نالت الحكومة التونسية الجديدة ثقة مجلس النواب بغالبية مريحة بعد أن حصل اخوان النهضة علي منصب وزير واحد وثلاثة كتّاب دولة ¢وكيل وزارة¢. وهو ما اعتبره البعض ثمناً بخساً دفعه الصيد للنهضة من أجل تمرير حكومته. التي وصفت بحكومة ¢الترضيات¢. من قبل أطراف اختارت المعارضة كالجبهة الشعبية. وتيارات أخري داخل النداء. مع تصاعد المطالب بإقصاء النهضة. فبعد أربع سنوات لم تعد مسألة الثورة محورية إلا لدي بعض النخب التي لا تتأثر كثيراً بتزايد أعداد العاطلين والارتفاع الجنوني للأسعار وتردي الخدمات العامة. وفي ما عدا ذلك فان الشعب الذي يجمع المواطن صاحب الدخل المحدود ورجل الأعمال الثري الذي تعطلت استثماراته منذ سنوات أصبحت مطالبه أكثر واقعية. ونجح ¢الصيد¢ في الحصول علي أغلبية بعد جولة ثانية من المشاورات حاول في الأولي تجاوز ¢النهضة¢ وتقديم تشكيلة حكومية تتجاهلها. الطريقة التي أجري بها مشاورات تشكيل الحكومة تكشف أن ¢الصيد¢ كان يحاول ان يخرج من تأثير هذا التوافق غير المعلن بين ¢السبسي والغنوشي¢. بإقصائه للنهضة والجبهة الشعبية معا من تشكيلته الأولي. ولكن يبدو أن الرياح السياسية لم تسر بسفينته كما أراد. فاضطر ان يستمع مجددا الي نصائح ¢الشيخين¢ في تعديلاته علي التشكيلة الحكومية فرحة النواب ¢الباهتة¢ عند المصادقة علي الحكومة. تعكس توجساً من عدم قدرة الحكومة علي الصمود طويلاً أمام تحديات المرحلة. ويبدو التوافق الحكومي ¢اضطراريا¢ للعديد من الأطراف. هذا التمثيل الهش لحركة النهضة ادي الي حالة من الانقسام داخل الحركة ما بين فصيل رافض للتحالف مع حركة نداء تونس ويعتبر هذا التمثيل إهانة لمكانة الحركة و قواعدها وكوادرها وبين فصيل يطمع في ما هو أبعد من الوزراء والوكلاء. فهناك عديد التغييرات والتنقلات التي ستجريها الحكومة الجديدة في مفاصل الدولة من شأنها أن تكشف عن مسار العلاقة الجديد. وبالتالي سيتحدد بناءً علي ذلك موقف حركة النهضة من دعم الحكومة برلمانيا وشعبياً. ترغب حركة النهضة من خلال مشاركتها في الحكم في تصدير للعالم أنها حركة معتدلة لا تقبل بالتطرف وحمل السلاح وانها جديرة بالحكم مستفيدة مما يحدث في البلدان الاخري التي وصل للإخوان المسلمين للحكم فيها ثم تلاشوا وبرر قائد الحركة راشد الغنوشي قبول هذا التمثيل الضعيف للحركة بقوله ¢إن البديل عن داعش والإرهاب هو حكومة التوافق¢ تقوم الحكومة الجديدة أساسا علي "ائتلاف ظرفي" أفرزته الانتخابات التشريعية ادي الي حكومات ائتلافية قائمة علي الترضيات السياسية للحصول علي الحقائب الوزارية. في ظل خلاف أيديولوجي كبير بين حزبي النداء والنهضة الاخواني. وحكومة الصيد قائمة أساسا علي المحاصصة الحزبية. حيث وضع توزيع الحقائب حسب الولاءات وحسب وعود كل حزب بالتصويت علي هذه الحكومة لذلك يري عدد من الخبراء التونسيين أن الحكومة الجديدة التي تتكون من 18 وزيرا متحزبا ينتمون لأحزاب نداء تونس و حركة النهضة و الاتحاد الوطني الحر و آفاق تونس و الجبهة الوطنية للإنقاذ الوطني تقوم علي ائتلاف "هش" قد لا يستمر طويلا. لأنها قائمة أساسا علي المحاصصة الحزبية . دون برنامج عمل واضح في محاور وتوجهات وأهداف وفي إطار هذا البرنامج يحدد تركيبة الحكومة وأسماء الوزراء ويوصف برنامج الحكومة بأنه "سطحي" ولا يتضمن سوي خطوط عريضة لا تكفي لمعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم في البلاد. وكان البرلمان التونسي وافق بأغلبية كبيرة علي حكومة الحبيب الصيد. التي أكد رئيسها أنها قائمة أساسا علي "الكفاءة ونظافة اليد". متعهدا بإقالة كل من تثبت إدانته من الحكومة.