* الإرهاب عدو خفي. يتستر بالأفكار المغلوطة والمخادعة وإلا ما وجدنا شبابًا يفجرون أنفسهم ويضيعون حياتهم طمعاً في جنة وعدهم بها شيوخ الفتنة والضلال.. فهل قتل الأبرياء وإزهاق الأرواح جهاد يقبله الله الذي نهي عن قتل النفس التي حرم قتلها إلا بالحق.. ولأن المعركة مع الإرهاب هي في أساسها معركة مع الفكر الضال المتطرف والمتجذر في بيئة لم تقاومه منذ عقود بطريقه صحيحة ومن ثم فإنها تحتاج لوقت لا يمكن التنبؤ به أو تحديده بدقة. كما تحتاج لطريقه غير تقليدية في محاربته وأدوات تتماشي مع سرعة انتشار الفكر الإرهابي في العالم وخصوصًا العربي.. الأمر الذي دعا الرئيس السيسي في أحد خطاباته الأخيرة إلي أن يقول إنه لا يستطيع وحده خوض معركة الإرهاب. فالأمر يحتاج لتوحد المصريين جميعًا علي قلب رجل واحد. فتغيير الأفكار ليس أمرًا هينًا. لا سيما الأفكار الدينية التي تستهوي بعض شبابنا تحت ضغط الإحباط والفراغ اللذين تسبب فيهما عقود من الإهمال وسوء الإدارة. لا يترك الرئيس السيسي مناسبة دون مناسبة أن يذكرنا بأن لكل منا دورًا وعليه واجب في معركة استنزاف مصر التي فرضت علينا من حلف الشر الذي لا يزال يعمل بكفاءة وتنسيق وتناغم »فأهدافهم واحدة وهي كسر إرادة المصريين وتركيعهم تمهيدًا للصعود فوق أنقاض مصر والدول العربية. ولكل مطمعه ومآربه وهذا لن يحدث أبدًا مادامت جبهتنا الداخلية موحدة .يقظة في وجه مخططات الأعداء في الداخل والخارج.. الذين لا يرضيهم أن تقوم مصر وتتعافي وتضطلع بدورها المحتوم بحكم التاريخ والجغرافيا والامتداد الحضاري والعروبي والإسلامي. وليس مصادفة أبدًا أن تستضيف أمريكا قيادات إرهابية من جماعة الإخوان الإرهابية في الذكري الرابعة لثورة يناير. وتفتح لهم أبواب الكونجرس ليشوهوا وجه مصر. وليعادوا إرادة 30 يونيو التي غيرت خريطة العالم .وأعادت التوازن لمنطقة أريد تقسيمها بعد تخريبها وهدم أعمدتها وتفتيت مقومات وحدتها وقوتها.. وليس مصادفة أن ينتقد البرادعي ما يحدث في مصر كعادته بالتزامن مع ما جري في سيناء .مطالبًا بدمج الإخوان في الحكم وهو ما يرفضه الشعب تمامًا دون أن يدين البرادعي إرهاب الجماعة وجرائمها .وليس غريبًا أن يعود القرضاوي لفتاواه التحريضية ضد جيش مصر بالتزامن مع ما يفعله أردوغان ليل نهار ضد مصر. وعودة قطر لسيرتها الأولي في معاداة مصر.وربما أسوأ وإصرار حكامها علي تشويه مصر إعلاميًا بتحريض الجزيرة عليها بعد وفاة الملك عبد الله ..وليس غريبًا أن يخرج أيمن نور من مخبئه ليلعب نفس الدور المشبوه ضد بلاده في شدتها ومحنة الإرهاب وتكالب الأعداء والخونة وتآمرهم عليها. وليس غريبًا أن يتصادف ذلك كله مع إرهاب الإخوان في ذكري الثورة ولا مع ما تفعله حماس التي تركت الجهاد ضد الاحتلال وتحارب لإعادة الإخوان لحكم مصر ولا يمكن تبرئتها مما يجري من جرائم إرهابية في سيناء. * الرئيس قطع زيارته لأثيوبيا عائدًا لأرض الوطن .فقد استشعر الرجل بحسه القيادي أن أخطر ما يواجه مصر هو النيل من الروح المعنوية للمصريين »لذلك عمد إلي الحديث معهم مرتين متتاليتين في أقل من 48 ساعة واضعًا الجميع أمام مسئولياتهم وخصوصًا الإعلام ورجال الأحزاب والمعارضة والمجتمع المدني والمؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية. طالبًا منهم تغيير المفاهيم المغلوطة والتصدي للتطرف والعنف والإرهاب» وهي المفاهيم التي تجيد جماعة الإخوان اللعب عليها وتوظيفها. وتضليل الشباب والتغرير بهم. ومن ثم فلا يترك الرئيس مناسبة دون أن يلتقي برموز وأطياف وممثلين عن المجتمع المصري والتركيز علي بث رسائل تنبيه لخطورة ما يراد لنا من كيد وشر.. والسؤال هل قامت هذه المؤسسات بدورها في تلك المعركة.. وهل تملك القدرة والأدوات والفكر والرؤية والاستراتيجية للنهوض بما يخصها في معركة استنزاف طويلة يشنها علينا أطراف متعددة بأدوات ووسائل كثيرة..؟! * مسألة الاجتهاد الفقهي وتجديد الخطاب الديني وتغيير المفاهيم المغلوطة الجامدة ليست مهمة الرئيس بل مهمة مجتمعية. مهمة صناع الفكر والثقافة. وتحتاج لجهود مؤسسية ينهض بها علماء وخبراء ورجال دين وباحثون ونخبة ومفكرون وفنانون وإعلاميون.. ربما يوجد أشخاص مجتهدون مخلصون لكن جهودهم تبقي فردية لا تؤتي ثمارها المرجوة.. ذلك أن ما مرت به مصر من أحداث وكوارث منذ اندلاع ثورة يناير يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الشعب بوعيه الفطري سابق علي نخبته. فجماهير 30 يونيو هي التي أخذت زمام المبادرة وقررت تخليص مصر من حكم الإخوان بينما النخبة تلعب علي جميع الأحبال وتحسب الخطوات بحساب المكسب والخسارة.. ولولا تلك الجماهير التي خرجت بالملايين ما تحررت البلاد من كابوس الإرهاب والفوضي والعنف السياسي ..تلك الجماهير التي آمنت بحسها التاريخي وحكمتها الحضارية بأن مصر تخوض حربًا كبري ضد الإرهاب في مرحلة تتطلب أن يقودها رجل بحجم السيسي الذي لم تأت ثقة الناس فيه ورفاقه من الجيش والشرطة من فراغ بل بالوعي والفطرة بعد ما أفلست النخبة وطفحت اختلافاتها بالانقسامات والاستقطابات الحادة التي لم تأت مصلحة مصر في صدارة أولوياتها. * لا تزال جماعة الإخوان تبث الكراهية والعنف وتدعو للقتل وتستنزف الوطن وتستعدي عليه الخارج .وتعيث فيه فسادًا دون أدني شعور بوخزة ضمير »فالدمار وقنابل العدوان تتفجر ليل نهار. مستهدفة أبرياء .مستنزفة مقومات البلد واستقراره.. ولا أدري علام يراهن الإخوان وقد لفظهم الشعب.. هل يراهنون علي تعطيل انتخابات البرلمان وتطفيش المستثمرين والسياح قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي في مارس المقبل. كنا ننتظر من الأحزاب والنخبة وكافة مؤسسات المجتمع أن تدرك خطورة الموقف وتداعياته ومخاطره علي مستقبل مصر والأجيال القادمة. وأن تسهم بدورها في التصدي للمؤامرة والعدوان الذي يشنه أعداء الخارج ومتآمرو الداخل لكنها للأسف لا صوت لها ولا دور. ولا تأثير في وقف الفتنة ومحاولات شق الصف والوقيعة بين الشعب وجيشه وشرطته. كنا ننتظر أن تشكل فعاليات المجتمع المدني جماعات مضادة تسافر للوقوف في وجه افتراءات ومزاعم آلة الإخوان التي تنشط في الخارج لتشويه مصر وإظهارها في موقف الدولة المضطربة والدعوة لعدم مساعدتها اقتصاديًا لإفشال مؤتمرها الاقتصادي.. كنا نرجو أن تشرح رموزنا الفكرية والمجتمعية وجهة نظر الشارع المصري حول ما يجري هنا وموقفه الرافض للإخوان التي تحاول الإدارات الغربية وفي القلب منها واشنطن إعادة إدماجهم قسرًا في الحياة السياسية وغض الطرف عن جرائمهم في القتل والخيانة.. كنا نأمل أن تشرح تلك النخبة حقيقة الأوضاع في مصر التي تجلت بحادث سيناء الأخير الذي جاء كاشف للمستور ولأوجه قصور دفعت الرئيس لاتخاذ قرارات حاسمة باستحداث قيادة عسكرية موحدة لسيناء تضطلع بمواجهة الإرهاب وتنمية هذه المنطقة التي جري إهمالها طويلاً حتي صارت بيئة خصبة حاضنة للإرهاب علي مساحة مترامية لا تنمية فيها ولا خدمات. وخاطب الرئيس الفريق أسامة عسكر واضعًا المسئولية في رقبته .مؤكدًا وقوف الدولة كلها معه.. فالأعباء جسيمة أكبر من أن يتحملها فرد أو جيش بمفرده ما لم يكن له ظهير شعبي وسياسي ومجتمعي. * لم ينس الرئيس دم شيماء الصباغ بل قال إنها ابنته وبالفعل أكد وزير الداخلية أن ثمة تحقيقات تجري في النيابة وسوف يقدم الجاني بيديه للعدالة. طالب الرئيس رجال الجيش والشرطة بالثأر للشهداء لكن دون اعتداء علي أبرياء طالبهم بالالتزام بالأخلاق .فبها وحدها يتحقق النصر علي هذا الفكر المتطرف لأعداء الوطن والإنسانية والحياة. الإنتاج والعمل والبناء وثورة الأخلاق ضد المفاهيم الخاطئة والانخراط في الإنتاج والصبر علي الجوع حتي نبني مصر رسائل وجهها الرئيس لمصر كلها وطالب بعدم إضاعة الوقت في جدل عقيم لن يشبع البطون الجائعة. كما طالب بتنظيم النسل وضبط الزيادة السكانية التي ينبغي أن يقابلها نمو اقتصادي وإنتاج يكفي حاجة تلك المواليد الجديدة في الرعاية والخدمات وهو ما أجاب عليه فضيلة الإمام الأكبر بأنه حلال لا شئ فيه. * بقيت مسألة أخيرة تخص المصريين العاملين في قناة الجزيرة التي تحرض ليل نهار ضد مصر بغرض إثارة الرأي العام الخارجي وتأليب المصريين ضد الحكومة ..ألا يعلم هؤلاء أنهم يخونون بلدهم في ساعة الشدة. وأن لمصر عليهم حقوق وأنهم لا يزالون يحملون جنسيتها وقد تعلموا وتربوا في خيراتها.. ألا يدري هؤلاء أنهم يحاربون بلدهم حين يصرون علي ترويج مزاعم الإفك والبهتان ووقائع كاذبة تشوه صورة الوطن.. ولماذا لا تتخذ إجراءات حاسمة ضد هؤلاء علي غرار ما فعله الزميل مصطفي الطهطاوي الصحفي بجريدة الاسبوع الذي قدم بلاغًا للنائب العام يطالب فيه بتقديم هؤلاء لمحاكمة جنائية عاجلة بتهمة الخيانة العظمي. لقد كانت رسائل الرئيس واضحة للجميع.. وقد آن الأوان للاصطفاف الوطني وكفانا عبث المتنطعين فدولة القانون والمواطنة والديمقراطية ليس معناها التساهل بل الحزم وسرعة البت في القضايا وتحقيق العدالة الناجزة والمساواة ومنع التمييز ومحاربة الفساد والإفساد ..فتلك أهم مقومات العدالة الاجتماعية والعيش والحرية وهي مطالب ثورة يناير التي ضحي من أجلها الشهداء وسرقها لصوص الثورات والمتاجرون بالأوطان. أما الرسالة الأهم فكانت لمن يمولون الإرهاب ويساعدون الإرهابيين فإن مصر تراهم ولن تترك ثأرها أبداً.