة تسع سنوات سواء داخل مصر او خارج مصر من اجل بعض الجنيهات او الريالات او الدينارات .
