مع الانتشار غير المسبوق للمعلومات الخاطئة والأخبار المضللة والشائعات علي الإنترنت. تتضافر الجهود الدولية في شن حرب مضادة علي تلك الأكاذيب التي تملأ منصات التواصل الاجتماعي وتساعد علي نشر الفتنة والكراهية والتربص للآخر وتُفقِد الصحفيين والإعلاميين مصداقيتهم. تقول منظمة الأممالمتحدة في "الإعلان المشترك حول حرية التعبير في مواجهة المعلومات المضللة والدعايا" الصادر العام الماضي: لقد رأينا نماذج من حولنا تدق ناقوس الخطر تجاه تعمد تشوية سمعة الإعلام وترهيبه وتهديده واتهامه بالسير وراء أجندات سياسية مجهولة ما يعرض حياة الصحفيين للخطر ويقوض المصداقية العامة في الإعلام. ويبدو أن هذا الاقتباس المثقل بالكلمات الحزينة من حال الإعلام والحرب الشعواء تجاهه مستوحي من هجوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علي الصحفيين واتهامهم بالكذب في المجمل في الوقت الذي ينشر فيه بنفسه الأخبار الخاطئة والتي تقدرها صحيفة (واشنطن بوست) بأكثر من 3 آلاف معلومة خطأ. من هذا المنطلق أصدرت العديد من الدول تشريعات وقوانين لمواجهة الأخبار المزيفة وبخاصة أثناء الانتخابات لمنع تشوية سمعة المرشحين والأحزاب السياسية وحشد الأصوات بناءً علي معلومات مضللة تستثير فيهم العاطفة لصالح أو ضد أحد المرشحين أو إحدي القضايا. في الصين مثلا. ألزمت السلطات في يونيو الماضي موقع البحث "سوجو" بحذف إعلانات لتطبيق الفيديو الشهير "دوين" بزعم أنه يمثل "إهانة للأبطال والشهداء" كما صدر العام الحالي قانونا جديدا يلزم مزودي خدمات التدوين بتأسيس آلية لمواجهة الشائعات أي أن السلطات الصينية تلقي بمسئولية تنقية الأخبار علي عاتق المدونين. لكن للصين باع طويل وتجربة مريرة في حرب الشائعات. فقد أطلقت الصين بعد وصول الرئيس شي جين بينج إلي السلطة في مارس 2013 حملة شاملة لمحاربة الشائعات الإلكترونية. وأغلقت العديد من الحسابات علي موقع التواصل الاجتماعي الصيني "سينا ويبو" وطالبت مواقع التواصل بتصحيح خطأها واعتقلت المتهمين بتضليل الرأي العام وفرضت عقوبات متعددة علي المخالفين وقادة الرأي. وفي عام 2017. أطلقت السلطات الصينية حملة جديدة تستهدف الإعلانات التجارية المضللة علي الإنترنت وانتهاك حقوق الطبع والنشر وتزييف البرامج. وفي العام ذاته صدر قانون يطالب مزودي خدمات الإنترنت بنشر الأخبار الحكومية دون تشويه أو قلب للحقائق أو حتي نشر الأخبار علي منصات التواصل الاجتماعي دون مشاركتها أو وضع روابطها من المواقع الإعلامية الرسمية كما حققت السلطات السيبرانية مع منصات التواصل الاجتماعي مثل "وي شات" و"ويبو" و"بايدو تيابا" بسبب العثور علي منشورات متعلقة بالعنف والشائعات. وقدمت الشركات بدورها اعتذارات وانتقادات ذاتية. إلي جانب التجربة الصينية القاسية التي يمكن وصفها أيضًا بالقمعية. فالعديد من الدول تبنت تشريعات أقل حدة وأكثر اعتدالاً في أوروبا وحتي في الدول النامية في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا. فقد اعتمد البرلمان الألماني في يونيو 2017 قانونًا يجرم نشر خطاب الكراهية ومواد الأطفال الإباحية والمعلومات المضللة. وبموجب القانون الجديد. يمكن أن تقع منصات التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر تحت طائلة غرامات تصل إلي 50 مليون يورو إذا ما فشلوا في إزالة هذا المحتوي غير القانوني كما يمكن تغريم مديري تلك المواقع شخصيًا بما يصل إلي 5 ملايين يورو. كما يناقش البرلمان الفرنسي منذ شهور مشروع قانونين مثيرين للجدل بحظر "التلاعب بالمعلومات" أثناء الانتخابات. ويسمح لتشريع للمرشحين أو الأحزاب السياسية بالحصول علي أمر محكمة بالمنع الفوري لنشر المعلومات الخطأ في الأشهر الثلاثة التي تسبق الانتخابات مباشرة. وفي البرازيل يناقش البرلمان حاليًا أكثر من 14 مشروع قانون يتعلق بالأخبار المزيفة. وبخاصة أن الانتخابات الرئاسية علي الأبواب وأن معركة تضليل تدور علي أشدها حاليًا بالفعل وتنص إحدي المسودات التي مُرِرَت بالفعل إلي مجلس الشيوخ علي السجن لمدة تصل إلي ثلاثة أعوام لمن ينشر معلومات مضللة علي الإنترنت متعلقة بالصحة أو الأمن أو الاقتصاد القومي أو العملية الانتخابات أو كل المواضيع التي تمس الصالح العام. وافريقيا وقّع الرئيس الكيني "أوهورو كينياتا" قانونا كاسحا لمواجهة الجرائم الإلكترونية. مثل التنمر الإلكتروني ونشر الأخبار المزيفة والبيانات المضللة أو الواهية وتوقيع غرامة تصل إلي 50 ألف دولار أمريكي أو السجن لمدة تصل إلي عامية أو كليهما.